اليمينية الفرنسية المتشددة مارين لوبان
اليمينية الفرنسية المتشددة مارين لوبانرويترز

اليمين الأوروبي المتشدد.. نتائج "غير مسبوقة" دونها عقبات للوصول إلى السلطة

تحقق الأحزاب اليمينية المتشددة نتائج غير مسبوقة على امتداد الاتحاد الأوروبي، لكن الخبراء يشيرون إلى عقبات ما زالت قائمة في طريقها للوصول بشكل متزامن إلى السلطة.

وسيكون حجم هذه الموجة رهنا إلى حد كبير باستجابة الأحزاب التقليدية المحافظة وأحزاب يمين الوسط التي تحاول عادة الموازنة بين التمسّك بقاعدتها الانتخابية مع تشكيل ائتلافات حاكمة فاعلة.

ويؤكد جيل إيفالدي من معهد العلوم السياسية في باريس أن أحزاب اليمين المتشدد كانت خارج المعادلة في الماضي؛ نظرا إلى أن الناخبين رأوا فيها خطرا على الديمقراطية وبقيت نتائجها في الانتخابات هامشية نسبيا إذ لم تتجاوز 15 %.

لكن مع تخفيف الجزء الأكبر من اليمين المتشدد حدة خطابه المناهض للاتحاد الأوروبي والهجرة، "يصبح من الصعب أكثر المحافظة على حَجر هذه الأحزاب، عندما يكون لديك حزب يظن الرأي العام بأنه مشابه لغيره"، على حد قوله.

أخبار ذات صلة
"نيويورك تايمز": روسيا تتجه جنوبًا لتقليل الاعتماد على أسواق أوروبا

كذلك، يحقق هذا النوع من الأحزاب مكاسب أكبر في صناديق الاقتراع مما كان عليه الحال في العقود الماضية.

ووفق "فرانس برس" أوصل هذا الأداء الانتخابي زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" جورجيا ميلوني إلى رئاسة الوزراء في روما ودفع بـ"حزب الحرية" بزعامة غيرت فيلدرز إلى عتبة السلطة في هولندا.

ولم يعد بالمقدور حكم مناطق في إسبانيا وألمانيا من دون دعوة "فوكس" و"البديل من أجل ألمانيا" للمشاركة في العملية، بينما سيحدد حزب "تشيغا" (كفى) البرتغالي مصير الحكومة بعد انتخابات الأحد.

يشير إيفالدي إلى أن هذه النجاحات تأسست على "تراكم الأزمات المتلاحقة" التي أدت إلى "تفاقم مشاعر الاستياء" حيال أولئك الذين يتولون السلطة منذ آخر انتخابات للبرلمان الأوروبي في 2019.

وبعد تداعيات أزمة 2008 المالية التي استمرت سنوات وأزمة اللجوء منتصف العقد الماضي، جاء فيروس كورونا وحرب أوكرانيا "مع كل تداعياتهما الاجتماعية والاقتصادية.. على القوة الشرائية والأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن".

مفارقة الهجرة

وبينما كانت الأحزاب الرئيسة في أوروبا في الماضي من اليمين واليسار تتواجه للسيطرة على الوسط "هناك حاليا مجموعات من الناخبين الذين يكافئون التطرف، معظمهم من اليمين"، وفق ما يؤكد المحلل لدى "معهد إلكانو الملكي" في إسبانيا إغناسيو مولينا.

ويشير إيفالدي إلى "مفارقة" مفادها بأنه رغم أن السكان باتوا أكثر تسامحا بالمجمل، إلا أن الناخبين يولون أهمية سياسية أكبر لقضايا على غرار الهجرة "في سياق الأزمة في الاقتصاد والقوة الشرائية".

وعندما يستجيب السياسيون من اليمين الوسط، يتبنون عادة "مواضيع اليمين المتشدد.. ما يضفي الشرعية على أفكارهم. وكما يُقال عادة، يفضّل الناخبون النسخة الأصلية على تلك المقلّدة" بحسب إيفالدي.

