أزهر جرجيس
أزهر جرجيس

الكاتب العراقي أزهر جرجيس: أكتب عن الهمّ الإنساني دون استغراق بالتفاصيل

وصلت رواية "حجر السعادة" للكاتب العراقي أزهر جرجيس إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية البوكر، والتي اختار فيها الكاتب أن يسلط الضوء على قضية التنمر كمرض اجتماعي مستشرٍ له تداعيات وخيمة.

ويشير أزهر جرجيس، في حواره مع "إرم نيوز"، إلى أن الهم الإنساني يدفعه للكتابة دون الاستغراق في التفاصيل، وهو ما جعله يتطرق إلى قضية التنمر التي تسبب شرخًا نفسيًا للمتضرر يصعب رتقه".

وأزهر جرجيس كاتب وروائي عراقي صدر له عدة أعمال منها "فوق بلاد السواد"، و"صانع الحلوى"، و"النوم في حقل الكرز" و"حجر السعادة".

في العراق الفن مزدهر، لا سيما على مستوى التشكيل والمسرح والفوتوغراف، ولا بأس أن يأخذ دوره في مواجهة القضايا التي يُراد لها أن تظل شائكة ومعلّقة.
أزهر جرجيس

لماذا اخترت إثارة قضية التنمر في رواية "حجر السعادة"؟ وكيف استوحيت من خلالها قصة الرواية؟

التنمر مرض اجتماعي عضال، يفتك بالروح الإنسانية ويجعلها، في الغالب، محطمة، وهذا ما دفعني للكتابة عنه.

لطالما استفزني تنمّر "الأقوياء" أو مَن يظنون أنفسهم كذلك، وما ينتج عن ذلك من شرخ نفسي لدى الأطفال يصعب رتقه، على أن الأمر لا يقتصر على الصغار فحسب، بل الكبار، أشخاصًا ودولًا، يتنمرّون على مَن هم أدنى منهم حولًا وقوة، فيحيل العالم الإنساني إلى غابة يلتهم فيها القوي الضعيف.

غلاف رواية "حجر السعادة" للكاتب العراقي أزهر جرجيس
غلاف رواية "حجر السعادة" للكاتب العراقي أزهر جرجيس

بدأت الرواية في النرويج، وأنهيتها في بغداد حسبما ذكرت.. كيف تعاملت مع هذا التناقض في المكان؟ وهل أثر ذلك على أحداث الرواية؟

ليس هنالك ثمة تناقض. أنا أكتب عن الهمّ الإنساني بشكل عام دون الاستغراق في التفاصيل، وما المكان سوى حاضنة؛ لقد ولدت في العراق وعشت صباي هناك، ثم انتقلت للعيش في النرويج دون التنازل عن هويتي ولا الذكريات التي يختزنها رأسي.

في "حجر السعادة"، لا تحضر الغربة بعنوانها العريض، لكن غربة الروح هي الحاضرة بالنسبة لبطل الرواية، كمال توما. لذا، لم يؤثر الانتقال على سير الأحداث، بل جعلها أكثر صدقًا حيث التجوال في الموصل وبغداد، أمكنة الرويّ، والحرص على المشاهدة العينية وتدوين التفاصيل التي قد تفوتني لو لم أعد إلى العراق لإتمامها.

أخبار ذات صلة
الكاتب الإماراتي جمعة الليم: إحياء التراث مهمة كل مثقف

سلطت الضوء على مفهوم السعادة بين رؤية الفلسفة اليونانية لها ومتغيرات الواقع.. كيف تتحقق السعادة اليوم حسب تقديرك استنادا لقصة البطل؟ هل في الابتعاد عن السياسة؟

قد لا يختلف اثنان حول ما تفعله السياسة، وما تخلقه من حالة تشظٍ تعتاش عليها، غير أن الابتعاد عنها لا يكفي لجعل المرء سعيدًا. نعم، ربما يجعله مرتاحًا بعض الشيء، لكنه بحاجة للعيش في بيئة مسالمة يسودها القانون وتحكمها اللوائح.

السعادة بالنسبة لي هي أن يعيش المرء مسالمًا في محيط مسالم، إذ لا معنى لأن يسير قرب الحائط في أزقة مفخخة بالضغائن والكراهية.

