من زيارة بايدن إلى هانوي
من زيارة بايدن إلى هانوي(أ ف ب)

هل تستطيع فيتنام حقا مساعدة أمريكا في مواجهة الصين؟

في الأسابيع التي تلت سفر الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى العاصمة الفيتنامية في أيلول/سبتمبر الماضي تم الإعلان عن "شراكة استراتيجية شاملة" بين واشنطن وهانوي.

ووصف العديد من المعلقين هذه الشراكة بأنها "نقطة تحول تاريخية" في العلاقات الأمريكية الفيتنامية، وأثارت الكثير من التساؤلات عن مدى قدرة هانوي على مساعدة واشنطن في مواجهة خصومها في المنطقة.

وفي هذا الصدد نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية مقالا للخبير السياسي والدفاعي ديريك غروسمان، المسؤول السابق عن تقديم الإحاطات الاستخباراتية لمساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون الأمن في آسيا والمحيط الهادئ.

وتحدث غروسمان في المقال عن فرص مساعدة فيتنام للأمريكيين في مواجهة الصين.

وأشار إلى أن الشراكة التي تم الإعلان عنها بالتزامن مع زيارة بايدن، "تعتبر أكبر شراكة لفيتنام مع القوى الأجنبية حيث جاءت في وقت تتطلع فيه إدارة بايدن بشكل خاص إلى جذب هانوي إلى استراتيجيتها الأوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين".

واعتبر الكاتب، أنه "من خلال الموافقة على رفع مستوى الشراكة مع الأمريكيين فإن الحكومة الفيتنامية تنحاز إلى أولويات الولايات المتحدة في المنطقة، أو على الأقل تميل نحوها".

أخبار ذات صلة
بايدن: العلاقات مع فيتنام دخلت مرحلة جديدة

بكين وهانوي

وأشار الكاتب إلى أن "اتفاق الشراكة الأمريكية الفيتنامية كان تاريخياً بكل تأكيد، ففي نهاية المطاف لم تقم الولايات المتحدة والحكومة الشيوعية في فيتنام، الخصمان السابقان، بتطبيع العلاقات حتى عام 1995، وتعامل كل منهما مع الآخر بحذر لفترة طويلة من الزمن منذ ذلك الحين".

وأردف: "في السنوات الأخيرة، أصبحت فيتنام متخوفة من النزعة العدوانية الصينية المتزايدة، ليس فقط في بحر الصين الجنوبي بل أيضاً على طول نهر ميكونغ، حيث خلقت السدود الصينية عند المنبع انعداماً خطيراً للأمن الغذائي والموارد في فيتنام".

وشدد غروسمان على أنه "لا ينبغي المبالغة في تقدير العواقب الجيوسياسية للشراكة الأمريكية الجديدة، فمن ناحية، كانت هانوي تتمتع بعلاقات وثيقة مع بكين يعود تاريخها إلى الفترة الاستعمارية، عندما ساعد الحزب الشيوعي الصيني نظيره الفيتنامي في طرد المحتلين الفرنسيين".

وفي وقت لاحق، دعمت الصين حرب فيتنام ضد الأمريكيين وحتى يومنا هذا، وعلى الرغم من المشاعر المعادية للصين في الجيش الشعبي الفيتنامي وبين السكان الفيتناميين - الناجمة عن الغزوات الصينية المتعددة على مدى آلاف السنين - يواصل الحزب الشيوعي الفيتنامي الحاكم الحفاظ على علاقات ودية مع بكين.

وشدد الكاتب على أهمية أن تختبر واشنطن مدى استعداد فيتنام للمساهمة في استراتيجية الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين وتحديد المجالات التي يمكنها فيها تعزيز أمن هانوي الاقتصادي والعسكري بشكل ملموس ضد حلفائها الأكبر بكثير.

وأشار إلى أن رفع العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مستوى "شراكة استراتيجية شاملة"، يُعد بالنسبة لهانوي بمثابة رسالة إلى الصين حول مدى قوة العلاقات الأمريكية الفيتنامية وليس محاولة منها لإنشاء إطار فعلي لتعزيز التعاون الأمني مع واشنطن.

