أشباه الموصلات.. أمن قومي وصراع بين واشنطن وبكين

أشباه الموصلات.. أمن قومي وصراع بين واشنطن وبكين

تُعرف أشباه الموصلات أو الرقائق الإلكترونية، بأنها مجموعة من المواد الصلبة البلورية، التي تمتلك قدرة متوسطة على توصيل الكهرباء، بحيث لا توصل الكهرباء بكفاءة المواد الموصلة، لكنّها ليست أيضًا من المواد العازلة.

وتمتاز أشباه الموصلات بكفاءتها في مجال الطاقة، وانخفاض أسعارها؛ لذلك فهي تستخدم على نطاق واسع في مجال صناعة الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الديودات، والترانزستورات، والدوائر المتكاملة.

ويعد شبه الموصل أو نصف الناقل مادة صلبة ينتقل فيها التيار الكهربائي بصعوبة، يتم التحكم في موصليتها الكهربائية بإضافة عناصر أخرى بكميات ضئيلة.

وتكون مقاومة شبه الموصل الكهربائية ما بين الموصلات والعوازل، كما يمكن لمجال كهربائي خارجي تغيير درجة مقاومة شبه الموصل، فالأجهزة والمعدات التي يدخل في تصنيعها مواد شبه موصلة هي أساس الإلكترونيات الحديثة التي تشمل: الراديو، والكمبيوتر، والهاتف، والتلفزيون، وأجهزة أخرى كثيرة.

والأجزاء الإلكترونية التي تعمل بأشباه الموصلات تشمل: الترانستور، والخلايا الشمسية، والصمامات الثنائية، والثنائيات باعثة الضوء، ومقومات التيار المتردد التي تعمل بالسيليكون، والدوائر المتكاملة التناظرية والرقمية.

كما تمثل ألواح الطاقة الشمسية أكبر مثال للأجهزة التي تعمل بالمواد شبه الموصلة، حيت تقوم بتحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كهربائية.

رغم أنّ أشباه الموصلات اخترعت في الولايات المتحدة، فإنّ البلاد تنتج نحو 10% فقط من الإمدادات العالمية
البيت الأبيض

كيف تتم صناعتها

تصنع هذه الرقائق عادةً من شرائح رقيقة من السيليكون مع مكونات معقدة موضوعة عليها في أنماط محددة، تتحكم هذه الأنماط في تدفق التيار باستخدام مفاتيح كهربائية تسمى "transistors". ومفاتيح أشباه الموصلات كهربائية بالكامل، أي لا توجد مكونات ميكانيكية داخلها.

وتنتج تايوان معظم رقائق السيليكون عالية التقنية في العالم، وهي شرائح بحجم ظفر الإصبع، وتحتوي على بلايين من الترانزستورات المجهرية، ويتم تصنيع أفضل الرقائق في شركة "Taiwan Semiconductor Manufacturing Company"، التي قد تكون أهم شركة لم يسمع بها معظم الناس في الولايات المتحدة من قبل، بحسب صحيفة "نيويروك تايمز".

ووفقًا لموقع (IDC)، فإنه من المتوقع أن تصل عائدات قطاع أشباه الموصلات في جميع أنحاء العالم إلى 661 مليار دولار في 2022، بمعدل نمو سنوي قدره 13.7%، بعد النتائج القوية للعام 2021، حيث وصلت الإيرادات إلى 582 مليار دولار.

ورغم أنّ أشباه الموصلات اخترعت في الولايات المتحدة، فإنّ البلاد تنتج نحو 10% فقط من الإمدادات العالمية، وفقًا للبيت الأبيض، مع استيراد نحو 75% من الإمدادات الأمريكية من شرق آسيا، الأمر الذي أقرّ به بايدن أيضًا، قائلًا إنّ "الولايات المتحدة لا تنتج حاليًا أيًا من أشباه الموصلات المتطورة والمتقدمة لأنظمة أسلحة المستقبل".

في المقابل، عملت الصين، منذ سنوات قليلة سابقة، على تحسين قطاع إنتاج الموصلات، وشهدت تطورًا ملحوظًا في هذا المجال، إذ "جاءت نقطة التحول في اهتمام بكين بأشباه الموصلات، في العام 2014 ، عندما حدد مجلس الدولة هدفًا يتمثل في أن تصبح رائدًا عالميًا في المجال بحلول عام 2030.

وفي العام 2015، تم إطلاق مشروع صنع في الصين 2025، بهدف تحقيق أكبر قدر من الاكتفاء الذاتي التكنولوجي"، بحسب موقع "East Asia Forum".

ووفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإنّ "الصين تمضي قُدمًا في خططها لبناء 31 مصنعًا جديدًا للرقائق الإلكترونية بحلول 2024".

أخبار ذات صلة
كوريا الجنوبية تبني أكبر مركز لصناعة الرقائق الإلكترونية في العالم

الرقائق وصراعات الدول

يأخذ قطاع إنتاج أشباه الموصلات، حيّزًا كبيرًا في الصراعات بين الدول، بين واشنطن وبكين على وجه التحديد، لما يشكّله هذا القطاع من أهميّة اقتصادية وسياسية.

فقد صنّف الرئيس الأمريكي جو بايدن أثناء افتتاح موقع مصنع لأشباه الموصلات في ولاية أوهايو الأمريكية في الفترة الأخيرة، مسألة تصنيع الرقائق الإلكترونية أو أشباه الموصلات على أنها مسألة "أمن قومي".

ووقّع بايدن قانونًا لمنح مساعدات بقيمة 52 مليار دولار من أجل تطوير قطاع إنتاج أشباه الموصلات، مشيرًا إلى أنّ ذلك يأتي "في إطار التنافس الكبير بين الصين والولايات المتحدة".

وفي سياق مواجهة التقدّم الصيني في مجال الرقائق الإلكترونية، فرضت الولايات المتحدة شرط ترخيص جديد لأي تصدير مستقبلي لأشباه الموصلات إلى الصين بما في ذلك هونغ كونغ، وروسيا، من أجل معالجة خطر استخدام هذه المنتجات في الاستخدام النهائي العسكري أو تحويلها لهكذا استخدام".

كذلك، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي، أنّ شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تتلقى تمويلًا حكوميًا ستُمنع من بناء منشآت تكنولوجية متقدمة في الصين لمدّة عقدٍ من الزمن، بعد أنّ حددت خططًا لتعزيز الإنتاج المحلي لأشباه الموصلات.

وبدون وجود إمدادات ثابتة من أشباه الموصلات، فإنّ أي اقتصاد متقدم سيتوقف عن العمل، بالتالي، فإن هذه التقنيات هي التي ستحدد مكانة كل دولة على الصعيد الاقتصادي، وحضورها وتأثيرها السياسي والأمني.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com