انتخابات تركيا.. ما دلالة عدم تسمية "الشعوب الديمقراطي" لمرشح رئاسي؟

انتخابات تركيا.. ما دلالة عدم تسمية "الشعوب الديمقراطي" لمرشح رئاسي؟

يوصف حزب الشعوب الديمقراطي، ذو التوجه اليساري، والذي يضم غالبية كردية، بأنه "صانع الملوك"، في إشارة إلى دوره المؤثر في المشهد الانتخابي التركي، فهو بمفرده لا يستطيع أن يفعل الكثير، لكن تحالفه مع أي طرف يقلب الموازين.

وقبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية في تركيا، أعلن "حزب الشعوب" بأنه لن يسمي مرشحا رئاسيا من جانبه لمنافسة الرئيس رجب طيب أردوغان ومرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، وهو ما قلّص فرص أردوغان بالفوز في انتخابات تكتسب أهمية قصوى..

ففي حال فوز أردوغان، سيغدو "زعيما تاريخيا" يخطو نحو العقد الثالث في حكم البلاد، في حين سيمثل فوز المعارضة "انقلابا دستوريا ناعما" على حقبة "العدالة والتنمية".

وفي خضم الاستعدادات لهذه الانتخابات "المصيرية"، جاء إعلان "حزب الشعوب" بمثابة "انتكاسة" لجهود أردوغان في حشد الأصوات لصالحه، ورفع، بالمقابل، من رصيد المعارضة التي تتشكل من ستة أحزاب، فيما بات يُعرف بـ"طاولة الستة"؛ فحزب الشعوب هو ثالث أكبر حزب في البرلمان، وتصل الكتلة التصويتية له إلى نحو 7 ملايين ناخب من إجمالي عدد الناخبين، وهو 60 مليوناً، وهو رقم لا يمكن الاستهانة به ويمكن أن يمثل "بيضة القبان" في الانتخابات المقبلة.

وفي تجارب انتخابية سابقة كانت أصوات حزب الشعوب حاسمة، إذ ساعد تعاونه مع المعارضة في الانتخابات المحلية لعام 2019 في هزيمة مرشحي حزب "العدالة والتنمية" لرئاسة بلديات مدن كبرى مثل إسطنبول وأنقرة.

في مسألة الانتخابات لا أحد يمكن له الجزم بالنتائج، فالكلمة الفصل ستقولها صناديق الاقتراع في 14 أيار/مايو المقبل، حيث الموعد الانتخابي الأهم في تاريخ تركيا الحديث.

ورغم أن "حزب الشعوب" لم يتوصل لاتفاق مع المعارضة بسبب وجود  حزب "الخير" أو "الصالح" بزعامة ميرال أكشينار، المعروفة بمناهضتها للأكراد، ضمن صفوفها، غير أنه من المعروف، في حال المفاضلة بين أردوغان والمعارضة، فإن أصوات حزب الشعوب ستذهب، في غياب مرشح خاص به، إلى مرشح المعارضة.

وهذا استنتاج منطقي بالنظر إلى تاريخ النزاع الطويل بين حزب الشعوب وأردوغان الذي اتهم الحزب بـ"الإرهاب" وجمد أصوله واعتقل الكثير من أنصاره، وعزل عددا من رؤساء البلديات كان الحزب قد فاز فيها.

وعلى عكس هذه العلاقة المتوترة بين أردوغان و"الشعوب الديمقراطي"، فإن مرشح المعارضة كليجدار أوغلو حرص على تكثيف اتصالاته ومشاوراته مع المسؤولين في "حزب الشعوب" في الأشهر الأخيرة، وتعهد خلال إحدى اللقاءات بحل "المشكلة الكردية" في البلاد بمجرد انتخابه، دون الخوض في تفاصيل هذا الحل.

على أن كل ذلك لا يعني، بالضرورة، أن الانتخابات حسمت من الآن، فالعامل الاقتصادي كان على الدوام مقياسا يحدد سلوك الناخب التركي، فهناك قسم كبير كان ينتخب أردوغان، رغم الاختلاف الأيديولوجي معه، بدوافع اقتصادية تتعلق بالنتائج الجيدة التي حققها "العدالة والتنمية" في القطاع الاقتصادي خلال العقد الأول من حكمه، قبل أن يتراجع هذا الأداء، تدريجيا، في العقد الثاني.

أخبار ذات صلة
تركيا تزيد تدفق المياه في "دجلة" لتخفيف "محنة" العراق

لكن هذا العامل، في الوضع الحالي، بات يشكل عقبة، ذلك أن الاقتصاد التركي يعاني تحت وطأة الكثير من الأزمات وآخرها تداعيات الزلزال المدمر الذي سيزيد الأعباء على خزينة الدولة بمليارات الدولارات، وهو ما سيلقي بظلاله على مزاج الناخب التركي، رغم محاولات أردوغان الذي يسابق الزمن من أجل استمالة هذا الناخب، الذي يعنيه وضعه المعيشي أولا، عبر محاولات لتحفيز الاقتصاد، ودعم فواتير الطاقة ومضاعفة الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات التقاعدية.

بالرغم مما سبق، ففي مسألة الانتخابات لا أحد يمكن له الجزم بالنتائج، فالكلمة الفصل ستقولها صناديق الاقتراع في 14 أيار/مايو المقبل، حيث الموعد الانتخابي الأهم في تاريخ تركيا الحديث.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com