محللون: هدايا ترامب لإسرائيل "ثمن مؤجل" لما بعد الانتخابات
محللون: هدايا ترامب لإسرائيل "ثمن مؤجل" لما بعد الانتخاباتمحللون: هدايا ترامب لإسرائيل "ثمن مؤجل" لما بعد الانتخابات

محللون: هدايا ترامب لإسرائيل "ثمن مؤجل" لما بعد الانتخابات

يبدي الكثير من الإسرائيليين حماسًا شديدًا لانصياع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرغبات رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو، وتحويل هذه الرغبات إلى أمر واقع.

حيث اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، في خطوة امتنعت كافة الإدارات السابقة عنها، كما تبنى الموقف الإسرائيلي بالكامل من قضية اللاجئين الفلسطينيين، وسحبت إدارته تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

كما انسحبت بلاده من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، وأوقفت تمويلها لها حتى قبل انسحاب إسرائيل منها؛ بسبب تصويت المنظمة على انضمام "دولة فلسطين" إليها.

وآخر قرارات ترامب التي اعتبرت هدية انتخابية لنتنياهو قبيل الانتخابات العامة في إسرائيل في التاسع من أبريل/نيسان القادم، كان الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، وهو قرار لاقى رفضًا دوليًا؛ لمخالفته قرارات الأمم المتحدة ومجلس أمنها المتعلقة بالأراضي المحتلة عام 1967.

ورغم تلبية إدارة ترامب الكثير من المطالب الإسرائيلية حتى الآن، يعبر محللون عن قلقهم من "الكرم الترامبي"، لأنه لن يكون دون ثمن، خاصة مع نية الإدارة الأمريكية الإعلان عن تفاصيل خطتها للسلام في الشرق الأوسط، المعروفة باسم "صفقة القرن".

ثمن هدية القدس والجولان

ويرى محرر الشؤون الدولية في موقع "واللا" الإخباري العبري، أورن نهاري، في مقال له في 27 مارس/آذار الجاري، بعنوان "عند ترامب لا يوجد عشاء دون مقابل، وإسرائيل ستدفع ثمن هدية الجولان والقدس"، إن ما يقوم به ترامب تجاه نتنياهو هو عمليًا "تقديم نصر سياسي كبير له قبل الانتخابات".

واستدرك: "لكن بعد الانتخابات سيأتي وقت دفع نتنياهو (أو من سيحكم إسرائيل) الثمن، حين يعرض ترامب وفريقه صفقة القرن للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين من جهة، والعالم العربي من جهة أخرى".

وأضاف نهاري: "بعد هذه الهدايا القيمة، سيكون من الصعب جدًا وربما من المستحيل على نتنياهو رفض الصفقة التي سيضعها الأمريكيون على الطاولة أمامه".

وتابع: "الشيء الوحيد الذي على نتنياهو الصلاة من أجل حدوثه، هو أن يرفض الفلسطينيون الصفقة، وهذا مرجح، لكن ذلك سيكون قصة ثانية".

تمرير صفقة القرن

بدوره، اتفق الباحث في التحولات السياسية، الدكتور إبراهيم سميح ربايعة، مع ما طرحه نهاري، وقال: إن "الإدارة الأمريكية أشارت بأكثر من مناسبة في سياق التمهيد لصفقة القرن، إلى أن هكذا خطوات تسهل الوصول لاتفاق سلام تاريخي من خلال نزع ما ترى أنه معيقات الحل الرئيسية".

وأردف ربايعة في حديث للأناضول: "أكثر من مسؤول أمريكي أكد أن على إسرائيل تقديم تنازلات كبيرة لاحقًا من خلال الصفقة، ومن هنا فإن نتنياهو- في حال حفاظه على منصبه- سيكون أمام معادلة صعبة لن يستطيع من خلالها رفض مقترحات السلام الأمريكية".

وأوضح أن "آلية طرح صفقة القرن، ستكون المحدد الرئيسي لتحديد موقف نتنياهو، فهل ستطرح مباشرة على الفلسطينيين؟ وبالتالي قد يزيح رفضهم عن نتنياهو عبء مواجهة ترامب، أم هل سيتم طرحها وتنفيذها على الأرض بشكل مباشر وبغطاء عربي؟ أي بمكاشفة مباشرة وصعبة مع نتنياهو".

