البرلمان الفرنسي
البرلمان الفرنسيأ ف ب

هل ينجح قانون "الجماجم والرفات" في التهدئة بين فرنسا وأفريقيا؟

في خطوة فرنسية جديدة تجاه مستعمراتها السابقة، وافق نواب البرلمان على مقترح قانون يسرّع إعادة الرفات والجماجم إلى الدول الأجنبية، المخبأة منذ أكثر من 100 عام في المتحف الوطني الفرنسي للتاريخ الطبيعي في باريس، وهو ما يثير التساؤلات إن كان وراء هذا التحول أغراض سياسية.

وتُعرض بـ"متحف الإنسان" في باريس أكثر من 18 ألف جمجمة تتضمن رفات جاؤوا بها من المستعمرات الفرنسية السابقة تضم قادة مقاومين من الجزائر وزعماء قبائل أفريقية ومتمردين كمبوديين وأبناء السكان الأصليين في أوقيانوسيا، إلى جانب جماجم لأكثر من 200 من الأمريكيين الأصليين.

أخبار ذات صلة
رئيس السنغال: فرنسا لا تتحمل وحدها مسؤولية "العلل" في أفريقيا

لكن تحيط الكثير من السرية بهوية هذه المجموعة الضخمة من الرفات البشرية التي كانت شاهدة على الاحتلال الفرنسي، ويمكن أن تساعد أحفاد المقاومين من المستعمرات السابقة على استعادة الرفات وطلب تعويضات.

وفي التفاصيل، صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، بدعم من 98 نائبا ومعارضة 69 آخرين على مقترح قانون يسرع إعادة الرفات والجماجم إلى الدول الأجنبية، إذ يجب على النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الاجتماع من جديد لمحاولة وضع نسخة نهائية من هذا النص التوافقي.

وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية ريما عبد المالك، إن المقترح الذي تقدم به أعضاء في مجلس الشيوخ يساعد على "تهدئة ومصالحة الذكريات"، موضحة أن التشريع يسد "ثغرة" قانونية.

رفات أحد الجنود الفرنسيين في مركز الطب الشرعي بباريس
رفات أحد الجنود الفرنسيين في مركز الطب الشرعي بباريسأ ف ب

وكانت الجزائر خلال اجتماعات مجلس الشيوخ واللجنة البرلمانية المختصة في الجمعية الوطنية حاضرة بقوة خلال المناقشة، ووردت الإشارة إليها 15 مرة من قبل المتداخلين، ومنهم أعضاء في اليمين المتطرف وكارلوس مرتنس بيلونغو الذي أودع قبل عام مقترحا مماثلا.

وأبرز البرلماني الذي زار الجزائر في نوفمبر 2022، خلال المناقشة، أن هذا القانون الجديد مفيد ويجعل من الممكن تبسيط الإجراء الذي يهدف إلى استعادة روابط الذاكرة، معتبرا أن احترام كرامة المتوفين واجب أخلاقي، داعيا إلى اتخاذ إجراءات احترازية، أي التأكد من أن الموارد المادية والبشرية تتوافق مع أهداف النص. 

وأوضح النائب أن حشد خبراء إضافيين ضروري للتثبت من أن الجماجم والرفات تعود فعلا إلى طالبيها.

ويوفر التشريع الجديد تسهيلات لإعادة الرفات البشرية إلى الدول الأجنبية المحفوظة ودون الحصول في بعض الحالات على موافقة مسبقة من البرلمان، عبر اعتماد إجراء إداري يسمح، بموجب شروط معينة، للدولة والسلطات المحلية، بتسليم الرفات إلى دولة أجنبية دون الحاجة إلى إصدار قانون، شرط إثبات أصول الرفات بالوسائل العلمية أو بوثائق إثبات.

ومن أحكام التشريع الجديد، إنشاء لجنة علمية مشتركة مع الدول صاحبة الطلبات للتحقق من مصدر المجموعات، وإذا لزم الأمر اللجوء إلى الخبرة الوراثية.

الجيش الفرنسي
الجيش الفرنسيأ ف ب

ولفت المؤرخ والباحث في التاريخ رابح لونيسي في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى وجود "مشاكل تاريخية وقانونية وفنية أو تقنية مثل عملية حفظها، خاصة عند إعادة رفات وجماجم سواء في فرنسا أو غيرها من الدول".

وعاد المؤرخ الجزائري إلى ما يثار إلى حد اليوم حول رفات الأمير عبد القادر (1808-1883) التي كانت في سوريا، فلم يقم البرلمان الفرنسي إلا بإدخال تعديلات على قانون كان موجودا بهدف تسهيل العملية وتجاوز بعض العراقيل، ومنها خاصة عراقيل قانونية.

وحول الاهتمام الفرنسي بإعادة الرفات فيعود إلى "سلطات الدول الأفريقية التي تريد استعادة رفات الجماجم ليس فقط خدمة لتاريخها، بل لتعود عليهم في زيادة شعبيتهم بتلك العملية واكتساب شرعية مبنية على توظيف الماضي، فرنسا لا يعيقها ذلك بل يخدمها، خاصة أن أغلب هذه السلطات تخدم مصالح فرنسا" وفق لونيسي.

وحسب تقديرات المختصين تضم المتاحف الفرنسية حوالي 500 جمجمة لجزائريين، فيما أثمرت عملية فحص للجنة مشتركة، التحقق من أصل 45 رفات بشرية تستوفي الشرط المزدوج المتمثل في اعتبارها جزائرية، ويعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وقد تم تحديد 26 رفاتا قابلة للإرجاع أعيد 24 منها.

كما كشفت مذكرة سرية نشرتها سابقا صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن متحف الإنسان في باريس يتضمن عظام مامادو لامين، زعيم مسلم من غرب أفريقيا قاد في القرن الـ19 تمردًا ضد القوات الاستعمارية الفرنسية، وكذلك أفراد أسرة من الأنويت الكنديين كانوا يُعرضون في حديقة بشرية بباريس عام 1881، إضافة إلى 5 من ضحايا الإبادة الجماعية للأرمن في منتصف العقد الأول من القرن الـ20.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com