صورة تعبيرية
صورة تعبيريةأ ف ب

عبر برامج في الهواتف.. فيتنام تتجسس على مشرّعين وصحفيين أمريكيين

حاول عملاء للحكومة الفيتنامية هذا العام، وضع برامج تجسس في الهواتف النقالة لشخصيات أمريكية مهمة، بينهم أعضاء في الكونغرس، وصحفيون، وخبراء مختصون في السياسة الأمريكية، حسبما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة في تقرير إن ذلك يأتي ضمن "حملة جريئة" تؤكد الانتشار السريع لأحدث أدوات القرصنة، وفقًا لما كشفه فحص الروابط المنشورة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، والوثائق التي كشفت عنها مجموعة من المواقع الإخبارية بما فيها صحيفة "الواشنطن بوست".

المحاولات التي يبدو أنها باءت بالفشل، جاءت بينما كانت الولايات المتحدة وفيتنام تتفاوضان على اتفاقية وقّعها الرئيس بايدن، الشهر الماضي، في هانوي.

وأوضحت الصحيفة أن من بين الأشخاص المستهدفين في الحملة، اثنين من الأصوات المهمة والمؤثرة في السياسة الخارجية في "كابيتول هول" وهما: رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، الجمهوري مايكل ماكول، ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي.

كما استهدفت أيضًا خبراء الشأن الآسيوي في مؤسسات الفكر والأبحاث في واشنطن، وصحفيين من محطة (CNN) الأمريكية، من بينهم كبير محللي الأمن القومي في المحطة جيم سيتو.

الاستهداف جاء بينما كان الدبلوماسيون الأمريكيون والفيتناميون يتفاوضون على التوصل لاتفاقية تعاون لمواجهة النفود المتزايد للصين في المنطقة. وقد صادق الرئيس الأمريكي جو بايدن على الاتفاقية خلال زيارته لفيتنام في أيلول الماضي.

أخبار ذات صلة
هل تستطيع فيتنام حقا مساعدة أمريكا في مواجهة الصين؟

وقالت الصحيفة إن الخارجية الأمريكية رفضت الرد على سؤال حول ما إذا كانت أثارت قضية برامج التجسس مع الحكومة الفيتنامية، ولكنها قالت إن الاتفاقية التي تم التوصل إليها ستفسح المجال أمام واشنطن لمناقشة أمر كهذا.

وكان الجواسيس استخدموا منصة "إكس" لمحاولة إغراء السياسيين وغيرهم على زيارة بعض المواقع على الإنترنت المصممة لتثبيت برنامج القرصنة المعروف "بريداتور"، وفقًا للتحقيق.

و"بريداتور"، مثل منافسه المعروف جيدًا "بيغاسيوس"، هو برنامج مراقبة قوي يصعب اكتشافه، قادر على تشغيل الميكروفونات والكاميرات الخاصة بهواتف الآيفون، والأجهزة التي تعمل على برنامج "غوغل أندرويد" ، واسترداد جميع الملفات، وقراءة الرسائل الخاصة، حتى عندما تكون مشفرة من طرف إلى آخر.

وتروّج لـ "بريداتور" شبكة متطورة تضم مجموعة "إنتلسكا"، وشركة "سايتروكس"، وقد أضافت وزارة التجارة الأمريكية، في يوليو/تموز الماضي، الشركتين إلى "قائمة الكيانات"، وهو التصنيف الذي يشمل شركات عالمية، يُطلب من الشركات الأمريكية الحصول على ترخيص قبل ممارسة الأعمال التجارية معها.

وتُظهر الوثائق التي حصلت عليها مجلة "دير شبيغل" الألمانية، وموقع "ميديا بارت" ومقره باريس، أن محاولات القرصنة الجديدة جاءت في أعقاب محادثات مطولة، وشحنات تكنولوجية بين الوكالات الفيتنامية والشركات التابعة لمصنعي برامج التجسس.

