"واشنطن بوست": بغض النظر عن الفائز بانتخابات أمريكا.. أوروبا تفقد ثقتها في الولايات المتحدة
"واشنطن بوست": بغض النظر عن الفائز بانتخابات أمريكا.. أوروبا تفقد ثقتها في الولايات المتحدة"واشنطن بوست": بغض النظر عن الفائز بانتخابات أمريكا.. أوروبا تفقد ثقتها في الولايات المتحدة

"واشنطن بوست": بغض النظر عن الفائز بانتخابات أمريكا.. أوروبا تفقد ثقتها في الولايات المتحدة

في حفل مشاهدة نتائج الانتخابات قبل 4 سنوات في مقر إقامة السفير الأمريكي في بلجيكا، أصيب دبلوماسيون أوروبيون بالذهول والصمت عندما فاز دونالد ترامب بولاية فلوريدا في حوالي الساعة الرابعة صباحًا بتوقيت بروكسل.

إلا أنه في هذه المرة، قرروا ألا تصدمهم النتائج الأمريكية وبغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض، في يناير/ كانون الثاني، تستعد أوروبا لتسلك مسارًا أكثر استقلالية.

ويفضل الكثيرون في أوروبا فوز نائب الرئيس السابق جو بايدن، وفي حين أن ترامب لديه معجبوه بين الشعوبيين في أوروبا الوسطى، إلا أن نسب الموافقة عليه والثقة فيه في أوروبا الغربية ظلت منخفضة طوال فترة ولايته، وتبلغ أقل من 20% ممن شملهم استطلاع الرأي الذي أجراه مركز "بيو" للأبحاث، وعزز تعامله مع وباء كورونا من تصلب وجهات النظر الأوروبية.

ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، لم يعد يدعم ترامب سوى حفنة من قادة العالم قبيل الانتخابات.



ووفقًا للصحيفة، فإنه حتى لو خسر ترامب، لا يتوقع صناع السياسات في أوروبا أن يعود العالم إلى سابق عهده، قبل أن يسيطر ترامب على المكتب البيضاوي ويهاجم حلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، إذ لم يعد الأوروبيون يعتقدون أنهم يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة كما فعلوا من قبل، ويريدون أن يكونوا مستعدين للعمل، مع واشنطن أو دونها.

ونقلت عن ناتالي توتشي، مستشارة رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قولها إن"ترامب يرمز إلى أن هناك نسخة من الولايات المتحدة التي لا يمكننا الاعتماد عليها".

وأضافت الصحيفة:"لذلك تخطط الدول الأوروبية لتعزيز جيوشها، وتتحدث عن تحمل مسؤولية أكبر عن الأمن في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وهي مناطق أقرب بكثير إليهم من الولايات المتحدة ولهم علاقات قوية بها ما بعد الاستعمار".

ويريد الداعمون للاتفاق النووي الإيراني للعام 2015  الحفاظ عليه، ويقول بعض صناع القرار السياسي إنهم يرغبون بتعزيز أوروبا كقوة عالمية ثالثة، إلى جانب الولايات المتحدة والصين، لكن دون تحالف تام مع أي منهما، بحسب الصحيفة.



كما نقلت "واشنطن بوست" عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للسفراء الفرنسيين لدى الدول الأوروبية مؤخرًا  قوله:"في عالم يزداد وحشية، يجب على أوروبا أن تخرج أخيرًا من زمن البراءة والسذاجة لتحدد مصيرها، وإلا سيقرره الآخرون نيابة عنها".

وذكرت أن"من شأن عناصر إستراتيجية زيادة القوة الأوروبية بسرعة أن تكون انتصارًا لترامب، الذي أضاف ضغوطًا على الدعوات التي وجهها الرئيس باراك أوباما آنذاك إلى الأوروبيين لزيادة إنفاقهم الدفاعي في العام 2014، ولكن الجهود الأوروبية المحتملة الأخرى، مثل السياسة التصالحية مع الصين أو بناء نظام مالي موازٍ وخالٍ من الدولار لحماية الأوروبيين من العقوبات الأمريكية أثناء متابعتهم للأعمال التجارية مع إيران، من شأنها أن تزيد من التوترات مع واشنطن، حتى تحت إدارة بايدن".



