ما سيناريوهات الأزمة السياسية في ليبيا بعد التصويت على التعديل الدستوري؟

ما سيناريوهات الأزمة السياسية في ليبيا بعد التصويت على التعديل الدستوري؟

يطرح تصويت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، بالموافقة على التعديل الدستوري الثالث عشر، فرضيات متعددة حول تداعيات هذه الخطوة على المشهد السياسي في المرحلة القادمة، وأسباب التصويت وعلاقته بالمبادرة الأخيرة التي طرحها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، للتسريع بمسار الانتخابات.

وأقر المجلس الأعلى للدولة بأغلبية أعضائه الحاضرين في جلسة الخميس، التعديل الدستوري الثالث عشر، بعد أيام من إعلان 54 عضوا من المجلس رفضهم هذا التعديل، والذهاب نحو ما ذهب إليه مجلس النواب الذي سبق وصادق على التعديل وتم نشره قبل أسبوع بالجريدة الرسمية.

لكن تصويت 53 عضوا في المجلس من أصل 60 حضروا جلسة الخميس، أثار طعنا في مصداقية القرار، واعتبر بلقاسم دبرز، مقرر مجلس الدولة، أن التصويت على التعديل الدستوري الثالث عشر باطل قانونًا ولا يعتد به، وفق تعبيره.

وفاجأت خطوة المجلس الأعلى للدولة المتابعين، لا سيما أنها جاءت بعد أيام قليلة من إحاطة مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، أمام مجلس الأمن وتلويحه الضمني بتسليط عقوبات على معرقلي الانتخابات.

المجتمع الدولي حتى مع هذا الاتفاق، سيقدم على إقصاء المجلسين لاسيما أن المجتمع الليبي سئم المجلسين.
رئيس حزب المؤتمر الوطني الحر، فتح الله بشير السعداوي

هروب إلى الأمام

وقال رئيس حزب المؤتمر الوطني الحر، فتح الله بشير السعداوي، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، إن تصويت مجلس النواب على التعديل الدستوري الثالث عشر، هو عملية هروب من المجلس الأعلى للدولة، خاصة عندما رأى المجلس أن باتيلي والمجتمع الدولي من الممكن أن يعتبرانه السبب المعطل للعملية السياسية في ليبيا.

واعتبر السعداوي أن إقدام المجلس الأعلى للدولة على المصادقة على التعديل الجديد، هو محاولة منه للعودة إلى الساحة السياسية، خاصة بعد أن تبين أنه من ضمن الأجسام المعرقلة للاستقرار السياسي والتوجه نحو الانتخابات في ليبيا.

وبخصوص سيناريو التوجه إلى الانتخابات في ليبيا، قال السعداوي: إن "العملية اتجهت أكثر نحو التعقيد، وهو الأمر الذي سيحول دون تنظيم انتخابات، خاصة أن الجلسة تم عرضها على المسؤول القانوني في المجلس الأعلى للدولة الذي اعتبر أنها جلسة جاءت سريعة، كما أن الحضور فيها كان محل جدل وشك، لا سيما أن النصاب لم يكتمل بحضور 68 نائبا بالمجلس".

وحول دلالات التصويت وتوقيته، أشار السعداوي إلى أن المجتمع الدولي حتى مع هذا الاتفاق، سيقدم على إقصاء المجلسين لا سيما أن المجتمع الليبي سئم المجلسين.

ليس أمام المجلس الأعلى للدولة خيارات كثيرة، بالنظر إلى ما جاء في كلمة باتيلي والتلويح بإعادة تشكيل لجنة حوار جديدة تقترح حكومة مصغرة تذهب إلى الانتخابات.
رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، جمال فلاح

ترحيل للأزمة

وأوضح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، جمال الفلاح، أن المصادقة على التعديل الدستوري الثالث عشر يمثل خطوة للهروب إلى الأمام وترحيل الأزمة؛ لأن المشكلة ليست في القاعدة الدستورية بل في القوانين الانتخابية.

وأشار الفلاح في تصريح لـ "إرم نيوز"، إلى أن هناك اتفاقا بين المجلسين على معظم مواد القاعدة الدستورية، ولكنهما اختلفا على مسألة شروط الترشح للرئاسة، وترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، وقد تم ترحيل ذلك في التعديل الدستوري الثالث عشر.

