ما دلالات تغير خطاب اتحاد الشغل تجاه حركة النهضة في تونس؟
قال مراقبون للمشهد السياسي في تونس إن اتحاد الشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، أدار وجهه كليا عن حركة النهضة الإسلامية، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد تشكل مستقبل البلاد.
واستند المتابعون في ذلك إلى تصريحات الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، الذي سمى الحركة لأول مرة بـ"الإخوان".
ووجه الطبوبي في لقائه نقابيين بمحافظة صفاقس (جنوبا) مساء الأربعاء، رسائل قوية إلى حركة النهضة، ملوحا لأول مرة بـ"التصدي لمخططات الإخوان".
هذه التصريحات تصادف موقف قوى سياسية واجتماعية ترى أن حصيلة السنوات العشر التي قضتها الحركة في الحكم "هزيلة وسلبية"، مع تمسك البعض بعدم المشاركة في حكومة جديدة تنخرط فيها الحركة.
واعتبر متابعون أن اتحاد الشغل تحول من المتابع الذي يحاول تصحيح الوضع في كل مرة إلى الفاعل الذي يطرح نفسه شريكا في صنع القرار السياسي، بل في طليعة القوى المحددة لسياسات الدولة في ظل فشل القوى السياسية في تجربة الحكم، وفق قولهم.
من جانبه، يقول الباحث في العلوم السياسية محمد أمين العاقل إن "خطاب اتحاد الشغل اتخذ هذه المرة نبرة أكثر حدة ودقة"، لافتا إلى أن الأمين العام للاتحاد اتهم في السابق "أطرافا سياسية"، لم يسمها، بضرب العمل النقابي أو بالفشل في إدارة الشأن العام، لكنه كان واضحا هذه المرة.
وأضاف العاقل في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "الحديث بشكل خاص عن حركة النهضة، واستعمال لفظ الإخوان يعني أن اتحاد الشغل قام بعملية فرز للمشهد السياسي وانحاز إلى القوى التقدمية التي تدافع عن الدولة المدنية ومكتسباتها وتوجهاتها في التنمية وتسيير الشأن العام، واعتبر حركة النهضة و(مخططاتها الإخوانية) خصما".
ورأى الباحث أن "هذا الموقف لاتحاد الشغل بمثابة خسارة جديدة لحركة النهضة في تموقعها السياسي والمجتمعي، بعد أن تبينت مواقف مختلف الأطراف من الحركة، وحسم رئيس الجمهورية موقفه أيضا من توجهاتها، وبدا أن معظم المكونات السياسية لا تشاركها رؤيتها العامة".
الأمر نفسه رجحه الكاتب والمحلل السياسي محمد علي خليفة، الذي قال إن "اتحاد الشغل قرر الاصطفاف وراء القوى التي تؤمن بالدولة لا بالأيديولوجيا والولاءات الضيقة، لذلك استعمل ربما للمرة الأولى توصيف (الإخوان) في حديثه عن حركة النهضة".
وأشار خليفة في تصريح لـ "إرم نيوز" إلى أن "خطاب اتحاد الشغل مقصود من حيث سياقه الزماني، في هذه الفترة التي تشهد تنازعا حادا بين المكونات السياسية حول شكل الحكومة الجديدة والجهات التي ستشارك فيها".
وأضاف أن موقف اتحاد الشغل يزيد الضغوط لإخراج حركة النهضة من المشهد الحكومي، خاصة أن "اتحاد الشغل يعلم جيدا أن كلمته وازنة، ورأيه مرجح إذا ما اختلفت القوى السياسية حول مسألة تهم البلاد"، وفق تعبيره.
وأكد خليفة أن "اللهجة الحاسمة للمنظمة النقابية، التي تضم أكثر من نصف مليون منتسب، ستزيد من عزلة حركة النهضة التي تفقد اليوم حليفا سياسيا وآخر اجتماعيا يشاركها رؤيتها".
