طفل يحمل شظية صاروخ في موقع لهجوم من مليشيا الحوثي
طفل يحمل شظية صاروخ في موقع لهجوم من مليشيا الحوثيرويترز

أطفال اليمن يواجهون المجهول بعد 9 سنوات من الحرب

حوّلت إحدى الأحجار المرمية في منطقة رعي الأغنام، شمالي محافظة تعز اليمنية، حياة الطفل عزام فكري، إلى كابوس مستدام، بعد فقدانه أحد أعضاء جسده النحيل.

لم يدرك عزام، ذو الـ 14 عاما، أن الجسم الذي حاول تحريكه متهيئًا للجلوس خلال استراحته من ملاحقة الأغنام التي يرعاها في أرياف مديرية مقبنة بمحافظة تعز، كان لغمًا فرديًا مموهًا على شكل حجر، تفننت مليشيا الحوثي في زرع الآلاف منها في مختلف المناطق اليمنية.

قذف الانفجار بالطفل مضرجًا بدمائه، ليستغرق نقله إلى مستشفى "الثورة" بمدينة تعز، نحو 6 ساعات بالسيارة، نتيجة مروره بطرق بديلة وطويلة، وسط استمرار قطع الحوثيين للطريق الذي يفصله عن المستشفى بقرابة نصف ساعة فقط "ما تسبب في بتر كف يده اليسرى وتضرر يده اليمنى، وإحدث إصابات طفيفة في وجهه"، طبقًا لمصادر حقوقية.

تداعيات كارثية

ويواجه أطفال اليمن، ظروفًا هي الأصعب، في بلد مصنّف بين أكثر الأماكن خطورة لنشأة الأطفال حول العالم، على وقع التداعيات المختلفة التي أفرزتها الحرب، طوال الأعوام التسعة الماضية.

وعلى الرغم من استمرار الهدنة غير المعلنة بين الأطراف اليمنية منذ ديسمبر من العام 2023، وانخفاض حدة القتال، إلا أن الأطفال يواصلون السقوط كضحايا لمخلفات الحرب كالألغام الأرضية والمتفجرات.

وتشير منظمة "يونيسف" في تقرير صدر الثلاثاء الماضي، إلى أن النزاع اليمني المندلع في 2015، تسبب في مقتل وإصابة أكثر من 11 ألفا و500 طفل يمني.

وتتعدد أوجه معاناة أطفال اليمن، ما بين القتل وارتفاع معدلات سوء التغذية ومحدودية الخدمات الصحية؛ إذ لا يزال قرابة 10 ملايين طفل، بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة، بينهم 2.7 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، فيما يواجه 49% من الأطفال دون الخامسة، التقزّم وسوء التغذية المزمن.

ويقول رئيس منظمة "سياج" لحماية الطفولة في اليمن، أحمد القرشي، إن الحرب تسببت بتداعيات كارثية، وأهدرت حياة آلاف الأطفال اليمنيين، الذين قتلوا لأسباب مختلفة، كالقصف والألغام والمواجهات المباشرة والمجاعة، وأفقدتهم حقهم في الحصول على الاستقرار النفسي والعاطفي.

وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن نحو 5 ملايين طفل يمني فقدوا حقهم في التعليم، فضلا عن حرمان الملايين منهم من التمتع بالخدمات الصحية التي تكاد تكون شبه منعدمة، في ظل ارتفاع معدلات العنف والجريمة والانتهاكات، سواء من قبل المجتمع أو الأسرة، على خلفية النزاع المسلح.

أخبار ذات صلة
اليمن.. ارتفاع عدد ضحايا تفجير الحوثي منزلاً في البيضاء إلى 15 قتيلاً

مستقبل مضطرب

وتوقع القرشي، استمرار تداعيات هذه الأوضاع الكارثية ومضاعفاتها إلى عقود أخرى قادمة مستقبلًا، "فالأمية التي يرزح تحتها ملايين الأطفال، ستلاحقهم إلى بقية حياتهم، وهناك الملايين منهم خاصة في الأسر النازحة التي تعرّضت إلى مختلف أشكال العنف والاستغلال والإهمال وسوء المعاملة".