واعتبر أنه من الصعب أن يتفق مجلسا النواب والأعلى للدولة على النقاط الخلافية التي تم ترحيلها، وما حصل هو ترحيل الأزمة من القاعدة الدستورية إلى القوانين الانتخابية، وقد أراد المجلسان إقناع المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأنهما عازمان على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أجل قريب، لرفع الحرج عنهما من مجلس الأمن والأمم المتحدة وجميع الأطراف المتدخلة في الأزمة الليبية.

ورأى المحلل السياسي الليبي، أن "ما حصل هو مراوغة ومناورة سياسية من المجلسين"، معتبرا أن الطريق ليس سالكا، وكان هناك تهديد واضح من المبعوث الأممي في إحاطته أمام مجلس الأمن، وتلويح بتجاوز مجلسي النواب والدولة وفرض عقوبات على معرقلي الانتخابات، وما قام به المجلسان هو فقط مناورة ومراوغة منهما".

وتابع الفلاح، أنه "ليس أمام المجلس الأعلى للدولة خيارات كثيرة، بالنظر إلى ما جاء في كلمة باتيلي والتلويح بإعادة تشكيل لجنة حوار جديدة تقترح حكومة مصغرة تذهب إلى الانتخابات، وهذا ما جعل المجلس الأعلى للدولة يبادر إلى المصادقة على التعديل الدستوري الثالث عشر".

باتيلي ألقى حجرًا في مياه راكدة وحاول بشكل ما استفزاز الطبقة السياسية، إما أنها تطرح بعض الحلول وهو ما حصل، أو الذهاب نحو إيجاد حل يلزم كل الأطراف.
المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي، البشير الجويني

تجاهل مرتقب

واستبعد المتحدث الرسمي باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار، أن يتعاطى المجتمع الدولي مع تصويت مجلسي النواب والدولة على التعديل الدستوري الثالث عشر، لا سيما بعد الإجماع الدولي الذي حظي به مقترح رئيس البعثة الأممية عبدالله باتيلي، ودعوة السفارة الأمريكية القادة الليبيين الرئيسيين إلى التفاعل مع مقترح المبعوث الأممي بطريقة بناءة، لإظهار أنهم فعلا متفانون في خدمة احتياجات الشعب الليبي.

وقال شوبار في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن تصويت المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، لا يضيف شيئًا للمشهد السياسي في ليبيا ولا جدوى منه، معتبرًا أن الجميع في ليبيا يترقب اليوم الشروع في تنفيذ المبادرة الأممية خلال الأيام القريبة القادمة.

وشدد الناشط السياسي الليبي على أن المبادرة تشكل اليوم آخر فرصة للخروج من الانسداد السياسي القائم، منوهًا إلى أن العمود الفقري لنجاحها يكمن في تشكيل قيادة وطنية موحدة بوجوه جديدة، وفقا لما نصت عليه الفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2556، لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل والحفاظ على عائدات النفط والتمهيد والإشراف على الانتخابات.

حجر في مياه راكدة

وقال المحلل السياسي المهتم بالشأن الليبي، البشير الجويني، إن تصريحات المبعوث الأممي عبد الله باتيلي وجلسة مجلس الأمن كان لهما تأثير على ردود أفعال مختلف الأطراف، ومنها مجلس النواب الذي وجّه اتهامات للبعثة الأممية وكذلك حكومة باشاغا المعينة من البرلمان، والتي وجهت لومًا حادًا للبعثة الأممية واتهمتها بعدم الحياد، وصولًا إلى المجلس الأعلى للدولة الذي أجاب بطريقة غير مباشرة على البعثة الأممية من خلال المصادقة على التعديل الدستوري الثالث عشر.

وأضاف الجويني في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن باتيلي ألقى حجرًا في مياه راكدة وحاول بشكل ما استفزاز الطبقة السياسية، إما أنها تطرح بعض الحلول وهو ما حصل، أو الذهاب نحو إيجاد حل يلزم كل الأطراف.

واعتبر الجويني أن المشهد الليبي بات على قدر كبير من الغموض، ولكن الأرجح أن هذه المبادرة لن تكون ناجحة ولا فاشلة بشكل تام، مشيرًا إلى دور كل مكون من مكونات المشهد السياسي الليبي في الشرق والغرب في الدفع نحو الذهاب إلى الانتخابات.

أخبار ذات صلة
ليبيا.. المجلس الأعلى للدولة يوافق على تعديل دستوري مهم لإجراء الانتخابات

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com