لقاء جمع الرئيس الإيراني مع نظيره الكيني
لقاء جمع الرئيس الإيراني مع نظيره الكينيأ ف ب

ما الذي تبحث عنه إيران في أفريقيا؟

سلطت هيئة الإذاعة البريطانية بالنسخة الفارسية الضوء على طموحات إيران في الدول الأفريقية، مشيرة إلى أن عقود التسليح التي أبرمتها طهران مع عدد من هذه الدول تبقى غير واضحة، لكن ذلك يأتي في ظل مسعى لترسيخ الوجود في أفريقيا للوصول إلى الموارد الإستراتيجية.

وفي 16 مارس/آذار الماضي، ألغت الحكومة العسكرية في النيجر اتفاقية عسكرية مع الولايات المتحدة كانت تسمح للبلاد بنشر أفراد عسكريين ومدنيين في النيجر.

وبحسب تقرير للهيئة، فإن "واشنطن أعربت عن قلقها إزاء توسع علاقات النيجر مع روسيا وإيران، وخطط تلك الدولة لتوقيع اتفاق مع طهران يهدف لوصول إيران إلى احتياطيات اليورانيوم في النيجر".

ورفضت الحكومة العسكرية في النيجر تلك "الاتهامات الباطلة" التي وجهتها الولايات المتحدة، وانتقدت "النهج الأناني" الذي تتبعه واشنطن.

الرئيس الإيراني مع وزير خارجية النيجر
الرئيس الإيراني مع وزير خارجية النيجرموقع الرئاسة الإيرانية

وأعرب الأمريكيون عن قلقهم بعد سلسلة التطورات الإيجابية في العلاقات بين طهران ونيامي (عاصمة النيجر) بعد انقلاب يوليو 2023، ويعد هذا الانقلاب واحدًا من آخر سلسلة الانقلابات العسكرية التي حدثت في السنوات الأخيرة في الدول الأفريقية وأدت إلى تشكيل "حزام الانقلابات في منطقة الساحل".

واختلف عدد من هذه البلدان، بما في ذلك بوركينا فاسو ومالي والنيجر، مع المستعمرات الفرنسية السابقة وبدأت في البحث عن شركاء جدد بين دول أخرى، بما في ذلك روسيا وإيران.

ودعمت طهران الحكومات العسكرية في هذه البلدان الثلاثة منذ البداية، واستشهدت بدوافع "مناهضة للإمبريالية" كسبب لدعمها.

ويرى التقرير أن "دعم إيران لهذه الحكومات لا يقتصر على الطموحات السياسية أو زيادة العلاقات الاقتصادية، بل إنه يجري تكوين عقود عسكرية جديدة بين طهران ودول أفريقية".

أخبار ذات صلة
بلومبيرغ: مسيّرات إيران تشكل "خطرا عاجلا" على استقرار الشرق الأوسط

الاتفاقيات العسكرية بين إيران والدول الأفريقية

وأكدت طهران، مرارًا، أنها ستوسّع برنامج مبيعات الأسلحة بعد انتهاء حظر الأسلحة الدولي المفروض على إيران في أكتوبر 2023.

وفي نوفمبر 2023، ناقش سفير إيران في بوركينا فاسو مع وزير خارجية البلاد زيادة التعاون الدفاعي، والذي شمل تصدير المعدات العسكرية، وإصلاح المروحيات العسكرية، وتدريب قوات الأمن في بوركينا فاسو.

وفي مايو 2023، استضاف محمد رضا أشتياني، وزير الدفاع الإيراني، ساديو كامارا، وزير الدفاع المالي، وناقش معه تجهيز وتدريب القوات العسكرية المالية لمحاربة الإرهاب.

وفي يناير/كانون الثاني 2024، سافر علي لامين زين، رئيس وزراء النيجر، إلى طهران لتوقيع عدة اتفاقيات تعاون مع الحكومة الإيرانية.

وفي الصور التي بثها التلفزيون الرسمي الإيراني، كان محمد رضا أشتياني من بين المسؤولين الذين وقّعوا على الوثائق، لكن لم تتحدث إيران ولا النيجر عن توقيع العقد الدفاعي والعسكري، ولم تقدم إيران حتى الآن أي تفاصيل حول تعاونها العسكري مع دول الساحل أو الدول الأفريقية الأخرى.

هل ترسل إيران طائرات دون طيار إلى أفريقيا؟

كما يتحدث التقرير عن عزم طهران إرسال طائرات مسيرة إلى الدول الأفريقية، مشيرًا إلى أن "الطائرات دون طيار إيرانية الصنع جذبت اهتمام دول مختلفة في أنحاء مختلفة من العالم، خاصة روسيا التي تستخدم هذه الطائرات في الحرب في أوكرانيا".

ووفق التقرير، "أصبحت الطائرات العسكرية دون طيار جزءًا مهمًا وحيويًا في الحروب الحديثة، وفي صراعات القارة الأفريقية، يشار إليها أيضًا باسم "الورقة الرابحة".