أخبار ذات صلة
وسط ترقب صيني.. أمريكا تتقرّب من فيتنام

شكل الشراكة

وباعتبارها واحدة من الدول البحرية العديدة التي تعارض مطالبات الصين السيادية التوسعية في بحر الصين الجنوبي، فقد توفر فيتنام للولايات المتحدة "موقعا جغرافياً مثالياً" في أي صراع مستقبلي محتمل مع بكين.

واعتبر الكاتب، أن "سماح هانوي للجيش الأمريكي بإنشاء قواعد في فيتنام، كما فعلت الولايات المتحدة مع حلفائها الرسميين مثل أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية، هي فكرة غير مقبولة".

واستبعد إلى حد كبير، أن تسمح الحكومة الفيتنامية حتى "بالانتشار التناوبي" للقوات الأمريكية على أراضيها، وهي ممارسة روتينية في الفلبين حليفة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

كما رأى الكاتب أن مسؤولي الدفاع الأمريكيين وصناع السياسة في واشنطن سيجدون صعوبة في إقناع الجيش الشعبي الفيتنامي بالمشاركة في مناورات مشتركة، سواء في بحر الصين الجنوبي أو في أي مكان آخر، بسبب مبدأ هانوي الذي يحظر التعاون مع دولة ضد أخرى.

وعلى الرغم من هذه القيود فإن الشراكة الجديدة بين الولايات المتحدة وفيتنام لا تزال توفر فرصاً لتعميق وتوسيع التعاون الأمني المستمر بين البلدين.

وعلى سبيل المثال، تعمل واشنطن بالفعل مع هانوي منذ سنوات لتعزيز قدرات فيتنام في مجال التوعية بالمجال البحري من أجل اكتشاف ومراقبة الأنشطة الصينية في بحر الصين الجنوبي بشكل أفضل.

ومن المحتمل أن تبيع الولايات المتحدة لهانوي طائرات استطلاع دون طيار أكثر تقدماً وربما تتعاون معها في تقنيات الفضاء الخارجي التي يمكن أن توفر وعياً معززاً بما يحدث في المنطقة.

وأشار الكاتب إلى أنه، وبعد الشراكة الجديدة بين واشنطن وهانوي، فمن المرجح أن تشمل هذه الاتفاقية المزيد من تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالصين وقد تنمو الأشكال الأخرى من التعاون الأمني، سواء في مبيعات الأسلحة أو زيارات حاملات الطائرات أو تدريبات خفر السواحل، مع استمرار بناء الثقة بين الولايات المتحدة وفيتنام.

ووفقاً لأحد التقارير، تدرس واشنطن الآن صفقة بيع أسلحة كبيرة إلى هانوي تشمل، للمرة الأولى، بيعها طائرات إف-16.

ورأى الكاتب أن التعاون الأمني بين هانوي وواشنطن بشأن الصين وصل حتى الآن بالفعل إلى الحد الذي ترغب فيتنام في تحقيقه.

والأمر الأكثر إثارة للقلق، بحسب الكاتب، هو أن فيتنام على مدى الأشهر القليلة الماضية قللت من قيمة الشراكة الاستراتيجية الشاملة من خلال السعي إلى إضافة العديد من البلدان الأخرى إلى نفس المستوى في وقت واحد.

فإلى جانب الولايات المتحدة أضافت فيتنام كوريا الجنوبية العام الماضي إلى "مستوى الشراكة الاستراتيجية" وقالت إنها تدرس إضافة كل من أستراليا وإندونيسيا وسنغافورة بعد ذلك.

واعتبر الكاتب أنه وعلى الرغم من أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تعتمد على فيتنام للمساعدة في مواجهة الصين، فإن حقيقة أن هانوي اختارت رفع مستوى الشراكة مع واشنطن فإن ذلك يُعد مؤشراً قوياً على مخاوف هانوي المتزايدة بشأن عدوانية بكين المتصاعدة.

وإذا أصبحت الصين أكثر عدوانية، فقد تخلق فرصاً جديدة لهانوي لتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة.

وقال الكاتب: "ينبغي لواشنطن أن تعزز العلاقات الشعبية بين البلدين ومعالجة الإرث الإنساني الذي خلفته حرب فيتنام وخصوصا إزالة الذخائر غير المنفجرة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com