الأديب الكويتي سعود السنعوسي
الأديب الكويتي سعود السنعوسي

روايات الكويتي سعود السنعوسي.. آفاق جديدة في الأدب الخليجي

سعى الروائي الكويتي سعود السنعوسي منذ بدايته لأن يترك بصمته الخاصة في خارطة الأدب العربي، والخليجي خصوصاً، لذا رسم لنفسه خطاً بيانياً متصاعداً باستمرار، وباتزان فكري وتحليل عميق، وبلغة سردية فريدة، جاعلاً من رواياته فتحاً جديداً بمواضيعها ومحتواها الإنساني وأسلوبيتها، ما حقق له اعترافاً نقدياً وجماهيرية كبيرة عند القراء العرب.

بدايات السنوسي الأدبية كانت منذ طفولته، إذ كتب عام 1990، وكان في التاسعة من عمره، قصيدةً توضح مدى القلق الذي انتابت أسرته أثناء الاحتلال العراقي للكويت، ومن ذلك الوقت التفت إلى قراءة الروايات الكويتية، وخاصةً ما كتبته ليلى العثمان وإسماعيل فهد إسماعيل، وهو يعتبره أستاذه والشخصية المؤثرة في حياته أدبياً وإنسانياً، لدرجة أنه استهل روايته "ساق البامبو" بمقوله له: "علاقتك بالأشياء مرهونة بمدى فهمك لها".

وفي أحد حواراته قال مخاطباً إسماعيل: "لم تعلمني كيف أكتب؟ إنما علمتني ما هو أهم، حينما تعلمت منك كيف أمحو؟ كيف أجهض نصاً من دون أن أعض على أصابعي ندماً على كلمات كتبتها، وأنا الذي راقبتك مفجوعاً تمزق أوراقاً لا عدد لها".

السنعوسي ترك بصمته الخاصة في خارطة الأدب العربي والخليجي خصوصاً، ورسم لنفسه خطاً بيانياً متصاعداً باستمرار

بدأ بعدها بقراءاته من الأدب العربي وأعجب خاصةً بتوفيق الحكيم، وعلى الصعيد العالمي تأثر كثيراً بفيكتور هيجو، وخاصةً رواية البؤساء، كما استهوته أعمال الروائي الأمريكي بول أوستر، بـ"قدرته على أن يضرب عرض الحائط بكل ما هو متعارف عليه من قوانين الرواية لكي يقول ما يريد بالطريقة التي يرغب" كما يقول.

كما أعجبه الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو "الذي يشرك قارئه على نحو أو آخر"، والتعبير لسنعوسي، هذا إلى جانب اطلاعه الكبير على مختلف صنوف الأدب بمنابعها المختلفة.

هضم كل ذلك لينتقل إلى الكتابة في الصحف والمجلات العربية، ومن أبرزها جريدة الوطن، وجريدة القبس، ومجلة العربي، ومجلة الكويت، ومجلة الأبواب وغيرها من المجلات العربية، والثناءات التي وصلته جعلته يبحر في الكتابة أيضاً ليصدر أول أعماله الروائية بعنوان "سجين المرايا" (الدار العربية للعلوم ناشرون ش.م.ل، بيروت) وهو بعمر التاسعة والعشرين.

وتتحدث هذه الرواية عن الوطن، والآخر، والمحتل، والعقاب والثواب، والقيم والمثل، والحزن والوحدة، والذكريات والتداعيات.. وهي في مجموعها خطابات ورسائل يُفصِّل فيها السنعوسي تصوُّرَه حول مسألة الذات، معتمداً على التحليل النفسي، محاولاً ابتكار أسلوبية خاصة في القص، جعلته ينال عن روايته جائزة ليلى العثمان الكويتية لإبداع الشباب في القصة والرواية بسبب ميزاتها وخصائصها.  

تلا ذاك العمل بعامين رواية "ساق البامبو" عن الدار ذاتها في عام 2012، التي عالجت إشكاليات العمالة، إلى جانب قضية البدون.

وفازت الرواية بجائزة البوكر العربية في نيسان/ أبريل 2013، ونصت ورقة لجنة التحكيم على أنها "رواية تقتحم منطقة جديدة وهي محكمة البناء، تتميز بالعمق وتطرح سؤال الهوية في مجتمعات الخليج".

