العالقون في غوانتانامو.. مصير غامض في ظل وعيد ترامب
العالقون في غوانتانامو.. مصير غامض في ظل وعيد ترامبالعالقون في غوانتانامو.. مصير غامض في ظل وعيد ترامب

العالقون في غوانتانامو.. مصير غامض في ظل وعيد ترامب

لا يزال معتقل غوانتنامو الأمريكي "سيء السمعة" على الشواطئ الكوبية موجودا ويضم نزلاء يخضعون للتعذيب والمعاملة المهينة.

ووفق مسؤولين وحقوقيين يضم السجن حاليا 41 معتقلا، ومازال يشهد الكثير من الانتهاكات رغم رحيل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عن البيت الأبيض (2009-2017)، وهو الذي أراد خلال آخر أيامه إغلاق المعتقل تنفيذا لوعوده وإنهاء فصل مأساوي من التاريخ الأمريكي، سواء بالإفراج التام عن المعتقلين أو نقلهم إلى سجون في دول أخرى تقبل استقالبهم.

وهؤلاء المعتقلون قد يزداد عددهم في الفترة المقبلة، وفق تقارير صحافية أمريكية، بسبب توجهات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي تولى السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، إزاء المسلمين، وانتقاده الدائم لخطة أوباما الخاصة بإغلاق المعتقل، الذي اعتبرت منظمة العفو الدولية بأنه "يمثل همجية هذا العصر".

كان ذلك في فبراير/ شباط 2016، عندما أرسلت إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك، باراك أوباما، مذكرة إلى الكونغرس تطالب فيها مجددا بضرورة الإغلاق الكامل لمعتقل غوانتانامو جنوبي شرقي كوبا، رغبة في تعزيز الأمن، وتفادي أية مشكلات مع الحلفاء والشركاء، إضافة إلى الحفاظ على موارد وزارة الدفاع البنتاغون، وفق المذكرة.

وعند بداية العمل في معتقل القاعدة البحرية الأمريكية المستأجرة من كوبا في خليج غوانتانامو، عام 2002، كان يوجد قرابة 780 معتقلا، معظمهم متهمون في قضايا "إرهاب"، وفق مذكرة إدارة أوباما، التي حملت عنوان "خطة الإغلاق".

بقاء الـ41 معتقلا في غوانتانامو يعود إلى عجز إدارة أوباما عن الإفراج عنهم أو نقلهم إلى سجون في دول أخرى قبل انقضاء مدة عقوباتهم؛ جراء عرقلة الجمهوريين في الكونغرس لجهود إغلاق معتقل القاعدة البحرية الأمريكية، التي تبلغ مساحتها 45 ميلا، والتي تستأجرها واشنطن من هافانا منذ عام 1903 مقابل 4085 دولارًا سنويا، بموجب اتفاقية لا يمكن فسخها سوى باتفاق الطرفين.

كما اضطر أوباما إلى الخضوع لتسويات مع الجمهوريين، بينها مشروع قانون الاعتماد الدفاعي لعام 2011، الذي يحظر عمليا نقل المشتبه بهم من المحتجزين في غوانتانامو إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمحاكمتهم جنائيا.

ومن بين هؤلاء العالقين في غوانتانامو، 31 معتقلا تسببت أخطاء في ترجمة أقوالهم في مكوثهم قيد الاعتقال.

ووفق صحيفة "لودوفوار" الكندية، في 13 مارس/ آذار الجاري، لا يمكن تصنيف المعتقلين الـ41 على أنهم "معتقلو حرب"، استنادا إلى اتفاقية جنيف (لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب)، كما أن 31 معتقلا منهم لا يزالون قيد المثول أمام القضاء؛ لأنه تم احتجازهم دون إدانتهم بتهم.

وخلال حكم بوش الإبن قالت واشنطن إن القاعدة العسكرية تقع خارج الأراضي الأمريكية، ما يعني أن المعتقلين فيها غير مكفولين بالدستور الأمريكي، كما إن إطلاق صفة "عدو مقاتل" عليهم، أدى إلى حرمانهم من بعض الحقوق القانونية.

ونقلت الصحيفة الكندية عن المحامية الحقوقية الأمريكية، ألكا برادهان، أن أغلب العالقين داخل غوانتانامو حاليا محتجزون بسبب أخطاء في ترجمة أقوالهم أثناء التحقيقات أو بسبب المترجم الذي رافقهم خلال التحقيق.

