ما تداعيات المرسوم الروسي بشأن حظر بيع النفط؟

ما تداعيات المرسوم الروسي بشأن حظر بيع النفط؟

اعتبرت صحيفة "فاينانيشال تايمز" البريطانية أن المرسوم الذي وقعه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشأن فرض حظر على النفط على المشترين الذين يمتثلون لسقف السعر الذي حددته "مجموعة السبع"، "ضعيف" من بين خيارات أخرى.

وذكرت أن الخطوة تعد أقل انتقاماً من الخيارات الأكثر صرامة التي كان الكرملين يروج لها في وسائل الإعلام. وجاء المرسوم رداً على محاولات مجموعة السبع للحد من المكاسب من عائدات النفط في البلاد، والذي بموجبه يتم حظر المبيعات بموجب عقود تتوافق مع سقف السعر البالغ 60 دولاراً الذي فرضه حلفاء أوكرانيا الغربيون.

روسيا تجاهلت خطوة "مجموعة السبع"، التي تستهدف في المقام الأول التأمين على شحنات النفط، وأقامت ما يسمى بـ"أسطول الظل" من السفن التي تواصل شحن نفطها ردًا على ذلك
فاينانيشال تايمز

وقال المرسوم، الذي وقعه الرئيس الروسي ونُشر أمس الثلاثاء، إن الكرملين سيحظر بيع النفط الخام والمنتجات ذات الصلة في البلاد بموجب عقود "تنطوي بشكل مباشر أو غير مباشر على آلية حد أقصى للسعر".

كما جاء في المرسوم – الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من فبراير المقبل - أن بوتين "قد يمنح إذنًا خاصًا" لبيع النفط والمنتجات النفطية في ظروف معينة حتى إذا امتثل المشترون للحد الأقصى" وهي صياغة من المحتمل أن تمهد الطريق لروسيا لمواصلة بيع النفط الخام للمنتجين في أسواق مثل الهند والصين.

أخبار ذات صلة
أسعار النفط ترتفع بعد سقف أسعار الخام الروسي واجتماع أوبك+

وكان سقف السعر، الذي فُرض في أوائل ديسمبر الجاري، يهدف إلى تقليص التمويل للغزو الروسي لأوكرانيا من خلال استهداف عائدات النفط والغاز التي تشكل ما يقرب من نصف الميزانية الروسية.

وقالت الصحيفة البريطانية إنه من الناحية العملية لم يتم تطبيق الحد الأقصى بعد، حيث قامت موسكو ببيع خام الأورال، وهو مزيج النفط الخام الرئيسي في روسيا، بأسعار تقل عن 60 دولارًا للبرميل.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تجاهلت خطوة "مجموعة السبع"، التي تستهدف في المقام الأول التأمين على شحنات النفط، وأقامت ما يسمى بـ"أسطول الظل" من السفن التي تواصل شحن نفطها ردًا على ذلك.

التأثير العالمي "بيد بوتين"

بدورها، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن التأثير العالمي للقرار الروسي سيعتمد على ما إذا كان المرسوم الذي وقعه بوتين سيعطل الإمدادات بشكل كبير في سوق النفط العالمية وكيفية تنفيذ روسيا لذلك.

وقالت الصحيفة إن العديد من صادرات النفط الخام الروسية تباع الآن بأسعار أقل بكثير من الحد الأقصى البالغ 60 دولارًا، حيث يتم ذلك بشكل أساسي عن طريق دول مثل الهند والصين وتركيا، التي لم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو.

وأضافت الصحيفة أنه إذا قرر بوتين قطع صادرات النفط عن هؤلاء المشترين غير الغربيين، فقد يكون لذلك تأثير كبير، وتابعت أنه إذا تم استهداف الدول التي وضعت العقوبات فقط، فسيكون التأثير أكثر خفوتًا نظرًا لأنها حظرت بالفعل معظم الواردات الروسية.

روسيا صدرت حوالي 2.5 مليون برميل من خامها يوميًا عن طريق البحر في ديسمبر حتى الآن، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 22٪ عن المتوسط للأشهر الأحد عشر الأولى من العام
شركة كبلر

وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، أمس الثلاثاء، إن الاتحاد الأوروبي تبنى في يونيو الماضي حظراً كاملاً على استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية المنقولة بحراً، والتي غطت 90٪ من واردات النفط من روسيا في ذلك الوقت.

وأضافت المتحدثة أن حظر الاتحاد الأوروبي الكامل على الواردات لم يتأثر بسقف أسعار النفط الذي قررته مجموعة السبع بداية الشهر الجاري، وكانت المجر والعديد من دول التكتل غير الساحلية الأخرى قد ضغطت من أجل إعفاءات من الحظر لمواصلة استيراد النفط الروسي عبر الأنابيب، لكن بوتين قد يوقف الآن هذه التدفقات.

أخبار ذات صلة
حكومات الاتحاد الأوروبي تستكمل الموافقة على سقف أسعار النفط الروسي

وأشارت "جورنال" إلى أن الحد من السعر الذي يمكن لروسيا أن تبيع به نفطها يهدف إلى التأثير على ثقل حرب الكرملين مع استمرار تدفق النفط الروسي إلى الأسواق، وبالتالي استقرار الأسعار العالمية، لكن محللي النفط وتتبع السفن جادلوا بأن إنتاج روسيا من الخام تراجع رغم ذلك منذ دخول مجموعة العقوبات المتزايدة حيز التنفيذ.

