خبراء: خيبة الأمل وفقدان الثقة يدفعان الشباب التونسي لمقاطعة السياسة
خبراء: خيبة الأمل وفقدان الثقة يدفعان الشباب التونسي لمقاطعة السياسة خبراء: خيبة الأمل وفقدان الثقة يدفعان الشباب التونسي لمقاطعة السياسة
المغرب العربي

خبراء: خيبة الأمل وفقدان الثقة يدفعان الشباب التونسي لمقاطعة السياسة

يحيى مطالقة

حملت ثورة 14 يناير/ كانون الثاني في تونس 2011، والتي كان الشباب محرّكها الأساسي، شعورًا كبيرًا، بأنّ الشباب في طريقهم إلى اكتساح الحياة السياسية، إلاّ أنّ الواقع ناقض تمامًا هذا الاعتقاد، حيث سجّل المشهد السياسي انسحابًا لافتًا لهذه الفئة.

وكشفت الأرقام والإحصائيات التي نُشرت حول مشاركة الشباب في الانتخابات، ضعف مشاركة هذه الفئة واستقالتها من الحياة السياسية، بحسب مراقبين.

 قوّة انتخابية

 لم تتجاوز نسبة مشاركة الشباب خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، نسبة 33%، حسب ما أكّده عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في تونس، أنور بن حسن.

ويعتبر مراقبون أنّ  الشباب التونسي يمثّل "قوة انتخابية شديدة الأهمية"، باعتبار أنّ هذه الفئة تُمثّل 60% من عدد الناخبين.

ويرى الكاتب السياسي، صلاح الدين الجورشي أنّ امتناع الشباب عن ممارسة النشاط السياسي، مسألة مقلقة وشديدة الأهمية، مشدّدًا على أنّ هذا العزوف غير المسبوق، هو نتاج طبيعي لبروز ثقافة اليأس والإحباط؛ بسبب غياب الآليات في تكريس الأمل في غد أفضل.

واعتبر صلاح الدين الجورشي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أنّ غياب الشباب عن الحياة السياسية، حوّل الساحة السياسية التونسيّة إلى ساحة صراع انحصرت بين أصحاب السلطة والمال فقط.

وأكّد الجورشي، الدور المحوري للشباب في تحريك ثورة يناير 2011، والتي شكلت تحولًا أساسيًا في تاريخ تونس، لكنه اعتبر أن الهوة الفاصلة بين الخطاب السياسي والممارسة السياسية في تونس، تسببت في نفور الشباب من ممارسة العمل السياسي.

وشدّد على أن الشباب أصيب بخيبة أمل من السياسيين؛ بسبب غياب المكاسب وتردي الخطاب السياسي، والواقع المعيشي، فقرر الدخول في قطيعة تامة مع الشأن العام.

واعتبر أن اتساع الهوة بين خطاب السياسيين وممارساتهم تحول إلى خيبة أمل كبرى للشباب التونسي، وهو ما ترجمته الانتخابات البلدية الماضية، حيث دخلوا في شبه قطيعة مع الشأن العام والاهتمام بمستقبل تونس.

ظاهرة خطيرة

بدوره، قال الأستاذ الجامعي، حمادي الرديسي، إن عزوف الشباب التونسي عن الحياة السياسية يمثل ظاهرة خطيرة تهدد الحياة السياسية في البلاد، وتسمح للنخبة السياسية القائمة اليوم بمزيد من الحضور في المشهد السياسي.

 وشدد حمّادي الرديسي، في تصريح لـ "إرم نيوز"، على أن غياب الشباب أصبح أمرًا لافتًا، خاصة بعد الارتفاع الملحوظ لنسبة المقاطعة .

وأكد الرديسي أن فقدان الثقة في النخبة السياسية، أصبح أحد أهم الأسباب التي دفعت الشباب إلى مقاطعة الشأن السياسي، موضحًا أن مقاطعة الحياة السياسية ليست حكرًا على الشباب فقط، بل طالت جلّ التونسيين .

ورأى رئيس شبكة مراقبون المختصة في الشأن الانتخابي، رفيق الحلواني، أن مقاطعة الشأن السياسي أصبحت مسألة تتعلق بغالبية التونسيين عمومًا وبالشباب بشكل خاص.

تعدّدت الأسباب

وأكد رئيس شبكة مراقبون، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن الشباب يعتبر أن النخبة السياسية خذلته ولم تكن ممارستها منسجمة مع خطابهم، مشيرًا إلى أن هذا العزوف يعود أيضًا إلى تلك الحملات الانتخابية والوعود الزائفة السابقة بشأن خلق مواطن شغل ومجانية النقل العمومي وغيرها، والتي أدى عدم تحققها إلى صدمة في صفوفهم.

وأضاف الحلواني أن الشباب التونسي، أصبح يعتبر أنه مجرد رقم يتم استغلاله في العمليات الانتخابية دون أن تتغير وضعيته الاجتماعية، مشددًا على ضرورة إعادة الشباب الفاقد للأمل للحياة السياسية؛ نظرًا إلى دوره المحوري في الشأن المحلي.

من جانبه، نوّه البرلماني السابق، رابح الخرايفي، إلى أن الشباب التونسي قاطع الشأن السياسي؛ بسبب التهميش الذي يعانيه.

وشدّد على أن الشباب تعرّض إلى إقصاء كبير من الأحزاب، وجرى تهميشه في الساحة السياسية؛ وهو ما دفعه إلى مقاطعة العمل السياسي.

واعتبر الخرايفي أن الشباب التونسي لن يعود إلى المشاركة في الحياة السياسية، إلا إذا أصبح يشعر بأنه مشارك فعلي في صنع القرار، وليس مجرّد أداة تستخدمها الأحزاب، داعيًا إلى ضرورة إخراج الشباب ممّا وصفها بـ"العزلة السياسية".

التالي