استراتيجية ترامب في أفغانستان.. هل يمكن حل الأزمة بدون "الناتو"؟
استراتيجية ترامب في أفغانستان.. هل يمكن حل الأزمة بدون "الناتو"؟استراتيجية ترامب في أفغانستان.. هل يمكن حل الأزمة بدون "الناتو"؟

استراتيجية ترامب في أفغانستان.. هل يمكن حل الأزمة بدون "الناتو"؟

لا يزال الغموض يكتنف أُفق الحل في أفغانستان، رغم مرور 28 عامًا على الحرب الأهلية المستمرة فيها، التي ألحقت دمارًا واسعًا في شتى المجالات.

وعقب هجمات الـ11 من أيلول/ سبتمبر، حينما رفضت أفغانستان طلب أمريكا بتسليم زعيم القاعدة آنذاك، باشرت الأخيرة مع بريطانيا دون انتظار قرار حلف شمال الأطلسي "ناتو"، باحتلال أفغانستان بشكل فعلي عبر إرسالها المقاتلات.

وبدأ التدخل الرسمي لـ"ناتو" بأفغانستان، في الـ 20 من كانون الأول/ ديسمبر 2001، عبر تشكيل قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان "إيساف" المكونة من 49 دولة.

وبدأت أمريكا حربها في أفغانستان بـ100 ألف جندي عام 2001، فيما تواصلها في الوقت الراهن بـ8400 جندي، ورغم تبدل 3 رؤساء أمريكيين إلا أنها لم تتمكن من جلب "الحرية" إلى أفغانسان.

ويتفق خبراء السياسة الخارجية على دخول إستراتيجية الولايات المتحدة بأفغانستان إلى طريق مسدود، لاسيما في الظروف الراهنة التي اكتسبت فيها حركة طالبان القوة في عموم البلاد، وتعمق التفكك بين المجموعات العرقية، وابتعاد بعثة الناتو عن دورها الحاسم.

كما يرى الخبراء، أنه ليس هناك الكثير من الخيارات أمام واشنطن فيما يتعلق بأفغانستان.

نواقض الإستراتيجية الأمريكية

ووفقًا لتقارير صحفية دولية، فإن "مسؤولي المخابرات الأمريكية يرفضون تقديم المزيد من الوحدات الأمريكية، لتدريب قوات الأمن الأفغانية وتجهيزها، والتحرك بغية دعمها في بعض الحالات".

ومن أهم النواقص التي تكتنفها الإستراتجية الأمريكية وحلفاؤها المتعلقة بعملية السلام في أفغانستان، هي عدم الأخذ في الحسبان تأثير السياسيين والمقاتلين في الساحة على الشعب، كما ينبغي أن يكون.

وتعد أفغانستان موطن الكثير من المكونات العرقية، وعلى رأسها البشتون والطاجيك والأوزبك.

وينبغي الأخذ في الاعتبار الديناميات الاجتماعية للمكونات المذكورة ودور طالبان، لإرساء السلام الداخلي في البلد.

وفي الـ 15 من آب/أغسطس كشفت حركة "طالبان"، عن فحوى رسالتها التي وجهتها إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مطلع العام الجاري، المتضمنة دعوة للولايات المتحدة لسحب قواتها في أفغانستان.

وشددت رسالة طالبان، على ضرورة إعلان ترامب وجوب انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية، التي تتواجد فيها منذ 16 عاماً.

وهذه الرسالة بمثابة مؤشر على أن إرساء السلام في أفغانستان، دون طالبان غير ممكنة.

عودة حكمتيار

وقد تكون عودة زعيم الحزب الإسلامي الأفغاني، قلب الدين حكمتيار، صاحب التأثير الكبير على البشتون، إلى البلاد وإبرام اتفاقية مع إدارة رئيس البلاد أشرف غني، بعد قتاله للحكومة طوال 14 عاما، بمثابة مؤشر على دخول طالبان إلى العملية السياسية بطريقة أو أخرى.

ولعل في تصريح حكمتيار في حزيران/يونيو الماضي، دليل يدعم المؤشرات الأخيرة، إذ تحدث عن سلام من دون الناتو في أفغانستان.

وأوضح حكتميار، أنه "بالرغم من انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان، إلا أنهم تركوا الحرب ميراثا للأفغانيين"، وبين أن "الحرب التي كانت تقودها موسكو في أفغانستان، تتواصل في يومنا الحالي تحت قيادة واشنطن"، مؤكدًا "ضرورة ترك تقرير مصير البلاد على أبنائها".

