"مبادرة تاريخية" أوروبية لمكافحة تهريب الكوكايين
في مبادرة وصفتها صحيفة "لوموند" الفرنسية بأنها "تاريخية" يقودها الاتحاد الأوروبي، اجتمع قادة من حوالي عشرين ميناء أوروبيًا في أنتويرب؛ بهدف التصدي للتهديد المتصاعد الذي تشكله المنظمات الإجرامية في تهريب الكوكايين.
وتأكيداً على الحاجة إلى مكافحة الشبكات عبر كيان تنظيمي، أطلقت المفوضية الأوروبية والرئاسة البلجيكية للاتحاد الأوروبي "تحالف الموانئ" في 24 يناير/كانون الثاني.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن التحالف يهدف إلى مواجهة المنظمات الإجرامية التي حولت شحن الحاويات إلى قناة رئيسة لتهريب المخدرات، ولاسيما الكوكايين.
وشددت وزيرة الداخلية البلجيكية، أنيليس فيرليندن، على الضرورة الملحة لحماية المواطنين والمجتمع والاقتصاد.
كذلك شددت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، إيلفا جوهانسون، على خطورة التهديد، وقارنته بالإرهاب، مؤكدة ضرورة الدفاع عن الديمقراطية ضد الجريمة المنظمة.
وركز الاجتماع الافتتاحي على إقامة تعاون بين الموانئ ومواءمة التدابير الأمنية ضد المتاجرين بالبشر المنظمين بشكل متزايد.
وفي مواجهة هيكل إجرامي ديناميكي ولامركزي، أكدت مديرة اليوروبول، كاثرين دي بول، على الحاجة إلى بذل جهود مستمرة.
ومع دفع الضوابط المشددة في الموانئ الرئيسة في شمال أوروبا المتاجرين إلى تغيير أساليبهم، ظهرت طريقة عمل جديدة، حيث يتم الآن توجيه المخدرات إلى بلدان المغرب العربي أو غرب أفريقيا قبل تحميلها على سفن أصغر متجهة إلى جنوب أوروبا.
وتدعو بلجيكا والمفوضية الأوروبية إلى إقامة شراكات بين سلطات الموانئ والجمارك والشرطة وشركات النقل البحري الكبرى، إذ يهدف التحالف إلى تسهيل تبادل المعلومات وأفضل الممارسات لتعزيز الضوابط والأمن، ورسم خرائط التدفقات، وتفكيك شبكات الاتجار.
وأوضحت الصحيفة أنه سيتم تخصيص ما يقرب من 200 مليون يورو، بالإضافة إلى الأموال المخصصة من قبل البلدان المعنية لهذه الجهود، لافتة إلى أنه تم تحديد مكافحة الفساد والتسلل إلى شركات الموانئ وشركات النقل ومجتمعات عمال الرصيف والسلطات الوطنية كأولوية قصوى.
وأشارت "لوموند" إلى أن إلقاء القبض مؤخراً على ثلاثة من ضباط الشرطة في بلجيكا كجزء من عملية لمكافحة المخدرات يسلط الضوء على التحديات التي تواجه معالجة الفساد داخل أجهزة إنفاذ القانون، مبينة أن أنتويرب التي تم اختيارها رمزيا كمكان، أصبحت نقطة الدخول الرئيسة للكوكايين في أوروبا، متجاوزة روتردام.
وتعمل مجموعات إجرامية من أصول متنوعة في المدينة الفلمنكية، وتنخرط في منافسة عنيفة وتنظم صادرات الكوكايين عبر أوروبا.
وبينما انخفضت مضبوطات الكوكايين في روتردام في عام 2023، أعاد المتاجرون توجيه أنشطتهم نحو أنتويرب وميناء فليسينجن الهولندي الأصغر، حيث تمت مصادرة 173 طناً بقيمة 13 مليار يورو في عام 2023.
وبحسب الصحيفة، تقوم الشبكات الإجرامية بتكييف مساراتها، حيث تستهدف وجهات أقل مراقبة مثل لوهافر، أو هيلسينغبورغ في السويد، أو الجزيرة الخضراء في إسبانيا.
وتدرك المبادرة الأوروبية الحاجة إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والطائرات دون طيار، والكاميرات لتعزيز المراقبة.
وختمت الصحيفة أن نجاح هذه المبادرة الأوروبية يتوقف على التطور السريع، حيث تمتلك الشبكات الإجرامية موارد كبيرة وتتكيف بسرعة، موضحة أنه سرعان ما تم إحباط التدابير المعمول بها، مثل أتمتة إجراءات نقل الحاويات أو تحديد الهوية الرقمية؛ الأمر الذي يتطلب التكيف المستمر مع التكتيكات الإجرامية المتطورة.
