الرئيس الصيني شي جين بينغ
الرئيس الصيني شي جين بينغأ ف ب

نيويورك تايمز: الصين "فشلت" في التأثير على انتخابات تايوان

قال تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن الزعيم الصيني شي جين بينغ ربط مكانة بلاده كقوة عظمى بوعد واحد مفاده توحيد "الوطن الأم" مع تايوان، التي يعتبرها الحزب الشيوعي الصيني أرضًا مقدسة ضائعة، كما وصف شي قبل بضعة أسابيع هذا الأمر بأنه "حتمية تاريخية".

لكن في المقابل، اعتبرت الصحيفة أن نتائح الانتخابات التي جرت في تايوان يوم أمس السبت، والتي سلمت الرئاسة إلى حزب "يروج للهوية المنفصلة" للجزيرة للمرة الثالثة على التوالي، أكدت أن هذه الديمقراطية الصاخبة ابتعدت أكثر فأكثر عن الصين وحلمها في التوحيد.

أخبار ذات صلة
تايوان تطالب الصين باحترام نتائج الانتخابات

وأردفت الصحيفة، "وبعد حملة من المسيرات الأشبه بالمهرجانات، والتي شهدت صراخ ورقص الحشود الضخمة، تجاهل الناخبون في تايوان تحذيرات الصين بأن التصويت للحزب الديمقراطي التقدمي كان بمثابة تصويت للحرب، لقد اتخذوا هذا الخيار على أيّ حال".

وسيكون لاي تشينغ- تي الطبيب السابق ونائب الرئيس الحالي، والذي تعتبره بكين انفصاليًّا قويًّا، هو الزعيم القادم لتايوان.

واعتبرت الصحيفة، أن نتائج الانتخابات في تايوان برهنت على أن لي ذراع بكين لتايوان اقتصاديًّا وعسكريًّا من خلال المضايقات في البحر والجو لم يؤدِّ إلا إلى تعزيز رغبة الجزيرة في حماية استقلالها الفعلي والتحرك إلى ما هو أبعد من سيطرة ظل الصين العملاق.

ونقلت الصحيفة عن سوزان شيرك، أستاذة الأبحاث في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ومؤلفة كتاب "كيف أخرجت الصين صعودها السلمي عن مساره" قولها إن "النهج الأكثر تشددًا وصرامة (الصين) لم ينجح" مضيفة "هذا هو واقع السياسة التايوانية".

ورأت الصحيفة أن هذا التطور، الثقافي والسياسي في تايوان لا يخلو من المخاطر، معتبرة أن انتصار لاي سيجبر شي على مواجهة حالة "من عدم إحراز أي تقدم" تجاه تايوان.

هل تايوان ساحة اختبار؟

وتابعت، أن الرد الصيني الكامل على ذلك سوف يستمر على مدى أشهر أو سنوات، إلا أن مكتب شؤون تايوان الصيني قال ليلة السبت، إن الانتخابات لا يمكن أن تغير تجاه العلاقات عبر المضيق، ما يضمن بشكل فعال استمرار ديناميكية "حافة الهاوية" وحالة التوتر، وربما تكثيفها.

واعتبرت الصحيفة، أن الصين والولايات المتحدة جعلتا تايوان ساحة لاختبار الحساسيات والرؤى المتنافسة بينهما.

وفي هذا السياق، تقول الصحيفة، إن تايوان بالنسبة الصين هي جزيرة من بقايا حربها الأهلية التي لا علاقة للولايات المتحدة بالتدخل فيها.

أما بالنسبة لواشنطن، فتايوان هي خط الدفاع الأول عن الاستقرار العالمي، وهي ديمقراطية تضم 23 مليون نسمة، ومصنع "المعالجات الدقيقة" للعالم.

ورأت الصحيفة أن كل كلمة أو تصريح سيدلي به (لاي) أو حزبه الآن وحتى تنصيبه رئيسا لتايوان في أيار/ مايو القادم سيزيد من المخاطر الهائلة صعوبة.

الرئيس الصيني لم يجلس مكتوف الأيدي

 واعتبرت الصحيفة أن الرئيس الصيني شي جين بينغ لم يجلس مكتوف الأيدي في ظل الحالة التي تمر بها تايوان بالذات.

وأفادت الصحيفة أن المسؤولين الصينيين صوروا لاي قبل الانتخابات في المقالات الافتتاحية والتعليقات الرسمية الصينية على أنه رجل "شرير"، ووصفوه بأنه "شخص عنيد ويعمل من أجل استقلال تايوان"، و"مدمر السلام عبر المضيق"، وربما "متسبب في حرب خطيرة".

لكن في المقابل، وخلال حملته الانتخابية، نقلت الصحيفة عن لاي البالغ من العمر 64 عاما وهو سياسي مخضرم ويحظى باحترام أنصاره قوله، إن "تايوان ليست في حاجة إلى الاستقلال الرسمي".

وفي مؤتمر صحفي بعد فوزه، قال لاي إنه سيسعى إلى اتباع نهج متوازن في العلاقات عبر المضيق، بما في ذلك "التعاون مع الصين"، متبعًا مسار سلفه تساي إنج وين.