 وأعرب حكمتيار عن اعتقاده بأن "الحرب الأفغانية التي تغذيها بعض القوى الخارجية والدول الإقليمية منذ عقود، تقترب من نهايتها، وأن الجميع أصيبوا بالتعب جراء الحرب"، معربا عن اعتقاده بأن "الأفغانيين قادرون على حل مشاكلهم بعد تفاهمهم بين بعضهم".

وأضاف زعيم الحزب الإسلامي: "الجميع لديه ذكريات سيئة للحرب في الماضي، لهذا السبب لا يرغبون في إعادتها، ونحن سنسعى إلى إيجاد حل لأزمة البلاد عبر عقد مباحثات مع جميع الأطراف؛ وقد تواصلنا بالفعل مع بعضهم، ورأينا أنهم -أيضا- في الاتجاه الذي نحن فيه"؛ وهو ما يؤكد نظرية رغبة حكمتيار في إشراك الجهات الفاعلة في عملية السلام.

وعلاوة على التوجهات السياسية الرامية إلى إرساء السلام بجهود محلية؛ فإنه لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار قوة أكبر من تلك التوجهات، المتمثلة بحالة الغليان التي تشهدها الأوساط الشعبية، لا سيما وأن البلاد غارقة في العنف منذ 30 عاما، الذي أدى إلى رفع معدلات البطالة إلى 40 في المئة، ومن غير المعلوم أين ستنفجر هذه الحالة وكيف.

فالعنف والتفجيرات التي تحول دون ممارسة الحياة الطبيعة، والبطالة والفساد المستشري ببعض مسؤولي البلاد، جميعها عوامل تدفع الشعب الأفغاني إلى البحث عن سبل وبدائل جديدة لحل أزمة بلادهم، وتبني بعض السياسيين الأفغان وعلى رأسهم حكمتيار خيار "حل الأزمة محليا"، وهذا انعكاس لمطالب المجتمع في ظل الأوضاع الراهنة التي يريد الأفغان الخروج منها بأي وسيلة.

مكافحة الفساد

يوصف تصريح الرئيس الأفغاني أشرف غني، حيال إعلان أحمد برمك يوم الـ 15 من آب/أغسطس الحالي، ترشيح نفسه لمنصب وزير الداخلية، بقوله إن "مكافحة الفساد مطلب رئيس للبلاد"، بأنه نوع من الاستثمار السياسي الهادف إلى استمالة دعم الشعب، فيما إذا وضعنا في الحسبان الانتخابات التي ستشهدها البلاد عام 2019.

وفيما إذا وضعنا بالحسبان، إجراء عملية سلام في أفغانستان دون تدخل من حلف شمال الأطلسي، فإن أبرز من يمكن أن يعوّل عليه في هذا الأمر، هما الرئيس غني ونائبه الأول عبدالرشيد دوستم، ذوا الأصول الأوزبكية.

عبدالرشيد دوستم ذو الأصول الأوزبكية، له مساهمات كبيرة في نيل الأوزبك الأفغانيين الاعتراف السياسي، ولديه شعبية كبيرة لدى أبناء جلدته في أفغانستان لهذا السبب.

بالمحصلة يحظى بأصوات كثيرة في الانتخابات، وقد انتشرت إشاعات في الأوساط السياسية عن اتفاق غني ودوستم حول الانتخابات المقبلة.

بدوره، تشير تصريحات الرئيس التنفيذي لأفغانستان عبد الله عبد الله، الذي يعتبر هو الآخر من بين أبرز المنافسين في الانتخابات، إلى ميوله في إيجاد حل سياسي من دون الناتو في أفغانستان كباقي نظرائه السياسيين.

وفي تصريح سابق له، قال عبد الله عبد الله، إن "الفساد وصل بقوات الأمن إلى درجة بيع أسلحتهم ومعداتهم العسكرية".

في المحصلة، بات جلياً أن إرساء السلام في أفغانستان التي يشكل الشباب 62% من إجمالي عدد سكانها، الغنية بالمعادن والموقع الإستراتيجي الهام، مرتبط باتفاق الجهات السياسية المحلية الفاعلة، بعد فشل جميع المحاولات السابقة التي أسفرت بعضها عن احتدام النزاع والاستقطاب بين الفرقاء، جراء التدخلات الخارجية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com