في فيلم "مواجهة"..  تجسيد متقن لاضطراب ما بعد الصدمة
في فيلم "مواجهة".. تجسيد متقن لاضطراب ما بعد الصدمةفي فيلم "مواجهة".. تجسيد متقن لاضطراب ما بعد الصدمة

في فيلم "مواجهة".. تجسيد متقن لاضطراب ما بعد الصدمة

في إطار من التشويق والدراما والغموض، يتناول الفيلم البريطاني الأمريكي "مواجهة/Encounter" الصادر مطلع ديسمبر/كانون الأول 2021، اضطراب ما بعد الصدمة، محاولا تقديم فهم مبسط عنه.

خيال علمي

وتروي أحداث العمل سيرة حياة مالك خان، الضابط السابق في القاعدة البحرية الأمريكية، المنفصل عن زوجته.

ويقدم الفيلم مالك وهو يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، إثر مشاركته في حرب عنيفة، لننتقل إلى الحدث الرئيس للعمل مع هبوط جسم مشتعل من الفضاء الخارجي.

ومع وقوع الجسم الغريب على كوكب الأرض تتناثر طفيليات مجهولة في غلافنا الجوي، لتبدأ باختراق أجساد البشر، ما يعرض الحياة على الكوكب لخطر قاتل.

ويدخل مالك إلى خط المواجهة بعد استشعاره الخطر المحدق بعائلته، مع انتشار الطفيليات المفرد في المحيط الجوي.

آثار الحرب

ويتطرق العمل إلى الرحلات العسكرية البعيدة في عصرنا الراهن، المستمرة لعقود، إذ أصبحت آثار الحروب الوحشية متأصلة في نفوس المحاربين القدامى العائدين إلى الديار وهم يحملون ندوب صراعات مترسخة في وجدانهم وأجسادهم.

ويتعمق الفيلم في شق الاضطرابات النفسية والعاطفية التي تسببها الحرب، لنرى أن صدمات الحرب لا تؤثر على الحالة العقلية للشخص فحسب، بل تؤثر على محيطه أيضا وجميع من يحبونه ويهتمون لأمره.

ومع تخصيص الحالة، يركز الفيلم على ما يعانيه مالك، وسط حاجته الملحة لتلقي الرعاية الصحية والنفسية ليتمكن من التعامل مع تداعيات خدمته العسكرية.

وعلى غرار كثيرين من المحاربين القدامى الأمريكيين، يفشل مالك في تلقي المساعدة، مع تصاعد حالة القلق الداخلي إزاء المخاطر المحدقة بعائلته جراء الغزو الفضائي غير المتوقع، فيتحول مع تراكم الضغوطات إلى شخص خطير على نفسه وعلى محيطه.

العدو الخارجي

وتبدو الطفيليات في البداية وكأنها أمر طبيعي غير خطير، إلى أن تبدأ التأكيدات على أنها تشكل تهديدا حقيقيا لكائنات الكوكب.

وأمام ارتفاع نسبة الخطر، يخوض مالك سباقا مضنيا مع الزمن لإنقاذ العالم، في حين يستمر المحيطون به بإنكار تلك المخاوف، معتبرين أن مالك وقع فريسة لأوهامه مع تراجع صحته العقلية.

ولا يستطيع مالك إقناع الجيش باقتراب ناقوس الخطر، فيقرر حماية طفليه من الغزو الفضائي، ولو اضطر لإخراجهم من البلاد.

رحلة برية

ويتجه مالك إلى منزل طليقته ويختطف طفليه، منطلقا في رحلة برية طويلة يقطع فيها ولاية نيفادا الأمريكية، للوصول إلى قاعدة عسكرية آمنة؛ فهل تصدق تأكيدات مالك بحقيقة الغزو الفضائي، أم يرضخ للآراء السائدة عن تراجع صحته العقلية؟

والفيلم متخم بمشاهد التوتر والتشويق، في ظل نضال مالك لإثبات صحة وجهة نظره، وملاحقة قوات الأمن له مع تكذيبهم لآرائه ومحاولاتهم استعادة الطفلين المخطوفين.

ويبدو الاقتناع جليا على المحققة المكلفة بملاحقته، حول صدق مالك تجاه أطفاله وحرصه على عدم إيذائهم، لنشهد عرض كليشيهات مكررة حول الأطفال وتعرضهم للخطر.

تقنيات

ونجح المخرج في استخدام تقنية دمج الخيال العلمي مع الدراما العائلية بسلاسة مطلقة، فضلا عن الجوانب النفسية والاضطرابات العقلية التي تسببها الحرب.

وعمد المخرج إلى رسم صورة ضبابية من خلال اختياره لعنوان لا يوحي كثيرا بالترابط مع المضمون، الذي يبدأ بمهمة لإنقاذ الأطفال، ويتحول لاحقا إلى قصة مشوقة وسط مطاردات عنيفة تؤول إلى نهاية غير متوقعة بشكل عاطفي قوي.

وتألق الممثل ريز أحمد بجذب الجمهور من خلال أداء متقن نجح من خلاله في ضخ مجموعة من المشاعر المختلفة في وقت قليل، لتتجاذبنا مشاعر مختلطة؛ من شفقة إلى حزن وغضب وخوف وصراعات نفسية.

نقاد

ونقل موقع آروبارند البرتغالي، عن الناقد ميغيل موراليس، أن "الفيلم يتسم بتسلسل سريع، ليقدم لنا المخرج في أقل من 20 دقيقة شخصية مالك بتمهيد جذاب ومتقن، مع تقارير ودراسات وتاريخ وأدوات الحرب، وزوجته السابقة وحياته العائلية وعلاقته بأطفاله، موجدا بذلك رابط تعلق بين المُشاهد والشخصية الرئيسة لنلاحظ التطور التدريجي للبطل".

وأشادت الناقدة كارولين موريست، بأداء الممثل ريز أحمد ووصفته بأنه يشكل عنصر جذب قوي للجمهور، إذ يتصدر اسمه دائما العمل بصرف النظر عن مضمونه؛ لأنه نجح في طباعة صورة ذهنية لدى المشاهدين.

وأثنت موريست على التصوير السينمائي للعمل وحركة الكاميرا، واختيار مواقع التصوير في الصحراء وتحديدا ولاية أريزونا، وفقا لموقع فيو فروم ذا دارك.

يُذكر أن الفيلم حصد جوائز عدة في حفل السينما البريطانية المستقلة الأخير، منها جائزة أفضل ممثل وذهبت لريز أحمد، وأفضل موسيقى تصويرية، وأفضل ممثل مساعد وذهبت للطفل لوسيان ريفر شوهان.

والعمل من إخراج وسيناريو مايكل بيرس، وشاركه في كتابة السيناريو جو بارتون. وموسيقى جيد كورزل.

وشارك في بطولة الفيلم أوكتافيا سبنسر، وروري كوكران، وجانينا جافانكار، وكيث سزاراباجكا، وأنطونيو جاراميلو، وأديتيا جيدادا، وبرينان كيل كوك، وبل دوز، وأليشا سيتون، وبيتر نيكوس.

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com