وقالت:"قد لا ينجح الأوروبيون بتحقيق أهدافهم، حيث يتطلب الاستقلال الذاتي وقتًا ومالًا، والوباء يستهلك كلا هذين الموردين، ولكن إذا نفذوا حتى بعض خططهم، ستصبح أوروبا شريكًا مختلفًا جدًا للولايات المتحدة عما كانت عليه في العقود الأخيرة".

وقال راينهارد بوتيوفر، النائب عن حزب الخضر الألماني في البرلمان الأوروبي، وفقًا للصحيفة، إن"ترامب كان له تأثير دائم في مستوى الثقة الذي ترغب الأغلبية الواسعة من الأوروبيين بوضعه في الشراكة عبر الأطلسي، حيث هبطت مستويات الثقة إلى أقل مستوياتها، ولا أتوقع أن يعود الأمر بسهولة إلى وضعه السابق".

واعتبر بيتر باير، منسق التعاون عبر الأطلسي في وزارة الخارجية الألمانية، أن أحد أبرز اللحظات التي أدت إلى انخفاض الثقة خلال السنوات الأربع الماضية كانت عندما وصف ترامب الاتحاد الأوروبي بأنه "عدو" في العلاقات التجارية.

وعندما قرر ترامب سحب 12 ألف جندي من ألمانيا، علمت برلين بالقرار من خلال التقارير الإعلامية.

وقال باير:"لمدة أسبوع كان هناك صمت، ووجدت السفيرة الألمانية في واشنطن صعوبة في التواصل مع الإدارة، هذه ليست طريقة تعامل بها حليفًا".

ومن المؤكد، بحسب "واشنطن بوست"، أن لهجة بايدن كرئيس ستكون أكثر ودًا تجاه أوروبا، حيث يتكون فريقه المعني بالسياسة الخارجية من المسؤولين السابقين الذين تربطهم علاقات طويلة الأمد مع العواصم الأوروبية، فهو يريد التراجع عن قرارات ترامب بشأن تغير المناخ ومنظمة الصحة العالمية والاتفاق الإيراني، والتي تعد كلها أولويات أوروبية.

وأشارت إلى أن بعض سياسات ترامب"تحظى بدعم الحزبين في واشنطن، حيث بات أغلب الديمقراطيين والجمهوريين متشددين بشكل متزايد مع الصين، ويطالبون أوروبا بإبقاء الشركات الصينية بعيدًا عن البنية التحتية الرقمية الحساسة، في حين يتغاضون عن صفقات التجارة الحرة، وحتى الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان محور إنجازات أوباما في السياسة الخارجية، بات لديه متشككون على الجانب الديمقراطي".



ولا يثق الأوروبيون بأن الرئيس الأمريكي القادم سيتحدث مع المستشار الألماني كما فعل أوباما، وهم يدركون أن الولايات المتحدة قد لا تكون مستعدة للعب دور قيادي داخل حلف شمال الأطلسي كما فعلت بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.

وفي هذا السياق، نقلت عن وزير خارجية لاتفيا إدغارس رينكيفيكس قوله إن "التغيير الهيكلي المحوري هو أن الولايات المتحدة ستكون أكثر انشغالًا بالصين، بل وأكثر انشغالًا بالعديد من القضايا الداخلية الأخرى، ولكن بالطبع، ستكون المظاهر مختلفة بين الديمقراطيين والجمهوريين".