أخبار ذات صلة
بعد فضائح "بيغاسوس".. الرئيس التنفيذي لشركة "إن.إس.أو" الإسرائيلية يتنحى عن منصبه

وكانت منظمة العفو الدولية كشفت عن حملة تجسس عالمية باستخدام برنامج "بريداتور"، إذ شاركت النتائج التي توصلت إليها مع صحيفة "الواشنطن بوست"، و 14 وسيلة إعلام دولية، وأجرت المنظمة تحقيقاتها بالتعاون مع شبكة التعاون الاستقصائي الأوروبي (EIC).

وتضيف الصحيفة: من خلال الأدلة والوثائق التي اطلعنا عليها، نعتقد أن برنامج "بريداتور" تم بيعه من مجموعة "إنتيلكسا" عبر عدة وسطاء إلى وزارة الأمن العام الفيتنامية، حسبما قال رئيس مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، دونكا أو كيرفل.

الحكومة الفيتنامية رفضت التعليق على ذلك، بينما وجدت إدارة بايدن أن استهداف أعضاء الكونغرس أمر يبعث على القلق الكبير، وفقًا لمسؤول رفض الإفصاح عن هويته، لفت إلى أن استهداف 50 مسؤولاً أمريكيًا يعملون في الخارج ببرامج تجسس تجارية في وقت سابق، كان عاملاً رئيسًا وراء إصدار الأمر التنفيذي، في مارس/آذار الماضي.

وبحسب المسؤول، فإن الحملة الأخيرة التي كشفت عمليات الاختراق والتجسس، تثبت صحة قرار إضافة شركتي "إنتيلكسا" و"سيتروكس" إلى "قائمة الكيانات" حيث لا يسمح للشركات الأمريكية بالتعامل مع هذه الشركات باعتبار أنها تعمل ضد المصالح الأمريكية.

ويدرس الكونغرس مشاريع قوانين جديدة لفرض رقابة وإشراف أقوى على صناعة برمجيات التجسس بعد الكشف عن انتهاكات واسعة النطاق في المكسيك، واليونان، والسعودية، وأماكن أخرى. وبينما تقول الشركات مثل "سيتروكس" و "إن إس أو" إنها تبيع برامجها للحكومات فقط، وتمنع إساءة استخدامها، إلا أن عملاء تلك الشركات استخدموا أدوات التجسس ضد الناشطين السلميين، والصحفيين، والشخصيات السياسية.

ولكن ما الذي يدفع فيتنام إلى التجسس على أعضاء في الكونغرس، وصحفيين أمريكيين، ومؤسسات أمريكية بحثية؟ يرى مسؤولون أمريكيون أن فيتنام التي تبذل جهودًا لتعميق علاقاتها مع واشنطن تريد أن تفهم أكثر التفكير الأمريكي بشأن الصين وتايوان، نظرًا لأهمية هذا الأمر بالنسبة لها، لذلك فإن كبار المشرعين الذين تمثل لجانهم في الكونغرس مراكز للضغط والاتصال في البيت الأبيض، وأعضاء وزارتي الخارجية والدفاع، هم بمنزلة أهداف طبيعية لعمليات الاختراق. وكذلك الحال بالنسبة للمحلّلين في المؤسسات البحثية الأمريكية التي غالبًا ما تكون على اتصال وثيق مع صناع القرار.

على صعيد متصل، تطرح وثائق منظمة العفو الدولية تساؤلات أيضًا حول مدى فاعلية تنظيم برامج التجسس من قبل الاتحاد الأوروبي، فالتحقيق الأخير يكشف أن التنظيمات والتشريعات في الاتحاد الأوروبي فشلت بمنع تطوير وتمويل وتصدير برامج التجسس القوية من أوروبا إلى أنحاء العالم. ومن الواضح أن مجموعة "إنتيلكسا" كانت مستعدة لبيع برمجيات "بريداتور" للتجسس، لحكومات لها تاريخ طويل في إساءة استخدام أدوات المراقبة الإلكترونية، من أجل التجسس على المنشقين، والسياسيين، والناشطين.

المصدر: صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com