الكاتب العراقي أزهر جرجيس مع ملصق رواية "النوم في حقل الكرز"
الكاتب العراقي أزهر جرجيس مع ملصق رواية "النوم في حقل الكرز"

الفن كان حاضرا في الرواية حيث كان مصدرا لحماية الخير وإنقاذ البطل من عدوانيته.. هل هي رسالة بأن الفن يلعب دوره في مواجهة قضايا المجتمع العراقي الذي عانى من ويلات العنف والتطرف؟

يقول ألبير كامو إن "طريق الحياة وعرٌ ما لم يساعدنا الفن على اجتيازه". وهذه برأيي مقولة تختصر أهمية الفن في حياتنا.

لقد ساعد الفن الكثير من الشعوب على اجتياز محنها، كما أنه ترياق جيد لترميم النفس البشرية حين يطالها الخراب.

في العراق الفن مزدهر، لا سيما على مستوى التشكيل والمسرح والفوتوغراف، ولا بأس أن يأخذ دوره في مواجهة القضايا التي يُراد لها أن تظل شائكة ومعلّقة.

غلاف رواية "صانع الحلوى" للكاتب العراقي أزهر جرجيس
غلاف رواية "صانع الحلوى" للكاتب العراقي أزهر جرجيس

رواية "حجر السعادة" وصلت للقائمة القصيرة لجوائز البوكر 2023.. كيف تسهم الجوائز الأدبية في تحفيز الكتابة والكتاب وإنعاش الحركة الثقافية عمومًا؟

للجوائز الأدبية دور كبير في إثراء القراءة، وهذا بحد ذاته مؤشر على أهميتها في إنعاش الحركة الثقافية بشكل عام.

هنالك ضوء لا يمكن لأي شخص إنكاره، تسلطه هذه الجوائز على الكتاب، بما يسهم في انتشاره، ووصوله إلى أكبر عدد من القراء، لكن علينا دائمًا أن نتذكر بأن حصول عمل أدبي على جائزة ما لا يعد حكمًا قطعيًا بجودة العمل، فهنالك العديد من الأعمال الجيدة لم يحالفها الحظ لدخول السباق، والعكس صحيح أيضًا.

من واجبي الكتابة عن التفاصيل التي ما زالت آثارها باقية حتى اللحظة، فالكتابة فن، والفن ترياق لشفاء الأدران كما اتفقنا.
أزهر جرجيس

المتاهة السردية والسخرية اللاذعة والكوميديا السوداء حاضرة في رواياتك وقصصك إضافة إلى المزج بين المتخيل والواقعي.. هل تعتقد أن هذه العناصر ضرورية لإثبات قدرة الكاتب على الإبداع في القص؟

لا أعتقد بأن هنالك عنصرًا أكثر ضرورة للكاتب من الصدق في الكتابة. الصدق في الكتابة هو ما يجعل النص سائغًا، كحد أدنى، لدى القارئ، وأعني هنا القارئ النوعي الذي لا يقرأ تحت تأثير الأحكام المسبقة إيجابية كانت أم سلبية.

أما السخرية والمتاهة والكوميديا السوداء فهي ليست، بالنسبة لي، غاية ينتهى إليها النص، قدر ما تكون وسائط أوظفها لمنحه الحيوية اللازمة، وقدر ما تمكنني من قول الممنوع بطريقة أكثر أمانًا.

أي طموح لمشروعك الروائي، ما الذي ستستنطقه مستقبلا لنقل معاناة العراقيين في ظل ما يشهده البلد من متغيرات؟

لقد مرّت على العراق ويلات أقسى من أن تعد، وما زال هنالك الكثير من القصص لم يُكتب عنها بعد. أنا ولدت على أعتاب حرب، وعشت صباي خلال حرب ثانية، والشباب في ثالثة، وهكذا حتى وجدت شريط الذاكرة ممتلئًا بالحروب والويلات.

لهذا أجد أن من واجبي الكتابة عن تلك التفاصيل التي ما زالت آثارها باقية حتى اللحظة، فالكتابة فن، والفن ترياق لشفاء الأدران كما اتفقنا.

أخبار ذات صلة
الروائي سعد القرش: "لا يصح للمؤلف الدفاع عن كتابه لأنه لم يعد يخصه"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com