وبحسب برادهان، فإن "أخطاء الترجمة ظهرت على سبيل المثال عندما تم سؤال بعض المتهمين إذا كانوا يعرفون القاعدة ؟ فأجابوا بنعم، وهم كانوا آنذاك يقصدون مدينة القاعدة، إحدى مدن محافظة إب جنوب اليمن".

ولفتت المحامية الأمريكية، وهي عضو فريق الدفاع عن المعتقل الكويتي، عمار البلوشي، المحكوم عليه بالإعدام بتهمة ضلوعه في تفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، إلى أن قرابة 24 معتقلا حظوا بموافقة حكومات أخرى على استقبالهم، لكن لا تزال تلك الموافقات قيد التوقيع الرسمي عليها.

محاكمات عسكرية

وإضافة إلى المعتقلين الـ31 الخاضعين للمحاكمة، ينتظر المعتقلون العشرة المتبقون محاكاماتهم المقرر عقدها أمام لجنة عسكرية، وفق المحامية الأمريكية.

ومن بين هؤلاء العشرة، عمار البلوشي، الذي تترافع عنه برادهان، بعد أن اعتقلته القوات الأمريكية، عام 2003، وتم إيداعه في سبتمبر/ أيلول 2006، في قاعدة غوانتانامو، التي استخدمتها إدارة بوش الابن كمعتقل لقيادات وأعضاء تنظيم القاعدة إبان ما اسمتها "الحرب على الإرهاب" في أفغاسنتان.

وردا على تلك الهجمات، التي أسقطت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل وتبناها تنظيم القاعدة، شن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن (2001-2009) حربين على أفغانستان عام 2001، لوجود التنظيم في أراضيها، وعلى العراق في 2003؛ بزعم امتلاك الرئيس العراقي آنذاك، صدام حسين، أسلحة دمار شامل وارتباطه بصلات مع القاعدة.

وخلال حكم أوباما، جرى الإفراج عن 166 معتقلا من غوانتانامو، ونقل بعضهم إلى دول في الشرق الأوسط وإفريقيا وشبه الجزيرة العربية، بهدف الاندماج مع مجتمعاتهم الأصلية، في حين تم إرسال آخرين إلى دول في أوروبا وآسيا والأمريكتين بعد تعذر عودتهم إلى دولهم الأصلية، بينما أطلقت إدارة بوش الابن سراح 532 معتقلا، بحسب إحصاءات لوزارة الدفاع الامريكية.

هجوم خاطيء لترامب

ووفق مذكرة صادرة عن الاستخبارت الأمريكية، في سبتمبر/ أيلول الماضي، فإن تسعة ممن أفرجت عنهم إدارة أوباما، و113 ممن أفرجت عنهم إدارة سلفه بوش الابن ثبت بشأنهم الانخراط في "أنشطة إرهابية".

ومنتقدا خطة سلفه لإغلاق غوانتانامو، هاجم الجمهوري ترامب، على حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، أوباما، في 7 مارس/ آذار الجاري، قائلا إن "122 سجنيا شريرا أطلقت إدارة أوباما سراحهم من معتقل غوانتانامو قد عادوا إلى ساحات القتال.. قرار فظيع آخر".

ويبدو أن ترامب نقل خطأ عن تغريدة صحيحة، في اليوم نفسه، لبرنامج "فوكس آند فريندس"، الذي تبثه شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية المحافظة، تعليقا على مقتل معتقل سابق بغوانتانامو في اليمن.

وأرجعت تقديرات للمخابرات الأمريكية انخفاض نسبة عودة المفرج عنهم في عهد أوباما إلى "الممارسات الإرهابية" إلى تخصيص الإدارة ست وكالات أمنية، لبحث حالة كل معتقل وإيجاد المكان المناسب له عند نقله من غوانتانامو.

وجاء إفراج بوش الابن عن 532 معتقلا من غوانتانامو ضمن خطة دعاية لتعزيز فرصه في الفوز بفترة رئاسية ثانية عام 2004، والتي انتهت بانتخابه لمدة أربع سنوات، إثر تغلبه على مرشح الحزب الديمقراطي، جون كيري، حسبما كتب بوش الابن في مذكراته، الصادرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010، بعنوان "قرارات حاسمة".

ويبقى مصير المعتقلين الـ41 العالقين في غوانتانامو غامضا، مع اعتزام ترامب، وفق تصريحات له، إعادة العمل بالسجون السرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية خارج حدود الولايات المتحدة، فضلا عن سحب القرارات التي وقعها سلفه أوباما، وقضت بضرورة إغلاق غوانتانامو، وهو ما ينذر أيضا باحتمال ارتفاع عدد المعتقلين في هذا السجن المخيف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com