وفي الآونة الأخيرة، ظهرت تقارير عن استخدام طائرات دون طيار إيرانية في السودان، ففي يناير/كانون الثاني، أعلنت قوات الدعم السريع، وهي قوات عسكرية في السودان، أنها دمرت طائرة دون طيار إيرانية الصنع كانت تحت سيطرة الجيش السوداني.

ووفقًا لوسائل الإعلام السودانية، لعبت الطائرات دون طيار الإيرانية، بما في ذلك مهاجر 6، ومهاجر 4، وأبابيل، "دورًا حاسمًا" في تقدم القوات المسلحة السودانية، في مارس/آذار الماضي، ورغم ذلك تنفي الخرطوم تلقي مساعدات عسكرية من طهران، وتقول إنها تستخدم أسلحة عسكرية مصنوعة في السودان.

واستأنفت إيران والسودان العلاقات الدبلوماسية، في أكتوبر 2023 بعد 7 سنوات من القطيعة بين البلدين، وزار وزير الخارجية السوداني علي الصادق علي طهران للمرة الأولى في فبراير/شباط الماضي.

وذكرت بعض وسائل الإعلام أن القائد العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي يتولّى السلطة فعليًا في البلاد، قد يزور إيران قريبًا.

كما نُشرت تقارير عن استخدام طائرات إيرانية دون طيار في أجزاء أخرى من أفريقيا. واتُهمت الحكومة الإيرانية بتقديم طائراتها العسكرية دون طيار لجيش البلاد خلال الحرب الأهلية التي استمرت عامين في منطقة تيغراي شمال إثيوبيا.

وذكرت مجموعة الصحافة الاستقصائية "Bellingcat" هذه القضية في تحليلها للعام 2021، ومثل السودان، لم توافق إثيوبيا على شراء طائرات دون طيار من إيران أو استخدامها في الحرب.

زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى أوغندا
زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى أوغنداموقع الرئاسة الإيرانية

ما الذي تبحث عنه إيران في أفريقيا؟

ويرى التقرير أنه "يمكن تقييم أنشطة إيران الأخيرة في أفريقيا بما يتماشى مع العديد من المصالح الرئيسة للجمهورية الإسلامية، أولاً، لطالما أرادت طهران حل القضايا الإقليمية بين دول المنطقة وسحب القوات الغربية من الشرق الأوسط وأفريقيا".

ويشير إلى أن "النقطة الثانية هي أن طهران تحاول تعويض عزلتها في الغرب من خلال زيادة علاقاتها مع دول آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية".

وزار إبراهيم رئيسي كينيا وأوغندا وزيمبابوي في العام 2022، وهي أول زيارة لرئيس إيراني إلى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ حوالي عقد من الزمن.

وبين التقرير أن "التطورات الجديدة وإعادة الترتيبات الجيوسياسية في منطقة الساحل الأفريقي جعلت إيران تسعى إلى تحقيق هدف أكبر من مجرد إرضاء طموحاتها السياسية في أفريقيا".

وأضاف: "إذا كانت إيران تتطلع حقًا إلى استخدام احتياطي اليورانيوم لدى النيجر، فإن توقيع الاتفاق مع نيامي سيساعد طهران على تعزيز برنامجها النووي، الذي يعد أحد المحاور الرئيسة لخلافات إيران مع الغرب".

وقامت طهران بزيادة مخزوناتها من اليورانيوم المخصب بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتعثرت المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي للعام 2015 (JCPOA) لأكثر من عام.

وفي مارس/آذار الماضي، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مصادر استخباراتية سودانية، أن طهران ضغطت على الخرطوم لبناء قاعدة بحرية دائمة في البحر الأحمر مقابل إرسال طائرات مسيرة إلى السودان، رغم أن الصحيفة ذكرت أن هذه الجهود باءت بالفشل.

زيارة الرئيس الإيراني إلى أوغندا
زيارة الرئيس الإيراني إلى أوغنداوسائل إعلام إيرانية

ونُشر هذا التقرير في نفس الوقت الذي هاجمت فيه ميليشيا الحوثي في اليمن السفن المسافرة في البحر الأحمر وخليج عدن، ونفت إيران والسودان تقرير "وول ستريت جورنال".

ووفقًا لعدد من وسائل الإعلام السودانية، طلبت إيران أيضًا من الخرطوم إنهاء "مشاركتها في الحرب" ضد الحوثيين، وتجهيز وتسليح الجماعات المتشددة للقتال ضد خليفة حفتر، القائد القوي للجيش الوطني الليبي المتمركز في ليبيا.

وبحسب موقع "الراكوبة" الإخباري المستقل في السودان، فإن هدف إيران هو "ترسيخ وجودها في أفريقيا والوصول إلى مواردها الإستراتيجية".

وبالنظر إلى نفي إيران، وانعدام الشفافية في عقود الدفاع أو الأسلحة مع الدول الأفريقية، فإن المدى الحقيقي لهذا التعاون العسكري لا يزال غير واضح. لكن تزايد اتصالات إيران مع السودان، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، يُظهر أن طهران تحلم بدور مهم وكبير في أفريقيا، خاصة في منطقة الساحل.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com