غلاف رواية "ساق البامبو" للكاتب الكويتي سعود السنعوسي
غلاف رواية "ساق البامبو" للكاتب الكويتي سعود السنعوسي
من أهم أعمال السنعوسي رواية "ساق البامبو" التي عالجت إشكاليات العمالة إلى جانب قضية البدون في الكويت

الرواية الثالثة لسنعوسي هي "فئران أمي حصة" (2015) وتحكي عن قصة صداقة جمعت بين صادق الشيعي وأسرته وفهد السنّي وأسرته، وينضم إليهم لاحقاً ضاوي المتشدد دينياً، وأيوب البعيد عن الدين، وجمعت الصداقة هؤلاء الأطفال قبل أن يعرفوا اسماً للدين سوى الإسلام، ولكن الأمور كلها تتغير مع غزو صدام للكويت وتحريرها فيما بعد.

رابع رواياته هي "حمام الدار: أحجية ابن أزرق" التي نشرها عام 2017، والتي تعج بالرموز، ويعالج فيها قضية الوجود والعدم، الحقيقة والخيال، الغياب والحضور، ثبات المعتقدات وتغيرها، وغير ذلك، ورغم صعوبة قراءاتها إلا أن الناس والنقاد أقبلوا عليها لجدة طرحها وتقنياتها غير المألوفة، ولغتها الجميلة، مما جعلها تتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في العالم العربي في عام صدورها.

أما رواية "ناقة صالحة" الصادرة عام 2019 عن الدار العربية للعلوم ناشرون ومنشورات ضفاف، فتروي ثقافة الصحراء بكل ما تحمله من تجليات وخصوصية، إذ استرجع السنعوسي من خلالها رحلات الصحراء، وظروف العيش فيها، إلى جانب تخصيصه الحديث عن بادية الكويت منذ مطلع القرن العشرين وحتى عام 1941م، والحروب والصراعات التي دارت في هذه الفترة، مناقشاً قضية الهوية ومعنى الوطن، مع التعبير عن مشاعر المغتربين والمحبين الفاشلين بصورة رائعة.

ونظراً لميزاتها، اختيرت ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الرابعة عشر بفرع المؤلف الشاب.

أخبار ذات صلة
الشاعرة نجاة الظاهري: الأدب الإماراتي رصين له تاريخه وامتداده
نال السنعوسي جوائز عدة وتُرجمت أعماله للإنجليزية والتركية والفلبينية، ولكنه يرى أن الأهم من الجوائز هو كسب ثقة القارئ وأن يكتب كتابة تليق بوطنه.

لم يكتف السنعوسي بكتابة الرواية بل توجه إلى القصة أيضاً، وشارك في مسابقة "قصص على الهواء" التي تنظمها مجلة العربي الكويتية بالتعاون مع إذاعة "بي بي سي" العربية، وفاز بالمركز الأول وذلك عن قصة "البونساي والرجل العجوز"، وذلك في تموز/ يوليو2011.

كما أنه لم يغب عن المسرح، إذ قدم عمله المسرحي الغنائي "مذكرات بحار" في العام 2019 وهو مأخوذ عن الأوبريت الغنائي "مذكرات بحار" للشاعر محمد الفايز، وبعده بعام عرضت مسرحيته "نيو جبلة" بمشاركة الفنانين سعد الفرج وعبد الرحمن العقل.

حاز السنعوسي إلى جانب الجوائز السابقة على لقب شخصية العام الثقافية/ جائزة محمد النبكي في العام 2016 في مملكة البحرين، كما ترجمت أعماله إلى الإنجليزية والتركية والفلبينية وغيرها، لكنه ظل يرى أن الأهم من الجوائز هو كسب ثقة القارئ، وأن يكتب كتابة تليق بوطنه.

لم يغب السنعوسي عن المسرح، إذ قدم عمله المسرحي الغنائي "مذكرات بحار" في العام 2019، وهو مأخوذ عن الأوبريت الغنائي "مذكرات بحار" للشاعر محمد الفايز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com