فيلم "موسيقى رجل الجاز الحزينة".. استعراض لماضي انتهاكات ضد العرق الأسود في أمريكا
فيلم "موسيقى رجل الجاز الحزينة".. استعراض لماضي انتهاكات ضد العرق الأسود في أمريكافيلم "موسيقى رجل الجاز الحزينة".. استعراض لماضي انتهاكات ضد العرق الأسود في أمريكا

فيلم "موسيقى رجل الجاز الحزينة".. استعراض لماضي انتهاكات ضد العرق الأسود في أمريكا

يستعرض المخرج الأمريكي تايلور بيري معاناة العرق الأسود مع اضطهاد وكراهية البيض، في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال أربعينيات القرن الماضي، عبر قصة حزينة وأحداث درامية رومانسية، من خلال فيلم "jazzman blues" المنتج عام 2022، والمعروض على نتفليكس حاليا.

وتدور أحداث الفيلم الدرامي حول الرجل الريفي الأسود بايو (جوشوا أبوت) الذي ينشأ في عائلة فقيرة حنوب أمريكا، في ولاية جورجيا، وتعمل العائلة كفرقة فنية متجولة من أجل كسب قوتها.

ولا يكون على بايو مواجهة التمييز العنصري من البيض قط، بل مواجهة تمييز الأب أيضا، فكان أخوه ويلي (اوستن سكوت) المفضل لدى الأب، حيث علمه العزف على آلة النفخ، واعتنى به ليكون فنانا، فيما أهمل بايو رغم جمال صوته، فنشأ بشخصية مهتزة، مترددا ضعيفا، لكنه يعثر على ليان (سيولا بيفيفير) لتكون نقطة انقلاب في حياته فيما بعد، وتكون سبباً في مصير لم يكن متوقعاً.

مشهد استهلال

تكون البداية مع مقابلة إذاعية لرجل سلطوي، يدعى "جوناثان" يلقي خلالها عبارات تقلل من بشاعة العنصرية ضد السود في أمريكا، ويسخر من ادعاءات المناهضين للعنصرية، في محاولة لمحو التاريخ السيئ في هذا الإطار.

ويكون المشهد التالي مواجهة لهذا الرجل في مكتبه أمام امرأة عجوز، مهترئة الوجه، وقد ملأ الحزن ملامحها، وتسلمه مجموعة من الأوراق والرسائل، بعضها يتضح عليه آثار الانثناء، وكأنها كانت على شكل طائرات ورقية.

وعلى طريقة البيروقراطية الباردة يسخر المدعي العام من السيدة حينما تطلب منه التحقيق في جريمة قتل حدثت عام 1947، ويجيبها: "أتريدين مني البحث في حدث تم قبل 40 عاما".

إطار داخلي

لكن نظرة الفضول من قبل المدعي العام على الأوراق، وأشكالها، تنقلنا لكادر سينمائي جديد، على طريقة إطار داخل إطار، عبر سرد يسترجع حدثا تاريخيا لطالما عانت منه البشرية، عبر قصة حزينة تسرد اضطهاد العرق الأسود، وكراهيتهم، من قبل البيض.

صفقة

لم يكن بايو يكف عن الحلم، بالرغم من الضعف في شخصيته، الذي تعزز فيه بفعل قسوة أبيه معه، فكانت ليان هي ملجأه، يروي لها أحزانه، ويغني لها في البراح الريفي الباهر.

لكنه حينما أراد الزواج منها، كان جدها وأمها عقبة أمام هذا الحب، لتنتقل ليان للشمال وتتزوج من مأمور سلطوي أبيض، في صفقة حبكتها  أمها للهرب من الإفلاس، وتعويض عجزها المالي.

لكن بايو لم يكف عن حبها، وبقي يرسل لها الرسائل الممنوعة من الوصول، التي كانت أمها تتسلمها وتخفيها، وبقي الحب الكبير بينهما رغم الحواجز الاجتماعية القاسية.

الكشف عن السر الدرامي 

وبقيت الحيلة الدرامية الشائكة التي جاء بها السيناريو وسيلة تحفيز للمشاهدة طيلة الأحداث، من خلال العنصر الخفي حول الكيفية التي سيؤول إليها بايو بالرغم من تقديم النهاية من أول مشهد، بحدوث جريمة قتل في حق الرجل الأسود. وهي مجاهرة بالنهاية جعلت المخرج في تحد صعب منذ البداية، بإفشاء سر نهاية الفيلم.