وكتب المحلل أفرايم غانور في صحيفة "معاريف" العبرية، مقالًا الشهر الماضي، قال فيه: إن "نتنياهو سيواجه صعوبة في تسويق صفقة القرن لدى شركائه في معسكر اليمين، فهذه الصفقة لو تم الكشف عنها قبل الانتخابات، لوجد نتنياهو نفسه في مواجهة هذا المعسكر، خاصة نفتالي بينت وأياليت شاكيد من (حزب اليمين الجديد)، وأفيغدور ليبرمان من حزب (إسرائيل بيتنا)، الذين يدعون أنهم هم اليمين الحقيقي، وأن نتنياهو يتقمص دور اليميني.

وأشار غانور إلى تسريبات حول "صفقة القرن"، ذكرت أنها ستنص على إقامة دولة فلسطينية في 90% من مساحة الضفة الغربية، وتفكيك البؤر الاستيطانية وإخلائها، فيما ستبقى الأماكن المقدسة تحت السيطرة الإسرائيلية، وستدار بشكل مشترك مع الفلسطينيين والأردنيين، مع إمكانية تبادل أراض بهدف ضم الكتل الاستيطانية في "معاليه أدوميم" (شرق القدس)، و"غوش عتصيون" جنوبها.

وأوضح أن المشكلة الكبرى ستكون بالنسبة لنتنياهو واليمين هي تقسيم القدس، فكما يبدو، تنص الصفقة على أن القدس الغربية ستكون عاصمة إسرائيل، والشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية، وهذا الجزء سيصعب على الجناح اليميني في الخريطة السياسية الإسرائيلية قبوله.

تحديان لإسرائيل

وحذر الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أيضًا، في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز"، من العلاقة الأمريكية الإسرائيلية.

ونسب إلى الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي "أمان"، عاموس يدلين، وصفه العلاقة بين ترامب والكونغرس من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، بأنها "حب إسرائيل حتى الموت"، وتتسم بالدعم المطلق لإسرائيل مما يشكل تهديدًا للأخيرة.

ويفسر يدلين ذلك بالقول: إن "إسرائيل تواجه تهديديْن وجودييْن، الأول هو إيران، وهي تملك استراتيجية للتعامل معه، والثاني هو تحوّل إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية، ولا يوجد لدى إسرائيل استراتيجية للتعامل معه".

ويرجع يدلين سبب وجود التهديد الثاني الذي تواجهه إسرائيل إلى الإدارة الأمريكية خاصة الرئيس ترامب، وأيضًا إلى أعضاء الكونغرس المؤيدين لإسرائيل، ولجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية "الإيباك" اللوبي الرئيس المناصر لإسرائيل.

وأوضح يدلين، أن "التهديد يكمن في تمادي الإدارة الأمريكية بدعم طلب نتنياهو بالسيطرة الدائمة على الضفة الغربية، ما يخلق وضعًا سيؤدي إلى انهيار السلطة هناك، ويدفع الفلسطينيين لطلب الجنسية الإسرائيلية، وستجد تل أبيب نفسها تحكم مليونين ونصف مليون فلسطيني مع خيار السماح لهم بتقاسم السلطة عبر المساواة، أو خيار حرمانهم منها بشكل ممنهج".

الانحياز للحزب الجمهوري

مدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، أنطوان شلحت، تناول بعدًا آخر لعلاقة نتنياهو- ترامب.

ويرى في تصريح للأناضول، أن "العلاقة بين إسرائيل والإدارة الأمريكية حاليًا لها جانب آخر متعلق بانحياز إسرائيل ليس إلى جانب الحزب الجمهوري فقط، بل إلى الجناح المتطرف في الحزب الجمهوري، وهذا يمكن أن يشكل تهديدًا لإسرائيل في حالة عودة الحزب الديمقراطي للحكم مستقبلًا".

وبيّن شلحت: "قد يسعى الديمقراطيون إلى تصفية حساباتهم مع إسرائيل في المستقبل، فسياسة نتنياهو الحالية مخالفة للسياسة التاريخية التي كانت تضبط علاقة إسرائيل مع كلا الحزبين، فلم يسبق أن انحازت حكومة إسرائيلية لصالح حزب أمريكي على حساب الآخر".

وأضاف شلحت: "من ناحية ثانية سيؤثر تقارب نتنياهو ترامب على علاقات إسرائيل مع يهود الولايات المتحدة، فهم مرتبطون تاريخيًا بالحزب الديمقراطي، وهو ما سيجعلهم يتأثرون سلبًا بسبب سوء إدارة نتنياهو لعلاقاته مع الحزب الديمقراطي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com