مساكن المريخ.. تصاميم عالمية وعربية لاستيطان الكواكب

مساكن المريخ.. تصاميم عالمية وعربية لاستيطان الكواكب

هناك إمكانية إرسال كائنات حية معدلة جينيا من الأرض إلى المريخ، تستطيع تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غازات مهمة لحياة البشر

لطالما استحوذت فكرة الحياة خارج كوكب الأرض على تفكير البشر وتحولت إلى مادة غنية في نتاجات العلماء والفلاسفة والأدباء.

وتوجهت أنظار العلماء إلى المريخ القريب نسبيا، بعد ازدياد المعطيات عنه وزيادة معرفتنا بمناخه وطبيعته، فتحول إلى الوجهة الأسرع لاستيطاننا المستقبلي.

وسبق أن درس باحثون حلولا مختلفة لاستصلاح كوكب المريخ وجعله صالحا للحياة، من خلال تطبيق حقل مغناطيسي حوله، أو إرسال كائنات معدلة جينيا إليه، أو تفجيره نوويا لرفع حرارته، ولكن تلك الأنواع من الحلول تستغرق ملايين الأعوام لتطبيقها.

ومع تزايد الاهتمام بالكوكب الأحمر، والبحث عن أساليب تسرع عملية استيطانه، تفتقت قريحة باحثين حول العالم عن تصاميم تسعى إلى المثالية لمستعمرات مريخية بأنظمة بيئية مغلقة.

غابة مريخية مغلقة

وفي هذا الإطار، اقترح باحثون من جامعة "بريستول" البريطانية، حديثا، بناء نظام بيئي شبيه بالأرض ضمن قبة مغلقة تمنع خروج الهواء، ما يؤمن المعيشة والطعام ومستلزمات الحياة للبشر في المستقبل.

أخبار ذات صلة
هل تعيش "الحشرات الغريبة" على سطح المريخ؟

ورأى عالم البيئة بول سميث، تشييد المحمية الطبيعية ضمن فقاعة كبيرة تحتوي على الأوكسجين وباقي مستلزمات الحياة، بمساحة تصل إلى حوالي 200 متر مربع.

وتحتوي القبة على غابة من الأشجار والنباتات مع تربة رطبة، وتيارات هواء، وضغط جوي مناسب، لتمنحنا شعورا بأننا في بيئتنا الطبيعية، نظرا لتشابهها مع مكونات النظام الحيوي والبيئي على الأرض.

وأشار الباحثون في دراستهم المنشورة في مجلة "إنترناشونال جورنال أوف آستروبيولوجي" العلمية، إلى أن المحمية الطبيعية على المريخ قادرة على تزويد مستعمريه بمنتجات زراعية مختلفة؛ مثل الفيتامينات والأدوية والعطور والملونات.

ويمكن أن تتضمن الفقاعة الطبيعية درعا لحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية ذات الموجات القصيرة، والإشعاع والنيازك، إلى جانب الضغط الجوي الإيجابي، الذي يسمح بتوليد مظاهر الطقس الأرضية والرياح الاصطناعية داخل القبة المغلقة.

ونوه سميث إلى إمكانية إرسال كائنات حية معدلة جينيا من الأرض إلى المريخ، تستطيع تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غازات مهمة لحياة البشر؛ مثل الأوكسجين والنيتروجين.

تجربة عربية

وعلى الرغم من أن موقع ديلي ميل البريطاني، صنف الفكرة المقترحة بأنها الأولى من نوعها في إطار سعي الوكالة الأمريكية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) لإرسال البشر إلى المريخ خلال العقد المقبل، لم يكن الباحثون العرب بمنأى عن أفكار رائدة في هذا المجال.

وفي العام 2018، قدم المهندس العراقي حاتم علاء حسين الخفاجي، المقيم في الإمارات العربية المتحدة، تصورا للعمارة على سطح الكواكب الأخرى بالاعتماد على تقنيات معمارية غير مسبوقة.