ونقلت الصحيفة عن شركة تتبع بيانات السلع الشهيرة، "كبلر"، قولها إن روسيا صدرت حوالي 2.5 مليون برميل من خامها يوميًا عن طريق البحر في ديسمبر حتى الآن، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 22٪ عن المتوسط للأشهر الأحد عشر الأولى من العام.

وقال مات سميث، محلل النفط بالشركة، إن هذا الانخفاض يرجع على الأرجح إلى طقس الشتاء القاسي وضعف الطلب من الصين. وأضاف: "انخفض عدد المشترين للخام الروسي المنقول بحراً بشكل كبير".

وجاء المرسوم الروسي في أعقاب إعلان وزير الطاقة في البلاد، ألكسندر نوفاك، الأسبوع الماضي أن موسكو يمكن أن تخفض إنتاجها النفطي استجابةً للحدود القصوى للأسعار الغربية، ما يخفض إنتاجها بمقدار 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميًا بحلول أوائل العام المقبل.

توقع "معهد التمويل الدولي"، وهو مجموعة مراقبة مصرفية، أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 15٪ بحلول نهاية العام الجاري، و3٪ إضافية العام المقبل

في غضون ذلك، تستعد الدول الأوروبية لحظر يبدأ في فبراير المقبل بشأن المنتجات البترولية المكررة، مثل الديزل، والذي يتوقع بعض المحللين أن يكون له تأثير أكبر على الأسواق العالمية، كما ستفرض الدول الغربية سقوفًا لأسعار المنتجات البترولية الروسية في الشهر نفسه.

ونقلت "الجورنال" عن بول شيلدون، وهو خبير في المخاطر الجيوسياسية، قوله إن صراع الطاقة الجاري جنبًا إلى جنب مع الحرب في أكرانيا قد ساهم في "قدر غير مسبوق من عدم اليقين على جانب العرض وما نتج عنه من تقلبات في أسواق النفط".

2023.. العام الأصعب للاقتصاد الروسي

وفي موسكو، ذكرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن روسيا تستعد للعام الأكثر تحدياً مع ظهور عجز في الميزانية وسط الحرب في أوكرانيا، حيث قال نائب رئيس الوزراء أندريه بيلوسوف، أمس، إن ميزانية البلاد لعام 2023 ستفرض تحديات مالية غير مسبوقة.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن العجز هذا يرجع إلى كل من الحرب، التي تدخل الآن شهرها الحادي عشر، والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى الموالية لأوكرانيا.

وكان مسؤولون روس بارزون قد أعربوا، في يونيو الماضي، عن قلقهم بسبب العقوبات. كما توقع "معهد التمويل الدولي"، وهو مجموعة مراقبة مصرفية، أن الاقتصاد الروسي سينكمش بنسبة 15٪ بحلول نهاية العام الجاري، و3٪ إضافية العام المقبل.

أخبار ذات صلة
خبير: الاقتصاد الروسي لا يواجه كارثة لكن عقوبات الغرب مؤثرة

وفي مقابلة مع أحد القنوات التلفزيونية الروسية، قال بيلوسوف إن العام المقبل "سيكون صعباً بالنسبة لنا فيما يتعلق بالتمويل، أي أننا وضعنا ميزانية العجز للعام المقبل، ونتفهم مقدار الاقتراض"، وأضاف: "تم الاتفاق على كل ذلك مع بنك روسيا، هذا الشكل الصارم يتوقع تحديد الأولويات الصارمة للنفقات والمشروعات".

ووفقاً لتقرير "نيوزويك"، ورد أن سقف أسعار النفط الروسي الذي فرضته مجموعة الدول السبع، بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي وأستراليا، يتسبب أيضًا في أزمة اقتصادية بسبب نقص دخل الصادرات.

قد يكون من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لتأثير سقف أسعار النفط الروسي إلا أن الدلائل تشير إلى أن الاقتصاد الروسي "بدأ يشعر بالضيق"
خبراء اقتصاد

من جانبه، قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، أمس إن عجز الميزانية الروسية قد يتجاوز في الواقع نسبة 2% المتوقعة، مما يفرض مزيدًا من عدم اليقين المالي وسط استمرار التكاليف التي تُنفق على العمليات العسكرية في أوكرانيا.

وفيما يتعلق باحتمال حدوث عجز أكبر في الميزانية، صرح سيلوانوف: "هذا ممكن إذا كانت الإيرادات أقل مما هو مخطط له،" موضحاً أن المخاطر التي تقلق الاقتصاديين خلال العام المقبل تقتصر على "الأسعار والقيود". كما ألمح إلى تغير ظروف الاقتصاد الكلي، مشيرًا إلى ارتفاع التضخم والمزيد من الموارد المطلوبة لدعم الأسر الروسية.

ونقلت "نيوزويك" عن خبراء اقتصاد قولهم إنه قد يكون من السابق لأوانه إجراء تقييم كامل لتأثير سقف أسعار النفط الروسي الذي دخل حيز التنفيذ في وقت سابق من هذا الشهر، ومع ذلك، صرح المصدر أن الدلائل تشير إلى أن الاقتصاد الروسي "بدأ يشعر بالضيق".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com