لكن الصحيفة اعتبرت أنه ورغم هذه التصريحات فإن فرصة الصين في تغيير رأيها حيال تايوان فرصة ضئيلة.

رئيس تايوان الجديد لاي تشينغ- تي
رئيس تايوان الجديد لاي تشينغ- تيأ ف ب

وفي هذا الصدد نقلت الصحيفة عن تشو سونغ لينغ، أستاذ الدراسات التايوانية في جامعة بكين يونيون قوله، إن "لاي تشينغ تي شخصية متهورة ومتحيزة سياسيا، لذا لا يمكننا أن نستبعد احتمالية حدوث تطورات غير معروفة وغير متوقعة خلال فترة ولايته".

وأضاف "أخشى أن الأمر خطير للغاية" مشيرًا إلى أن آراء الرئيس الصيني بشأن تايوان كانت "واضحة" ويتضمن ذلك إصراره على إمكانية استخدام القوة إذا لزم الأمر، كما وأضافت الصحيفة أن الباحثين الغربيين في السياسة الصينية ليسوا أكثر تفاؤلًا.

ونقلت في هذا الصدد عن  إيفان ميديروس، أستاذ الدراسات الآسيوية في جامعة جورج تاون قوله، إن "السنوات الأربع المقبلة لن تكون مستقرة على الإطلاق في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وعبر المضيق".

وكغيره من المحللين توقع ميديروس، حدوث مجموعة مألوفة من تكتيكات الضغط الصيني على تايوان والتي تشمل على أقل تقدير، مواصلة الصين التلاعب بسياسة تايوان من خلال التضليل والتهديدات والحوافز الاقتصادية.

وألمح مسؤولون صينيون أيضًا إلى أنهم قد يستهدفون التجارة، ما يلغي المزيد من الامتيازات الجمركية.

كما رجحت الصحيفة مواصلة الصين تدريباتها العسكرية الموسعة حيث قالت، "إن الطائرات المقاتلة والطائرات دون طيار والسفن الصينية تتعدى بالفعل على تايوان بشكل شبه يومي".

وأظهرت بكين أيضًا أنها ستواصل حث واشنطن على الضغط على تايوان وخفض الدعم العسكري المقدم لها إذ أصبحت رسائل التحذير سمة مشتركة للدبلوماسية الأمريكية الصينية.

 وفي العام الماضي، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مساعدات عسكرية لتايوان، بقيمة 345 مليون دولار تشمل أسلحة مأخوذة من المخزونات الأمريكية.

ومن شأن مشاريع القوانين في الكونغرس أيضًا تشديد العلاقات الاقتصادية مع تايوان، وتخفيف السياسة الضريبية ووضع الأساس لعقوبات اقتصادية ضد الصين إذا هاجمتها.

ويقول المحللون إن الرئيس التايواني الجديد لاي، يستطيع التحرك بشكل أسرع، وربما إلى مجالات أكثر حساسية مع الأمريكيين بحكم أنه عمل في السابق نائبًا للرئيس التايواني السابق.

أخبار ذات صلة
"لاي المشاكس" رئيسا لـ تايوان.. هل يشعل فتيل حرب مع الصين؟

ورأت الصحيفة، أنه يمكن للولايات المتحدة زيادة التعاون مع تايوان في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز شبكات الاتصالات إلى درجة قد تصل إلى تبادل استخباري للمعلومات، كما يمكن أن تسعى واشنطن إلى وضع معدات لوجستية عسكرية في الجزيرة، وهي إستراتيجية يطبقها البنتاغون في جميع أنحاء المنطقة.

وتقول الصحيفة، إنه لم يعد سرًّا أيضًا أن المستشارين العسكريين الأمريكيين، ومعظمهم من الضباط المتقاعدين، لديهم حضور متزايد في تايوان، ويطلق عليهم بعض المسؤولين التايوانيين لقب "مدرسي اللغة الإنجليزية".

لكن في المقابل يحذر( وين تي سونج) عالم السياسة في برنامج دراسات تايوان بالجامعة الوطنية الأسترالية من "ألا يُنظر إلى كل خطوة إضافية على أنها استفزازية بشكل علني لإثارة أو تبرير رد فعل صيني ضخم".

وشددت الصحيفة على أن الحرب  ليست حتمية، وقد يكون الأمر أقل ترجيحًا في الوقت الحالي، في ظل انشغال الصين باقتصادها الكئيب والولايات المتحدة بحروبها في أوروبا والشرق الأوسط.

وأردفت الصحيفة، أنه ربما لا يستطيع الرئيس شي أن يفعل الكثير لتلميع صورة الصين ففي استطلاعات الرأي الأخيرة، اعتبر أقل من 10% من المشاركين التايوانيين أن الصين جديرة بالثقة."

وتقول الصحيفة، إن معظم التايوانيين يرون مستقبلهم في مكان آخر.

وقال الكثيرون إنهم يأملون أن تتمكن الحكومة التايوانية من الاستفادة من صناعة أشباه الموصلات القوية لبناء اتصالات مع جنوب شرق آسيا وأوروبا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com