في زمن إزالة التماثيل .. كيف تسلل لينين إلى غرب ألمانيا؟
في زمن إزالة التماثيل .. كيف تسلل لينين إلى غرب ألمانيا؟في زمن إزالة التماثيل .. كيف تسلل لينين إلى غرب ألمانيا؟

في زمن إزالة التماثيل .. كيف تسلل لينين إلى غرب ألمانيا؟

تجدد الجدل في ألمانيا بشأن قائد الثورة البلشفية في العام 1917 والزعيم الشيوعي السوفياتي المعروف فلاديمير لينين؛ إثر إقامة الحزب الماركسي الليني الألماني تمثالا له وضعه أمام مقره في مدينة غيلزنكيرشن، غرب البلاد.

وحاولت السلطات المحلية في المدينة منع نصب التمثال، وأطلقت وسما على الإنترنت بعنوان "لا مكان للينين"، لكن المحكمة رفضت الدعوى، لتتم إزاحة الستار عن التمثال الذي يرمز لشخصية تثير مشاعر متضاربة لدى الألمان الذين خاضوا حروبا شرسة مع الاتحاد السوفييتي السابق، بقيادة خليفة لينين، جوزيف ستالين.

وظل لينين (1870 ـ 1924) رمزا للفكر الشيوعي في جميع أنحاء العالم، سواء بين المؤيدين له أو أولئك الذين يتذكرون انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في ظل فترة حكمه للاتحاد السوفيتي.

وعلاوة على نشاطه السياسي، ينظر إلى لينين بوصفه فيلسوفا ومفكرا غزير الإنتاج، فقد ألف العديد من المؤلفات عن الثورة البروليتارية، وكتب العديد من النشرات والكتب والمقالات، إذ بلغ مجموع ما ألّفه نحو 45 مؤلفا، تُرجمت إلى العديد من اللغات.



ومن أشهر مؤلفاته "ما العمل"، و" الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" و" الدولة والثورة"، و"المادية والمذهب النقدي التجريبي"، وغيرها من المؤلفات التي اتكأت على أفكار وطروحات الفيلسوف والاقتصادي والمفكر الألماني المعروف كارل ماركس.

وكانت الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) التي انتهت بهزيمة ألمانيا النازية، قد قسمت ألمانيا لعقود إلى قسمين: قسم غربي معادٍ للشيوعية ولأسلاف لينين، وقسم شرقي موالٍ لها، واستمر هذا الانقسام حتى سقوط جدار برلين في عام 1989 .

وربط بعض المحللين الألمان الجدل الدائر حول تمثال لينين الجديد في المدينة الألمانية بإزالة الآثار  والتماثيل المرتبطة بحقبة العبودية من عدة دول أوروبية، والتي وقعت بعد احتجاجات مناهضة للعنصرية؛ إثر مقتل الرجل الأسود جورج فلويد في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، على يد شرطي أمريكي أبيض.



ونشر عمدة مدينة غيلزنكيرشن، فرانك بارانوفسكي، اعتراضه على نصب التمثال في سلسلة مقاطع فيديو على قناة المجلس المحلي للمدينة على اليوتيوب، و قال: "نحن نعيش في وقت تعيد فيه العديد من دول العالم النظر فيما لديها من نصب تذكارية".

وأضاف: "من الصعب أن نتحمل حقيقة أن ديكتاتورا من القرن الماضي يتم صنع نصب تذكاري له، للأسف قررت المحاكم ذلك ويجب علينا قبول قرار المحكمة، ولكن ليس بدون تعليق".

حقبة العنصريين انتهت!

من جانبها، قالت رئيسة الحزب الماركسي اللينيني غابي فيشتنر: إن حقبة المعالم الأثرية للعنصريين والمعادين للسامية والفاشيين والمعادين للشيوعية قد انتهت، لكنها أضافت: "على النقيض من ذلك كان لينين مفكراً سابقاً لعصره، وهو مناضل مبكر من أجل الحرية والديمقراطية".

وإلى جانب اعتراض السلطات المحلية الرسمية للمدينة على التمثال، فإن ممثلي بعض الأحزاب في المنطقة اعترضوا، بدورهم، على التمثال، معتبرين أن لينين يمثل العنف والقمع والإرهاب والمعاناة الإنسانية المروعة". وأضافت الأحزاب أنها لن تتسامح مع مثل هذا الرمز المعادي للديمقراطية في منطقتهم، داعين إلى استخدام "كل الوسائل القانونية" لإزالة النصب الذي حظي بترحاب روسيا.



ويعيد السجال القائم حول النصب إلى الأذهان فيلم "وداعا لينين" للمخرج الألماني ولفغانغ بيكر، الذي يعود للعام 2003 ويتناول قصة أسرة ألمانية تعيش في ألمانيا الشرقية، في الفترة التي تزامنت مع سقوط جدار برلين، إذ يهرب الأب إلى ألمانيا الغربية، فتجد الأم نفسها مسؤولة عن تربية طفليها وسط هذا النظام الشيوعي القوي، فتضطر إلى إظهار ولائها لهذا النظام؛ حرصا على سلامة الأسرة.

تشاهد الأم لحظة القبض على ابنها في المظاهرات المناهضة للشيوعية، فتدخل في غيبوبة لعدة شهور، حيث جرت تغيرات دراماتيكية بدأت بسقوط الجدار وانتهت بوحدة الألمانيتين، قبل أن تستيقظ الأم فجأة من غيبوبتها في حالة غير مستقرة ويوصي الطبيب بعدم تعرضها لأي صدمات، وهو ما يجبر الابن على إخفاء هذه التطورات عن أمه، وذلك ضمن قالب من الكوميديا السوداء يمنح الفيلم مذاقا محببا وساخرا.

وفي نهاية الأحداث يجد الابن نفسة مضطرًّا إلى الاعتراف بما حصل من تطورات للأم، التي تتعرف، بشكل متأخر، على أحداث مفصلية شهدتها ألمانيا، أبرزها التخلص من رموز الشيوعية والمتمثل في العنوان "وداعا لينين".

ووفقا للكثير من المؤلفات والأفلام، فإن سكان ألمانيا الشرقية، الموالية للاتحاد السوفييتي الشيوعي، عانوا الأمرين على يد استخبارات أمن الدولة التي كانت تعرف اختصارا بـ"شتازي"، والتي كانت تحصي على البشر أنفاسهم، فيما حظي سكان ألمانيا الغربية بهامش واسع من الحرية والرخاء، وهو ما يفسر جانبا من الجدل المحتدم بشأن تمثال لشخصية شيوعية تاريخية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com