بعد تمريره قوانين مثيرة للجدل .. هل أصبح البرلمان الجزائري أداة للسلطة التنفيذية؟
بعد تمريره قوانين مثيرة للجدل .. هل أصبح البرلمان الجزائري أداة للسلطة التنفيذية؟بعد تمريره قوانين مثيرة للجدل .. هل أصبح البرلمان الجزائري أداة للسلطة التنفيذية؟

بعد تمريره قوانين مثيرة للجدل .. هل أصبح البرلمان الجزائري أداة للسلطة التنفيذية؟

يواجه البرلمان الجزائري، الذي يرأسه سليمان شنين، المحسوب على حركة البناء ذات التوجه الإسلامي، انتقادات من قبل نشطاء سياسيين ونواب، متهمين رئاسته بالانصياع لأوامر السلطة التنفيذية من خلال تمرير قوانين مهمة حتى في ذروة جائحة كورونا.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، مرّر النواب، مشاريع حكومية عدة، أبرزها قانون الموازنة التكميلية لعام 2020، المتضمن زيادات في أسعار الوقود، وفشل المعارضون لها بإسقاطها بسبب مقاومة شديدة من مكتب البرلمان، المُنحاز إلى الحكومة، وفق آراء عديدة.

وقبلها صادق مجلس النواب، على قانون العقوبات بشأن ملاحقة نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب منشورات تنتقد السلطة، كما تم تمرير نص قانوني يُعنى بمكافحة خطاب العنف والكراهية، المتفشي بشكل ملحوظ عقب الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسبب اختلاف المواقف حيالها بين مؤيد ورافض.

الدستور.. البرلمان أولًا

وعلى الرغم من الجدل المثار حوله، سيتولى البرلمان الحالي، مهمة مناقشة التعديل الدستوري، إذ تعتزم الرئاسة الجزائرية طرح الوثيقة، في صيغتها النهائية لمصادقة البرلمان قبل الاستفتاء الشعبي، وذلك بعد تمديد العطلة النيابية المقرّرة، في الثاني من تموز/يوليو المقبل، بحسب محمد لعقاب، أحد مستشاري الرئيس تبون.

ومن بين أهم البنود القانونية التي سيناقشها النواب في مسودة تعديل الدستور، تلك التي تسمح بإرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد موافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وهو المقترح الذي لقي دعم المؤسسة العسكرية، عبّر عنه قائد الجيش، اللواء سعيد شنقريحة في تصريحاته مؤخرًا.



ولا يزال المحور المرتبط بصلاحيات رئيس الجمهورية الواسعة، واستقلالية السلطة القضائية، كما يُطالب به المنتمون للسلك وعموم الجزائريين، يثير الكثير من الجدل وهو ما ينطبق على طبيعة نظام الحكم المعتمد في الجزائر(شبه الرئاسي) الموصوف من طرف خبراء القانون بـ"الهجين".

استمرار السياسات السابقة

ورأت البرلمانية بمجلس النواب الجزائري فاطمة سعيدي، أن السلطة تستعمل كل الأدوات من أجل تحقيق برنامجها والاستمرار في السياسات السابقة التي أثبتت فشلها.

وأشارت في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى أن "المشكلة في الأغلبية البرلمانية التي تُمرّر كل ما يأتي من الجهاز التنفيذي وتسندها في تمرير برنامجها وسياساتها ولو على حساب المواطن".

ويسيطر حزبا جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقًا) والتجمع الوطني الديمقراطي اللذان انتخبا أمينيهما العاميْن مؤخرًا، على الأغلبية البرلمانية، وكلاهما داعم قوي للسلطة التنفيذية.

وأضافت فاطمة سعيدي:"الشعب الجزائري يبحث عن برلمان تعددي وليس صناعة أغلبية برلمانية مفبركة، والدستور المعروض حاليًا للنقاش لم يعطِ إشارات بشأن تغيير الخريطة السياسية".

وفي السياق، توقعت أن يطغى على البرلمان المقبل، نواب من خارج الأحزاب، أي من القوائم الحرة، وهو الأمر الذي قد يقودُ وفق سعيدي، إلى تمييع الطبقة السياسية وتركيبة البرلمان أكثر، وبالتالي إعطاء فرصة للجهاز التنفيذي للتغول على السلطة التشريعية، وتمرير كل المشاريع الحكومية بسهولة.

برنامج واضح

في مقابل ذلك، قال عبد الوهاب بن زعيم، القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقًا)، والعضو بمجلس الأمة ( الغرفة الثانية للبرلمان)، إن"برنامج الرئيس عبد المجيد تبون واضح وهو انتخاب مؤسسات جديدة وفق الدستور الجديد، وذلك قبل نهاية السنة، لكن أزمة كورونا عطلت نوعًا ما هذا البرنامج ".

وأضاف بن زعيم مدافعًا عن سياسات تبون "بعد طرح مشروع الدستور للمناقشة في البرلمان بغرفتيه في ظرف أسابيع وبعد عرضه على الاستفتاء الشعبي، وتزكيته من قبل الجزائريين سيكون بإمكان رئيس الجمهورية حل المجلس الشعبي الوطني واستدعاء الهيئة الناخبة لانتخابات تشريعية مسبقة تُفرز مجلسًا جديدًا يتوافق والجمهورية الجديدة".

وأشار بن زعيم في تصريح لـ"إرم نيوز" إلى أن "حل المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) قضية بضعة أشهر فقط".



وجوه جديدة

من جهته، رأى النائب والعضو في لجنة الشؤون القانونية والحريات منور الشيخ أن"المشكلة ليست في حل البرلمان، وإنما بتوافر إرادة سياسية لفتح الطريق أمام الرجال المخلصين الذين يُحبون ويخدمون البلاد".

وتساءل الشيخ:"من الأحزاب السياسية التي ستُمثل البرلمان الجزائري مستقبلًا؟ ليُجيب:"إذا كانت نفس الوجوه الحالية، والتشكيلات السياسية الكلاسيكية الموجودة على الساحة، فإننا سنجد أنفسنا أمام أسوء برلمان ومجالس محلية هزيلة".

وتابع البرلماني في تصريحات لـ"إرم نيوز":"على وزارة الداخلية أن تفتح المجال أمام الأحزاب الجديدة وتمنح لها الاعتمادات خاصة التي تحمل أفكار الحراك الشعبي والتيارات التحررية لإعطائها الحق في التمثيل السياسي والحزبي".

ورأى أن الجزائر بحاجة إلى خريطة حزبية جديدة تتركز على النضج والوعي السياسي، وتمتاز بقوة الاقتراح وتسعى لتقديم بدائل ملموسة في المستقبل.

وأضاف:"رأينا كيف قضى النواب على أحلام الجزائريين وصادقوا على قانون المالية التكميلي لعام 2020، المتضمن رسومًا جديدة على أسعار الوقود، وبالتالي فإن أي برلمان بنفس الأفكار والتركيبة الحالية لن يقودنا للتغيير وإنما سيُبقي على الوضع القائم".

ويترقب المشاركون في مناقشات مسودة تعديل الدستور، المقترحات المُدخلة على الوثيقة التي بلغت 1200 مقترح، وسط تساؤلات محتدمة، فيما كان الدستور المقبل سيؤسس لخريطة سياسية جديدة أم أنه سيكرس الوضع القائم، بشكل لا يُلبي طموحات التغيير المرفوعة على مدار عام من الحراك الشعبي السلمي، والمعلق بعد ظهور كورونا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com