ولفت إلى أن "ندوبا وعاهات نفسية ستلازم الأطفال وستؤثر على مستقبلهم وحياتهم، حتى على اندماجهم ومستوى قدرتهم في أن يصبحوا منتجين بعد انتهاء الحرب".

وأشار إلى أن ما بعد الحرب "مرحلة حساسة، يجب أن يكون خلالها جميع أفراد المجتمع قادرين على المشاركة في التنمية وإعادة الإعمار وبناء السلام، وذلك لن يأتي مع الأسف من أجيال أميّة أو أشباه متعلمين، وهذه برأيي كارثة مستقبلية حقيقية، في بلد يقبع أكثر من 80% من سكانه تحت خط الفقر".

وأكد القرشي، أن آثار الكارثة المستقبلية ستمتد إلى "الأمن الإقليمي وأمن الملاحة البحرية، وهذه نتيجة طبيعية لإنتاج جيل بالغ العنف، وأكثر قابلية للانضمام إلى الجماعات والمليشيات المسلحة، نظرًا للأوضاع والظروف الاقتصادية والمعيشية المتردّية".

وقال إن عدم تدارك هذا الأمر، بواسطة البرامج والأنشطة والفعاليات التي يمكن لها أن تخفف من حدة النتائج، ومعالجة الأسباب الجذرية والحقيقية، وتوفير الأساسيات اللازمة لتحقيق التنمية للحد من هذه الآثار السلبية، "سيجعل مستقبل اليمن أكثر سوءًا واضطرابًا".

الحلقة الأضعف

وكشفت منظمة "أنقذوا الطفولة" في وقت سابق، عن امتناع طفلين من كل خمسة أطفال يمنيين، عن الذهاب إلى المدارس، رغم تراجع حدة القتال منذ إبريل من العام 2022.

وقالت المنظمة الدولية، إن 20% من الأسر اليمنية المستطلعة، تشير إلى عدم تحملها كلفة الرسوم المدرسية وأسعار الكتب، في حين يقول 14% من الأسر إن العنف كان سببًا رئيسًا للتخلي عن التعليم.

ويعتقد أستاذ علم الاجتماع المشارك في جامعة حضرموت، الدكتور محمد بن جمعان، أن الأطفال يعتبرون الحلقة الأضعف في النزاعات، إلى جانب المرأة وكبار السن، بسبب عدم تمكنهم من حماية أنفسهم؛ ما يتسبب في وقوع الكثير منهم خاصة الأطفال، ضحايا للتأثيرات والصدمات النفسية، ويخلق عدة مشكلات اجتماعية بالنسبة إليهم، إما بشكل مباشر في مناطق الصراع المستمر، أو غير مباشر فيما دونها.

وقال في حديثه لـ"إرم نيوز" إن الأطفال في مناطق الصراعات، يصابون بحالات نفسية جراء الذعر والخوف، إلى جانب التأثيرات العميقة التي يتركها فقدان الوالدين أو أحدهما، أو أحد أفراد الأسرة؛ ما يخلّف علامة تبقى ثابتة في حياة الطفل حتى يكبر، ويمكن لها التأثير في مسار حياته المستقبلية.

وبيّن جمعان، أن تراجع القطاعات الصحية والتعليمية والخدمية، لها تأثير كبير جدًا على شريحة الأطفال، في ظل الظروف المعيشية الصعبة؛ ما يضطر الكثير من الأسر إلى تجاهل الرعاية الصحية التي تستنزف إمكانياتها المادية.

 وأشار إلى تعرّض الكثير من المدارس للدمار الكلي أو الجزئي، إضافة إلى توقف رواتب المدرسين في مناطق سيطرة الحوثيين، وتدنيها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، "وبالتالي فإن الأداء يظهر بشكل ضعيف جدًا، فضلًا عن عدم الاهتمام بالمكملات الخاصة بهذا الجانب، كالترفيه التي هي من حقوق الأطفال".

وقال إن الأطفال في مناطق الصراعات، يصابون بحالات نفسية جراء الذعر والخوف، إلى جانب التأثيرات العميقة التي يتركها فقدان الوالدين أو أحدهما، أو أحد أفراد الأسرة؛ ما يخلّف علامة تبقى ثابتة في حياة الطفل حتى يكبر، ويمكن لها التأثير في مسار حياته المستقبلية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com