وجمع الخفاجي أبحاثه الرائدة في كتابٍ باللغة الإنجليزية حمل عنوان "المقاسات القمرية" وسجله في دائرة الملكية الفكرية في دولة الإمارات.

وفي حديث خاص لـ"إرم نيوز"؛ قال الخفاجي إن "العمارة الأرضية تستند إلى قوانين العمارة التي يتخذها المهندسون معيارا للتصميم، ولكن العمارة على الكواكب الأخرى تحتاج إلى معطيات جديدة تتواءم والبيئات الجديدة للكواكب".

وأوضح الخفاجي: "من هذا المنطلق، أردت أن أكون الأول في إصدار هذا المرجع المستقبلي، فجمعت فيه البيانات والقوانين المؤثرة على العمارة القمرية المستقبلية".

وأضاف: "تختلف العمارة على سطح كوكبنا عن العمارة خارجه بسبب الخصائص الفريدة لكل كوكب؛ على غرار صعوبات متعلقة بالحصول على مواد البناء، والمناخ القاسي، وغياب البنى التحتية لتصنيع مواد التشييد، وقلة الأيدي العاملة، لذلك فإن استيطان الكواكب الأخرى يحتاج إلى أساليب جديدة غير مسبوقة؛ ذكية وسريعة، بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد".

وحدات كروية متكررة

ويعتمد تصميم الخفاجي للمستعمرة القمرية على إنشاء وحدات متكررة من خلال تقنية القوالب الإسمنتية المسلحة، ثم تركيبها في وقت قياسي باستخدام روبوتات ذكية، صممها الخفاجي لتناسب المهمة الشاقة خارج الأرض.

ويمكن لتصميم الخفاجي أن يدخل في إطار التوسع غير المحدود لسد الحاجة المستقبلية للمستوطنين الجدد، مع إعطاء أكثر من احتمال من الطرقات الداخلية بين الوحدات، كإجراء احترازي في حال وجود خرق للسطح الخارجي.

ويراعي تصميم الخفاجي العوامل المؤثرة على سطح القمر، عبر توفير طبقات لازمة للحماية من العوامل الخارجية القاسية.

ويستغني تصميم الخفاجي عن مبدأ الفراغات الأفقية المُستخدمة على كوكب الأرض، من خلال تطوير مبدأ جديد للوحدات السكنية يعتمد على الفراغات الكروية، إذ إن انخفاض الجاذبية يغني عن استخدام الهياكل الإنشائية العملاقة.

عقبات

ومن أبرز العقبات أمام تشييد المنشآت على سطح القمر أو المريخ، هي العوامل المناخية القاسية، والتفاوت الكبير في درجات الحرارة، وتراوحها ما بين 150 درجة مئوية، و150 درجة مئوية تحت الصفر.

ويواجه التشييد على الكواكب أيضا تحديات متعلقة بالإشعاعات الكونية الشمسية المسببة لأمراض جينية وسرطانية، إلى جانب انخفاض الجاذبية.

آفاق مستقبلية

ويعمل الخفاجي حاليا على إطلاق بحث جديد عن العمارة على سطح المريخ، تماشيا مع رؤية دولة الإمارات لاستيطان الكوكب الأحمر.

وأطلقت دولة الإمارات، أواخر أيلول/ سبتمبر 2017، مشروعا لبناء مدينة "المريخ العلمية" وهي أول وأكبر مدينة علمية في العالم تحاكي بيئة كوكب المريخ وطبيعته المناخية.

ومن المتوقع أن تشهد أول رحلة بشرية إلى المريخ مستقبلا، تعاونا دوليا بين وكالات الفضاء العالمية.

وسبق أن أعلنت "ناسا" عن عزمها إرسال طاقم إلى الكوكب الأحمر في الثلاثينات من القرن الحالي.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com