ماذا وراء تكثيف الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية بسوريا؟

ماذا وراء تكثيف الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية بسوريا؟

كثفت إسرائيل خلال الأيام القليلة الماضية ضرباتها على الأهداف الإيرانية في سوريا بشكل لافت؛ ما أسفر عن مقتل عدد من الضباط التابعين للحرس الثوري.

ويثير التصعيد الإسرائيلي الأخير التكهنات حول دلالاته الزمانية والتوابع التي قد تنتج عنه؛ بين من يرى أنه استمرار لسياسة تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، ومن يرى أنه ربما مقدمة لحرب شاملة تهدف في نهاية المطاف لوقف المساعي الإيرانية لتتويج نفسها قوة إقليمية نووية بنفوذ واسع.

تنافس مستمر

ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية إسلام المنسي، أن الضربات الأخيرة هي مجرد استمرار لوضعية التنافس الإقليمي المستمر منذ سنوات بين إسرائيل وإيران.

ويقول المنسي، في تصريح لإرم نيوز: "الاستهداف الإسرائيلي المستمر والمتكرر يأتي في سياق التنافس الإقليمي بين طهران وتل أبيب؛ فإيران لديها مشروع معلن تعمل عليه منذ سنوات وبذلت فيه جهودا جبارة يتمثل في ربط أراضيها بجسر بري يمر عبر العراق وسوريا ولبنان وصولا للبحر المتوسط والسيطرة على تلك الدول".

ويتابع: "إسرائيل ترى في نجاح ذلك تغييرا للتوازن الاستراتيجي ليس في صالحها، وبالتالي لا تريد أن يكون هناك سيطرة إيرانية على دول الجوار، وتعمل على إخلاء الساحة السورية من وجود قوة عسكرية معادية بحجم إيران. هي تحاول العمل على إفشال المخططات الإيرانية، وبالفعل حققت إسرائيل نجاحات ضخمة في هذا الأمر إذ إنها دمرت كميات كبيرة من الأسلحة وأجبرت الميليشيات الإيرانية على ترك الكثير من المواقع".

واستدرك بالقول: "لكن هذه النجاحات الإسرائيلية تصطدم بالإصرار الإيراني على البقاء في سوريا على الرغم من كل ما دفعته من ضرائب باهظة ماديا وحتى من كوادرها العسكرية".

ليست حربا شاملة

ويرى الباحث أن الضربات لن تعدو واقعها الحالي، وأنها ليست مقدمة لحرب شاملة لا يريدها الطرفان.

ويقول: "لا يتوقع أن تكف إسرائيل عن استهداف إيران وميليشياتها في سوريا، كما لا يتوقع أن تتوقف إيران عن السعي في تثبيت وجودها واستكمال مشروعها.. لكن من غير المتوقع أن يتطور الأمر لحرب شاملة؛ فالطرفان لا يريدان الوصول لهذه النقطة، وفي النهاية إسرائيل تضرب في أراض سورية وليس داخل العمق الإيراني؛ وإيران تحاول الرد بنفس الأساليب عبر هجمات سيبرانية أو استهداف ناقلات في المياه الدولية أو استهداف مصالح إسرائيلية في دول أخرى، لكن هناك شبه اتفاق ضمني بين الطرفين على عدم الدخول في حرب شاملة، ويتجلى ذلك في عدم تبني الطرفين للعمليات التي يقومان بها بشكل رسمي".

الأوضاع في المنطقة لا تسمح بحرب شاملة، حتى إيران نفسها تفضل تحمل مثل هذه الضربات على فكرة فتح  جبهة شاملة
عامر سبايلة

امتصاص الضربات

ويرى المحلل السياسي الأردني عامر سبايلة أن الاستهداف الإسرائيلي لإيران في سوريا يظل أولوية لتل أبيب، وأن كثافته الكمية والنوعية قد تزيد مستقبلا لكن دون الوصول للمواجهة المباشرة.

ويقول سبايلة في تصريح لإرم نيوز: "بلا شك هذه أولوية لإسرائيل مسألة استهداف إيران وخصوصا في محيط إسرائيل عندما نتحدث عن سوريا بالذات، لكن نعلم أن هذا يتزامن مع التصعيد الإسرائيلي داخل إيران مؤخرا؛ حيث وقعت هناك عمليات واضح أنها تقود للإسرائيليين".

ويتابع: "هذا في اعتقادي سيستمر ولن تتوقف إسرائيل عن استهداف إيران، أما أن تقود لحرب شاملة فأتوقع أن الأوضاع في المنطقة لا تسمح بحرب شاملة، حتى إيران نفسها تفضل تحمل مثل هذه الضربات على فكرة فتح  جبهة شاملة بسبب معطيات عدة؛ أولها الاستنزاف الذي تعرضت له طهران في حرب طويلة الأمد في سوريا، والأوضاع في العراق، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الداخل الإيراني نفسه؛ وهو ما يعني أن إيران غير معنية بفتح مثل هذه الجبهة بحرب إقليمية شاملة".

ورأى أن إيران تكتفي بمحاولة "رفع كلفة التحركات الإسرائيلية عبر عمليات مشابهة باستهداف الإسرائيليين".

أخبار ذات صلة
إيران وبيلاروسيا تعززان علاقاتهما على خلفية الحرب في أوكرانيا

استثمار المتغيرات

وأشار الباحث الأردني إلى أن إسرائيل "تسعى لاستثمار فكرة دخول إيران على خط الحرب الأوكرانية الروسية وبالتالي استعداء حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة واستثمار أيضًا الأوضاع الداخلية في إيران".

وبحسب سبايلة، فإسرائيل "تعمل على إحاطة إيران من جهة أذربيجان ومن ثم العمل في العمق الإيراني؛ وهذا قد يقود لمواجهات أكثر ضراوة في الفترة القادمة".

وأوضح أن "فكرة الحرب الشاملة لا يمكن أن تتم إلا بقرار أمريكي، والولايات المتحدة اليوم لا يمكن أن تعطي الضوء الأخضر- في هذه المرحلة على الأقل- لحرب شاملة.. وأعتقد أن الإسرائيليين سيكثفون ضرباتهم في الفترة المقبلة لكن دون الوصول لمواجهة شاملة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com