تاج الدين عبد الحق
تاج الدين عبد الحقرئيس تحرير موقع إرم نيوز

سرُّ نجاح التجربة الاتحادية الإماراتية

مع ذكرى قيام الدولة الاتحادية، أصبحت الإمارات أكثر نضجًا واستقرارًا، وباتت أكثر صلابة وأمنًا، تجاوزت خلال مسيرتها في العقود الخمسة الماضية تجارب دول كثيرة كانت مهدًا للحضارات ومصدرًا للخيرات.

بعيدًا عن الشعارات الحماسية، والقوالب الجاهزة، نمت التجربة الاتحادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وها هي تبدأ مع احتفالاتها بالعيد الوطني الواحد والخمسين لقيامها كوطن مستقل موحَّد، وهي أكثر استقرارًا من أي وقت مضى، وأكثر ثقة بالمستقبل.

مع ذكرى قيام الدولة الاتحادية، أصبحت الإمارات أكثر نضجًا واستقرارًا، وباتت أكثر صلابة وأمنًا، تجاوزت خلال مسيرتها في العقود الخمسة الماضية تجارب دول كثيرة كانت مهدًا للحضارات ومصدرًا للخيرات.

قِيل الكثيرعن تجربة الإمارات؛ بعض أصحاب الفتاوى السياسية وصفوها بمنطق مَن برع في تفسير التاريخ تفسيرًا تعسفيًا أو تآمريًا، فقالوا عنها يوم انطلاقها، في الثاني من ديسمبر من العام 1971، بأنها صناعة إنجليزية، فرضتها الضرورة الجغرافية، والحاجة السياسية.

كان ذلك الوصف في زمانه، وفي المناخ السياسي السائد في ذلك الوقت، كفيلًا بتقويض أعتى التجارب، وإسكات أعلى الأصوات، فكيف بتجربة وليدة تحيطها الأطماع والشكوك من كل جانب، وبمبادرة تعلن عن نفسها بصوت خفيض خجول يتردد صداه في وادٍ أصمٍ لا يُسمع فيه إلا صليل السيوف وقرقعة الدفوف.

لم يكن للإمارات في ذلك الوقت هوية سياسية واضحة، بل إن عربًا كثيرين لم يعرفوا موقعها على الخريطة، فكانت هويتها دائمًا عند هؤلاء ملحقة بهوية الآخرين، أو مرتبطة بحالة سياسية أو توصيف خارجي.

كان الإماراتيون، في ذلك الوقت، وحدهم بكل ما في الكلمة من معنى، فقد خرج الاستعمار الإنجليزي للتو بعد انتداب فرضته القوة، ودعمته المصالح الدولية، والمنافسة العالمية، وامتد عشرات السنين، ولم يترك وراءه إلا الفقر، والجهل، والمرض، فيما كان الجيران يكشّرون عن أطماعهم، وينثرون شكوكهم في شرعية الوليد الجديد.

نظر البعض لاتحاد الإمارات على أنه هبة النفط، وأنه لولا الثروة التي هبطت عليه مصادفة من السماء لما صمدت التجربة ولما استمرت إلى الآن، لكن ذلك البعض نسي أو تناسى أن السماء كانت أكثر سخاءً مع دول توافرت لها ثروات أكبر وموارد أفضل، ومع ذلك لم تنجح في الوصول إلى ما وصلت إليه دولة الإمارات، ولا في المحافظة على هويتها السياسية، ومواردها الهائلة، وباتت الآن مهددة في وجودها وأمنها واستقرارها.

قامت التجربة الإماراتية منذ بدايتها على شكل من أشكال الشراكة في القرار، والتوافق في الرؤيا قبل أن يصبح هذا التوجه، وهذا المصطلح، مصطلحًا متداولًا في البورصات السياسية العربية.
أخبار ذات صلة
زايد الحاضر الغائب في الكونجرس العالمي للإعلام

أكبر عوامل نجاح تجربة الإمارات الاتحادية، أنها لم تكن تعبيرًا عن طموحات زعامة كحال التجارب الوحدوية العربية التي انطفأت سريعًا قبل أن تُولد، أو كحال التجارب التي لم تصمد إلا بحد السيف وقوة القهر.

قامت التجربة الإماراتية منذ بدايتها على شكل من أشكال الشراكة في القرار، والتوافق في الرؤيا قبل أن يصبح هذا التوجه، وهذا المصطلح، مصطلحًا متداولًا في البورصات السياسية العربية.

لم ُيملِ الكبار في الاتحاد آراءهم على شركائهم، ولم يستقووا عليهم، بل أخذوا بأيديهم بحب وإخلاص، ولم يستعجلوا السير في التجربة، ولم يضغطوا لفرضها، لكنهم تسابقوا مع انطلاقها لاختصار الزمن، تعويضًا لما فاتهم، ومجاراة مَن سبقهم.

كان مؤسس الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله - يقود التجربة الاتحادية بصبر ومثابرة لا تعرف الكلل ولا الملل، ظل يراهن على الزمن في مواجهة مَن يحاول تصيّد الأخطاء وعرقلة الخطى، وكان يرى أن ثبات التجربة يرتبط بمدى استشعار المواطن لثمار الاتحاد وجني فوائده.

لم يحاول الشيخ زايد أن يضع العربة أمام الحصان، ولم تشغله تفاصيل النصوص عما يعتمل في النفوس من آمال وتطلعات، وكانت المبادرة هي أسلوبه في قيادة السفينة وتوجيه مسارها، وكان الإيثار زاده في مواجهة المصاعب والتحديات، وكانت النوايا الحسنة هي البوصلة، ولم يكن التنفيذ ينتظر النص، بل كانت الوقائع هي التي تحكم النص، وتوجهه إلى ما فيه مصالح الناس وأولوياتهم.

كان مؤسس الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله - يقود التجربة الاتحادية بصبر ومثابرة لا تعرف الكلل ولا الملل.

ظل دستور الإمارات مؤقتًا ردحًا طويلًا من الزمن، لكنه ظل يتطور باستمرار، ويتحول مع تطور إيقاع التطبيق إلى دستور دائم دون ضجيج، وبعيدًا عن أي خلاف.

تطورت التجربة الاتحادية الإماراتية من تجربة سياسية تحيطها الشكوك والمصاعب، إلى هوية وطنية يفخر بها الإماراتيون، ويعتز بها العرب، وينظرون لها كنموذج من نماذج النجاح الذي يجد الكثيرون أنه كان سهلًا في أدواته، وممتنعًا في مخرجاته.

تطورت التجربة الاتحادية الإماراتية من تجربة سياسية تحيطها الشكوك والمصاعب، إلى هوية وطنية يفخر بها الإماراتيون ويعتز بها العرب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com