الفيلم الإسباني "Below Zero".. صراع البقاء ونداء الواجب
تطرق فيلم التشويق والحركة الإسباني "Below Zero" (تحت الصفر) الصادر، مطلع العام 2021، إلى الصراع المرير من أجل البقاء، وتحديات القصاص، ونداء الواجب، في إطار من الغموض.
وتدور أحداث الفيلم حول المصاعب المترتبة على نقل سجناء، منهم الخطير ومنهم ما دون ذلك، لينجرف المُشاهد في التفاعل مع الشخصيات متعاطفًا مع عناصر الشرطة حينًا، ومتحيزًا لبعض السجناء أحيانًا أخرى.
ويبرز في الفيلم الخط الدرامي المتعلق بسرد تفاصيل عن حياة الشرطي مارتن سالاس الذي يعاني من نقص الخبرة في مثل تلك المهمات الخطيرة.
وترتفع نسبة التشويق بعد مرور الدقائق الأولى للعمل، لتبرز خطورة الموقف، مع قراءة عناصر الشرطة لملف أحد أخطر السجناء، وهو رئيس عصابة عالمية في تجارة الجنس، وتهريب الأسلحة.
وتعطي إيحاءات عناصر الشرطة في تفاعلهم مع ماضي السجناء إحساسًا بالخطر المقبل المرافق لهذا النوع من المجرمين.
وتبعث الأجواء العامة للفيلم على التوتر، إذ تسير الحافلة في طريق ضبابي، وسط طقس بالغ البرودة بدرجات حرارة منخفضة جدًا، ليزداد عنصر الغموض بتوقف الحافلة المفاجئ، بعد أن قطع طريقها عدو مجهول يبقى غامضًا حتى نهاية الفيلم، ويصبح الخوف سيد الموقف.
ويرى الشرطيان نفسيهما وحيدين مع مجموعة من السجناء التواقين للفرار، بعد أن تقطعت بهم السبل، مع غياب أي وسيلة اتصال لطلب الدعم، فضلًا عن مصرع عناصر الدورية المرافقة لهم.
ويبرز في لحظات العمل الخطيرة، نوازع النفس البشرية، ليعيش مارتن صراعًا داخليًا، بين غريزة البقاء والنجاة بنفسه، وبين نداء الواجب، لتتحول مبادئ الشرطي الرامية إلى تطبيق القانون إلى رغبة إنسانية ملحة في الحفاظ على حياة السجناء.
وجاءت إضاءة العمل معتمة وخافتة، لتنتقل الكاميرا بين الطريق المظلم الضبابي المقطوع والشاحنة بإضاءتها البيضاء الرتيبة، ثم الحمراء الموحية بالخطر، ما يهيئ المُشاهد للحظات متشنجة مصيرية.
واستعان المخرج بموسيقى تصويرية باهتة منخفضة، تتظافر مع الإنارة المتوترة، وحركة الكاميرا المتشنجة، معطية إيحاء بالاحتجاز، والتورط في الأحداث المرعبة.
ونجح المخرج بتسخير البيئة المحيطة لبث شعور بالبرد القارص، في حين جاء أداء الممثلين متناغمًا مع رؤيته، حيث يصل الجليد إلى عروقك وأنت تشاهد الفيلم بما يتواءم وعنوانه"تحت الصفر".
وعلى الرغم من البداية اللافتة للفيلم، ونجاح مشاهد التشويق والغموض، إلا أن نهايته لم ترقَ إلى المستوى المطلوب، إذ كان من المنتظر منها أن تجيب عن سلسلة تساؤلات يطرحها العمل.
وبقيت بعض الثغرات دون حل منطقي، ما يُبرِز بعض مواطن الضعف في الحبكة، ويطرح تساؤلات مشروعة عن الغياب غير المبرر للدعم على الرغم من تأخر وصول الحافلة إلى وجهتها في الوقت المحدد، فضلًا عن عدم وجود تفسير منطقي لإعادة إقلاع الحافلة بإطارات مثقوبة.
واللافت في الفيلم غياب العنصر النسائي، ما يزيد في حدته ويتناسب مع مشاهده المتخمة بالعنف والرغبة الجامحة في الانتقام والثأر.
وفيلم "Below Zero" من إخراج وسيناريو لويس كويليز، وشارك في كتابته فرناندو نافارو، وهو من بطولة النجم خافيير غوتيريز، الذي أصبح وجهًا مألوفًا ومحببًا لعشاق السينما الإسبانية خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وشارك في بطولته أيضًا: كارا إليخاند، ولويس كاليجو، وباتريك كريادو، وأليكس مونير، ومايكل جلبرت، وإدغار فيتورينو.