وفي فرنسا، أشاد "التجمّع الوطني" بتحقيقه "انتصارا فكريا" مع دعمه مشروع قانون متشددا للهجرة توصل إليه الرئيس الوسطي إيمانويل ماكرون مع محافظين من المعارضة وأُقر في يناير/كانون الثاني.

وفي وقت تشير استطلاعات الرأي إلى تقدّمه، يأمل الحزب بأن يوصل زعيمته مارين لوبن إلى قصر الإليزيه بعد انتخابات 2027 الرئاسية.

فيلدرز حدد هوية لنفسه كشخصية مناهضة للمساومة القائمة على الحلول الوسط
إغناسيو مولينا - محلل لدى "معهد إلكانو الملكي" في إسبانيا

لكن عرقلت محظورات سياسية قائمة تقدّم الأحزاب المتطرفة في مناطق أخرى.

وفي ستوكهولم، يدعم "ديمقراطيو السويد" الحكومة اليمينية الوسطية وفق ترتيبات قائمة على الثقة والدعم رغم أنه الحزب الأكبر في جانبه من البرلمان، إذ استبعدت أحزاب أخرى الحكم معه خلال حملات 2022 الانتخابية.

ومنذ فوز فيلدرز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني في هولندا، عطّلت مواقفه وتصريحاته السابقة المعادية للإسلام والدعوات لتنظيم استفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي المحادثات الرامية لتشكيل ائتلاف مع شركاء محتملين مثل "حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" و"العقد الاجتماعي الجديد".

اليميني الهولندي غيرت فيلدرز
اليميني الهولندي غيرت فيلدرز رويترز

ويلفت مولينا إلى أن "فيلدرز حدد هوية لنفسه كشخصية مناهضة للمساومة القائمة على الحلول الوسط".

وأضاف أن عقد صفقات مع معارضيه هو "أمر صعب بالنسبة له، كما يصعب على الآخرين قبوله كنظير شرعي".

وفي وقت متأخر الأربعاء، أقر فيلدرز بأنه لا يحظى بدعم باقي الأحزاب لتولي رئاسة الوزراء.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن المحادثات قد تفضي إلى حكومة تكنوقراط.

تراجع

ويمكن لتحقيق اليمين المتشدد مكاسب في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو/حزيران أن يغري أحزاب يمين الوسط لإقامة تحالف في بروكسل، وفق إيفالدي.

ويضيف: "سيعني ذلك تشديد سياسة الهجرة وقبل كل شيء، التراجع في (قضايا) المناخ"؛ نظرا إلى أن سياسات الحد من الانبعاثات لا تروق للمتشددين.

أخبار ذات صلة
قادة أوروبا سيدعون لإقامة "ممرات وهدنات إنسانية" لإيصال مساعدات لغزة

ويمكن مستقبلا لتقدّم اليمين المتشدد في الانتخابات الوطنية أن يغيّر ميزان القوى في المجلس الأوروبي المنتخب أيضا. ويقول إيفالدي: "هذا بالفعل قلب السلطة الأوروبية".

ويتابع أن وجود شخصيات يمينية متشددة أخرى إلى جانب ميلوني والمجري فيكتور أوربان "سيعني عددا هائلا من العوامل المعطّلة في ما يتعلّق بقضايا كبرى والهجرة والمناخ وبالتأكيد دعم أوكرانيا".

وبينما تراجع زخم خطاب اليمين المتشدد بشأن تفكيك الاتحاد الأوروبي برمته، إلا أن إيفالدي يؤكد "لا أعتقد بأنهم غيّروا رأيهم حقا".

ويضيف: "لكنهم أدركوا أن مواقفهم الأكثر تشكيكا بالاتحاد الأوروبي لم تكن مقبولة بالنسبة للسكان".

وتأمل جهات عدة، وخصوصا كتلة "الهوية والديمقراطية" اليمينية في البرلمان الأوروبي بـ"نموذج قائم على الحكومة الدولية أشبه بالجماعة الأوروبية من الاتحاد الأوروبي؛ ما يعيد الأهداف والمصالح الوطنية" إلى الواجهة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com