وأضاف رينكيفيكس أنه حتى في القطاع الخاص، تخلى زملاؤه وزراء الخارجية عن محاولة التنبؤ بمن سيفوز في الانتخابات.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر صراحة حول الحاجة للاستقلال الأوروبي عن الولايات المتحدة، حيث دعا لرؤية "الاستقلال الإستراتيجي".

وقالت الصحيفة:"كي يتم أي تحول أوروبي حقيقي، يجب أن تكون ألمانيا مستعدة للمشاركة، ففي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، كانت ألمانيا أكثر تعلقًا من فرنسا بالعلاقات مع الولايات المتحدة، كما أنها أكثر اعتمادًا على الحماية الأمريكية، فالبرلمان الألماني يحد من عمليات الانتشار القتالية والإنفاق الدفاعي الذي يبلغ 1.6 % فقط من ناتجه الاقتصادي السنوي، أي أقل من الحد الأدنى في حلف شمال الأطلسي".

ويشكك العديد من الألمان العاديين بفكرة لعب دور أبرز في الشؤون العالمية، ولكن القادة في مختلف النقاط من الطيف السياسي قد بدأوا في قبول فكرة الحاجة للتغيير، وفقًا للصحيفة.

وقال باير:"لا يمكننا الانتظار حتى يملي علينا شخص آخر مخططه، سواء الصين أو شخص آخر مثل ترامب، وعلينا أن نجد موقفنا وأين نريد التوجه".

ويأمل بعض القادة بأن تعزيز قوة أوروبا من شأنه أن يعزز العلاقات مع واشنطن، وهو ما عبرت عنه وزيرة الدفاع الألمانية آنغريت كرامب-كارينباور في خطاب ألقته يوم الإثنين في برلين، بقولها إن"أوروبا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات قوية بنفسها، حتى تتمكن الولايات المتحدة من رؤية أوروبا كشريك قوي مساوٍ في القوة، بدلًا من ضحية بحاجة للإنقاذ".

وقالت الصحيفة:"إذا كان ترامب هو المنتصر، فإن سرعة التغيير قد تكون مختلفة إلى حد كبير، وستكون حدود أوروبا أكثر وضوحًا، ويخشى البعض في أوروبا أن ينسحب ترامب من حلف شمال الأطلسي خلال فترة ولايته الثانية، عندما يكون غير مقيد بالقيود التي فرضها بعض مستشاريه في السياسة الخارجية في ولايته الأولى، وهذا من شأنه أن يكون فرصة مهمة لروسيا، وسيتطلب تغييرًا جذريًا في السياسة الأوروبية".

وذكرت أن"أوروبا وجدت التصرف في القضايا الأقل تعقيدًا، صعبًا خلال سنوات ترامب، حيث دفعت بجدول أعمال طموح بشأن أزمة المناخ، لكنها لم تستطع فعل الكثير للحد من الانبعاثات العالمية دون تعاون الولايات المتحدة، ولا يزال الاتفاق الإيراني يلفظ أنفاسه الأخيرة، وعلى وشك الانهيار تمامًا، ولكن جهود أوروبا لبناء نظام مالي موازٍ لتمكين التجارة مع طهران كانت غير فعالة إلى حد كبير، وإذا أعيد انتخاب ترامب، فمن المحتمل أن تنهار الصفقة تمامًا".

ومع ذلك يقول بعض المحللين، بحسب "واشنطن بوست"، إن أوروبا تذوقت طعم الحياة في عالم ما بعد أمريكا، وهذا قد يشكل مستقبلها.
ونقلت عن "دانييلا شفارتسر" مديرة المجلس الألماني للعلاقات الخارجية التي تقدم أيضا المشورة إلى بوريل القول:"إن الأوروبيين أدركوا ما سيخسرونه إذا انفصلوا عن الولايات المتحدة فعلًا، ولسنا قريبين من السيادة الأوروبية أو الاستقلال الإستراتيجي، ولكن الوعي بما تفتقر إليه أوروبا موجود، وهذه هي العقلية الجديدة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com