ما خيارات إيران للرد على "هجوم القنصلية"؟

كشف خبير إستراتيجي أن سيناريوهات الرد الإيراني على الهجوم والقصف الإسرائيلي المباشر للقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، تخلُص في معظمها إلى توقع استهداف إيراني مباشر لأهداف داخل إسرائيل أو الدخول في مواجهة مباشرة مع الأخيرة.

ولفت المحلل السياسي أحمد صالح خلف، إلى أن معظم التحليلات تتجاهل أو تتناسى دراسة وتحليل إيدولوجية الدولة الإيرانية وتاريخ أزماتها واشتباكاتها غير المباشرة مع إسرائيل. بل ذهبت القراءات الغربية تحديدًا إلى أن الرد الإيراني المباشر سينفد خلال أيام بُعيد الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية.

"ولاية الفقيه"

وفي سياق تحليله، أوضح خلف في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى أن الدولة الإيرانية يقوم فيها النظام السياسي وبناء مكونات نظام الحكم فيها على إيدولوجية ولاية الفقيه كمرجعية في جميع شؤون الدولة التي تبدأ وتنتهي عندها السياسة الخارجية والداخلية والتعامل مع الملفات الإقليمية والدولية.

وأشار إلى أن قائد الثورة الإيرانية الخميني هو من أسّس لهذه الإيدولوجية بعد أن نصَّب نفسه المرشد الأعلى لإيران (منصب تم إنشاؤه في دستور الجمهورية الإيرانية، العام 1979، كأعلى سلطة سياسية ودينية). مضيفًا: "هو أيضًا من أسَّس لتطبيق مبدأ ولاية الفقيه في الحكم وعقيدة تصدير الثورة في دول الإقليم من خلال دعم أذرع وميليشيات إيران في المنطقة العربية"، بحسب تعبيره.

ووفق المتحدث، فلا حماس قائد عسكري، ولا رجال السياسة، سيحددون كيفية الرد على الهجمات الإسرائيلية، بل هو أمر حصري بيد مرجعية الفقيه التي تمتلك السلطة السياسية والدينية في إيران.

الحرب بالوكالة

وباستعراض وقراءة طرق وأساليب تعامل المرجعية الأعلى في إيران مع الملف الإسرائيلي تحديدًا على مدار أكثر من 40 سنة، فيرى المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي أن إيران لم تستهدف الداخل الإسرائيلي مطلقًا رغم الاشتباكات السياسية والعسكرية غير المباشرة مع إسرائيل ورغم الاستهداف الإسرائيلي المباشر لأهداف إيرانية بحتة وبشكل مباشر واعتمدت على الرد من خلال أذرعها في المنطقة تطبيقًا لنهج الحرب بالوكالة الذي تنفذه الأذرع الإيرانية بالنيابة والوكالة عنها ضد إسرائيل.

وبحسب خلف، فإن إسرائيل استهدفت، في العقد الأخير، قوات الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر وقتلت قادتهم في سوريا والعراق، وهاجمت ميليشيا حزب الله في لبنان على مدار حروب عدة، وأبرز العمليات الإسرائيلية المباشرة ضد أهداف وقادة إيرانيين كانت عبر استهداف وقتل أحد أبرز قادة الحرس الثوري الإيراني، وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في بغداد في يناير 2020.

وتوعدت إيران وهددت إسرائيل بالرد وانتظرت الأوساط السياسية الرد الإيراني الذي لم يأتِ ويتحقق إلا بعد أكثر من 3 سنوات عبر حرب بالوكالة متمثلة بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حماس في السابع من أكتوبر 2023 ضد إسرائيل، بحسب التصريحات الرسمية للحرس الثوري الإيراني على لسان المتحدث الرسمي رمضان شريف الذي قال إن عملية "طوفان الأقصى" هي رد على اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، ونفت حماس ذلك.

من المستفيد من التهويل والتضخيم؟

ويقول الخبير الإستراتيجي، إن نتنياهو وحكومته المتطرفة، أكثر المستفيدين من هذا التهويل الذي صاحب عملية استهداف القنصلية الإيرانية، وأضاف: "بعد الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها حكومة نتنياهو جراء مجازرها في غزة وخسارتها للتعاطف الغربي، تحولت الأنظار إلى انتظار وتوقع رد الفعل الإيراني وكيفيته وتوقيته واستعدادات إسرائيل لصده، مما عكس البوصلة باتجاه مدى وأهمية حاجة إسرائيل للدعم الأمريكي والغربي في مواجهة إيران".

واستطرد بالقول: "نتنياهو يحاول استنفار الداخل الإسرائيلي وحلفاءه في أوروبا وأمريكا من خلال آلة إعلامية غربية تهول وتضخم من حجم الرد الإيراني وتصوره على أنه واقع لا محالة قريبًا ومباشرًا ضد إسرائيل. ونجح نتنياهو في إعادة إنتاج العدو الإيراني بعد إفلاسه في ملف حماس وغزة".

وبحسب خلف، فإن الردَّ الإيراني السياسي الرسمي الأبرز جاء على لسان وزير خارجيتها أمير عبد اللهيان الذي أبلغ واشنطن بحسب وكالة "رويترز" نقلاً عن مصادر إيرانية (بأن الرد الإيراني على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق سيكون بطريقة تسمح بتجنب التصعيد). في إشارة واضحة إلى أن إيران لن تستهدف إسرائيل بشكل مباشر ولن تدخل في مواجهة مباشرة معها.

وخلُص الخبير إلى أن إيران ستتبع نهجها التقليدي باستخدام أذرعها للرد على الهجوم الإسرائيلي أو تنفيذ عمليات على شكل هجمات إرهابية تنفذها تنظيمات أو مرتزقة ضد أهداف إسرائيلية خارج إسرائيل، على حد تعبيره.