كان بايو بطبيعته الحالمة يلاحق عاطفته وشغفه للحياة، ولم يكترث لقوانين المجتمع المجحفة بحقه وحق العرق الأسود، وانطلق نحو الغناء وفي ذاكرته ليان، وبقي يكتب لها الرسائل على الطائرات الورقية، التي بقيت رمزا لعلو الحب طيلة مجريات الأحداث.

سر خاص

أما ليان فامتلكت سرها الخاص، من خلال إخفائها كونها امرأة سوداء، بفضل ملامحها المائلة لشكل البيض، ولونها المائل للقمحي، فكان زواجها خدعة كبيرة لزوجها، وكأنها كانت تنام في بيته على سرير من الصخر، وبقيت تحلم باليوم الذي تعود به لعشيقها بايو، فكانت تتسم شخصيتها بالتهور والاستسلام لعاطفتها، ولا مبالاتها تجاه كونها زوجة رجل سلطة أبيض، ولطالما كانت حياتها مهددة بالمخاطر.

نسخة بديلة 

لكن، جاءت النسخة البديلة عن ليان في نهاية الأحداث، امرأة عجوز، تمتلك بشرة بيضاء ناصعة، وهي صفات لم تتوفر في ليان خلال نسختها في شبابها، هذه المرأة العجوز كانت تطورًا في منحنى شخصية ليان، التي بقيت تحن لعشيقها طيلة عمرها، لكن السيناريو تعامل مع شخصيتها كمغامرة، مع إبقائها دوما في منطقة الأمان، فكان أقسى خساراتها فقدان حبيبها، في حين لم يمس جسدها أي أذى، حتى ابنها جوناثان، ذو البشرة الداكنة، لم يُظهر السيناريو ردة فعل زوجها، وهل فعلا اكتشف سرها أم لا.

 عداوة الأخ

أما ويلي الأخ، فكان الرجل السيئ الطباع، الماهر في العزف على الجاز، المدمن على المخدرات، وكانت خطوته بالسفر لشيكاغو السبب في العثور على آرا، المسوق للفنانين في المدن الكبرى، وهو من كان سبب شهرة بايو في ما بعد.

لكن أحقاد ويلي لم تتوقف بسبب نجاح أخيه وتفوقه في الشهرة عنه، فكان هو من يكيد في ما بعد لإسقاطه في الخطر.

مظاهر التمييز 

ويكشف الفيلم عن بعض الممارسات التي عانى منها العرق الأسود من البيض في أمريكا، حيث يمنع الأسود من الجلوس أمام الأبيض، كما يتم إغلاق المسارح في وجه السود، حيث اقتصرت المتعة والرفاهية فقط على العرق الأبيض، وكذلك ظهرت الإهانات والاعتداءات الوحشية ضدهم، وتطبيق الأحكام الجائرة بحقهم وتعليقهم على المشانق دون محاكم.

وتميزت الحوارات بين الشخصيات بالشاعرية في الكثير من الأوقات، بالإضافة إلى موسيقى الجاز والغناء المعبر عن القصص الحزينة للإنسان في المناطق الريفية في ولاية جورجيا الأمريكية.

كلاسيكيات 

فيما تميزت الكوادر بالديكورات الكلاسيكية التي اشتملت الإضاءات الكيروسينية والبيوت الخشبية والأكواخ الريفية للسود، بينما ظهرت البيوت الفارهة الإسمنتية التي سكنها البيض، كما ظهرت أعمدة النار التي كان يستخدمها البيض في مهاجمة السود في القتال وقت احتدام الأحداث.

هولوكوست

وكما المعتاد في القصص الغربية، تظهر قصة اليهود وتفاصيل حول محرقة الهولوكوست، مع النازية الألمانية، حيث كان "آرا" مدير أعمال بايو، وهو أحد الناجين من المحرقة، هو طريقة السرد لذلك، وأراد المخرج أن يقرن معاناة العرق الأسود بمعاناة اليهود قديما، لكن هذا بدا مبتذلا، بطريقة قفزة المفاجأة للنص السردي والأحداث.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com