أحد سدود المياه في إيران
أحد سدود المياه في إيرانأرشيفية

الوضع المائي الصعب يهدد إيران

تواجه إيران وضعا مائيا صعبا وأزمة متفاقمة، في ظل عدم وجود مياه في 60% من سدود البلاد، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام محلية اليوم السبت، مشيرة إلى أنه وفي الأشهر القليلة الماضية واجه ما لا يقل عن 13 سدًّا نقصًا حادًّا في المياه. 

وتقع السدود تلك الـ13، في 9 محافظات ذات كثافة سكانية عالية في إيران، إذ انخفض حجم مياه 8 سدود منها بنسبة تتراوح بين 50 و80% مقارنة بالعام الماضي، وشهدت خمسة سدود أخرى انخفاضا بنسبة 30% في احتياطات المياه مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقالت الوكالة الرسمية الإيرانية "إيرنا" التي تديرها الحكومة إنه "في الأشهر القليلة الماضية، أظهرت إحصاءات الحكومة أن 269 مدينة إيرانية تعيش حالة من "الإجهاد المائي".

وفي إشارة إلى انخفاض هطول الأمطار بنسبة 40% هذا العام، أفادت الوكالة أن منسوب المياه في السدود مثير للقلق، وتعد العاصمة طهران التي يسكنها قرابة 15 مليون نسمة هي الأكثر معاناة من أزمة المياه، فيما تحدث مسؤولون في الحكومة عن ترشيد الاستهلاك عبر تحديد حصص مائية للمواطنين في العاصمة.

أحد السدود الخالية من المياه
أحد السدود الخالية من المياهأرشيفية

حول ذلك، يقول خبير المياه الإيراني محمد إبراهيم رئيسي لـ"إرم نيوز"، إن "إيران أصبحت في حالة إفلاس مائي.. التوقعات بزيادة هطول الأمطار في موسم الخريف هذا لم تتحقق، وتشهد البلاد جفافاً للعام الرابع على التوالي".

ولا يرى رئيسي أن السبب في ذلك هو انخفاض الأمطار والجفاف وحسب، بل أشار إلى أسباب أخرى "الفساد في قطاع المياه وخضوعه لوجهات نظر ذات بعد سياسي وأمني".

محمد إبراهيم رئيسي
محمد إبراهيم رئيسيأرشيفية

وقال: "مثلاً الآن يستهلك كل مواطن في طهران ما بين 200 إلى 250 لترًا من الماء يوميًّا، وهو ما يجب تقليله بطبيعة الحال؛ لأن الاستهتار في الاستهلاك، وخاصة في مجال الزراعة والصناعة، والسحب المفرط من طبقات المياه الجوفية والبحيرات والأنهار والموارد الجوفية، بالإضافة إلى عدم هطول أمطار الخريف، شكّل تحديًّا خطيراً على إيران".

أخبار ذات صلة
صحيفة إيرانية: طهران عاصمة "المكتئبين"

البناء العشوائي للسدود

وقبل أن تصبح أزمة نقص المياه في إيران علنية، قدم مسؤولو الموارد المائية في إيران بناء السدود كأحد الإنجازات بعد الثورة الإسلامية عام 1979.

ووفقا لتقرير شركة الموارد المائية الإيرانية، فقد تم بناء 185 سدًّا في إيران حتى عام 2018، في حين بلغ عدد السدود التي تم بناؤها قبل الثورة 19 سدًّا.

وفيما تحتل إيران المرتبة الثالثة في بناء السدود بالعالم، تشير الدراسات الدولية حول تأثير السدود على الموارد المائية والبيئة، إلى أن السدود تسبب التصحر، وتجفف البحيرات والأنهار والمستنقعات تدريجيًّا، وتدمر الأراضي الزراعية، وتسبب أضرارا لا يمكن إصلاحها على البيئة.

ومنذ وقت ليس ببعيد، قال عيسى كلانتري، الرئيس السابق لمنظمة البيئة الإيرانية، عن مشكلة المياه: "هذا البلد لديه تاريخ حضاري يبلغ 7000 عام، وقد استنفذنا مياه البلاد في السنوات الـ25 الماضية".

وأضاف كلانتري: "يتحرك العالم بقوة ضد أزمة المياه، وباستهلاك المياه، جفت البحيرات والأراضي الرطبة والأنهار، وتم ضخ كل المياه الجوفية، ثم يقولون لماذا هناك مشاكل".

ومن بين السدود الأكثر تحديًّا في إيران، والذي بدأ تشغيله في يوليو/تموز الماضي على الرغم من احتجاجات علماء المياه والبيئة والآثار، كان مشروع سد جمشير الواقع جنوب إيران، وهو خامس أكبر سد في إيران وأكبر سد خرساني وأسطواني في الشرق الأوسط.

وفي العامين الماضيين، حذّر العديد من خبراء المياه والبيئة مرارا وتكرارا من الأضرار التي لا يمكن إصلاحها لهذا المشروع، وقالوا إن سحب المياه من سد جمشير سيتسبب في كارثة تتجاوز الأضرار البيئية التي تحدثها إنشاءات السدود العادية.

سعيد جالي
سعيد جاليأرشيفية

أضرار جسيمة على النظام البيئي

من جهته، يقول خبير الموارد المائية بجامعة طهران سعيد جمالي لـ"إرم نيوز": "بعد عملية سد جمشير، سيكون الدور على سد خرسان 3 الواقعة جنوب غرب إيران، الذي سيقطع جزءًا مهمًّا من غابات البلوط، وسيتم تدمير ملايين الأشجار، وسوف يتسبب في أضرار جسيمة على النظام البيئي في زاغروس وجفافه، ويتضخم نهر خرسان".

ويعتبر جمالي أن "استغلال سد خرسان 3 أكثر كارثية من سد جمشير، وحذر مرات عديدة من سحب المياه من هذا السد".

وبحسب الخبير في مجال المياه رضا حاجي كريم: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، هناك خطر على الحضارة ويجب أن نقول إننا سنمر بأوقات عصيبة وسنشهد صراعات اجتماعية وسياسية وعرقية في مشكلة المياه".

من جانبها، قالت رئيسة هيئة الأرصاد الجوية سحر تاجبخش، مؤخراً، عن متوسط هطول الأمطار هذا العام: "حتى لو كان هطول الأمطار في فصل الشتاء ضمن المعدل الطبيعي، فإن قلة هطول الأمطار في الماضي لن يتم تعويضها".

وعلى سبيل المثال، تحدثت السلطات في إيران منذ سنوات عن فقدان 25% من مياه الشرب في شبكة المياه المهترئة، لكنها لم تتخذ أي إجراء لحل هذه المشكلة.

أحد سدود المياه في إيران
أحد سدود المياه في إيرانأرشيفية

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com