محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تثير جدلاً واسعًا في تونس
محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تثير جدلاً واسعًا في تونسمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تثير جدلاً واسعًا في تونس

محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري تثير جدلاً واسعًا في تونس

عادت قضية محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في تونس إلى الواجهة مجددًا، وذلك بعد مثول المحامية والحقوقية التونسية نجاة العبيدي أمام قاضي التحقيق العسكري، بتهمة الاعتداء على موظف عمومي.

وتتهم النيابة العامة العسكرية الحقوقية التونسية نجاة العبيدي بالاعتداء على موظف عمومي، وذلك في سياق دفاع الأخيرة عن ضحايا التعذيب فيما يعرف بقضية "براكة الساحل".

وبراكة الساحل هي منطقة تابعة لمحافظة نابل (شرقي البلاد)، ويشار بها إلى اتهامات ملفقة أطلقها الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي بين نيسان/ أبريل وتموز/ يوليو 1991 ضد عسكريين بالجيش، قال إنهم حاولوا بالتنسيق مع حركة النهضة الانقلاب عليه.

وإثر ذلك، قام بن علي بسجن وتعذيب وعزل أكثر من 2000 من الضباط وضباط الصف، بتهمة التورط في الواقعة، رغم أنهم نفوا تلك الاتهامات.

وفتحت القضية الباب أمام جدل متصاعد، حول محاكمة المدنيين من قبل القضاء العسكري في تونس، وسط رفض واسع من المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية في تونس.

وقالت المحامية نجاة العبيدي، في تدوينة نشرتها عبر حسابها الرسمي في "فيسبوك"، إنها مثلت أمام القضاء العسكري لمحاكمتها من أجل تهمة يعود تاريخها إلى سنة 2015، وذلك بسبب دفاعها عن حق عسكريين تعرضوا للتعذيب والانتهاك سنة 1991، وفق تعبيرها.

واعتبرت العبيدي أنه تمت محاكمتها وفقًا لقانون لا دستوري ومخالف للاتفاقيات الدولية والمبادئ الأساسية لاستقلال القضاء والمحاماة، بحسب قولها.

محاكمة سياسية

من جهة أخرى، اعتبرت العبيدي أن المحاكمات العسكرية في تونس هي محاكمات سياسية تسعى إلى ترهيب وإسكات المعارضين وتصفية حسابات سياسية، مؤكدة أنها ستواصل النضال من أجل حق التونسيين في دولة عادلة.

وتؤكد المنظمات الحقوقية في تونس رفضها المطلق لمثول المدنيين أمام القضاء العسكري، معتبرة أن مثل هذه المحاكمات ليست دستورية، وأن المحكمة العسكرية يجب أن تصبح محكمة مختصة في القضايا العسكرية ولا تحاكم المدنيين.

احترام معايير المحاكمات

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جمال مسلم، في تصريح لـ "إرم نيوز"، إن الرابطة ترفض تمامًا محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وإن هناك هيئات قضائية عدة يمكنها معالجة قضايا المدنيين دون اللجوء إلى القضاء العسكري.

وأكد مسلم أنه في ظل تواصل مثول المحكمة العسكرية، فإن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تطالب بضرورة توفر شروط المحاكمة العادلة واحترام معايير المحاكمات.

وقال إنهم يؤكدون في كل لقاء يجمعهم بوزير العدل التونسي ضرورة صياغة قانون يمنع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، مؤكدًا على دور المجتمع المدني التونسي في التعاطي مع هذه القضية.

وكانت الكتلة الديمقراطية داخل البرلمان التونسي، قد قدمت مقترح قانون يتعلق بتعديل مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية لملاءمتها مع الدستور التونسي.

ويسعى مقترح القانون إلى ملاءمة مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية مع نص الفصل 110 من الدستور الذي يؤكد أن "المحاكم العسكرية مختصة في الجرائم العسكرية".

ويقترح مشروع القانون تعديل مجلة المرافعات والعقوبة العسكرية بما يمكّن القضاء العسكري من اختصاص النظر في الجرائم العسكرية المرتكبة من قبل عسكريين مع الإبقاء على الباب الثاني من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية قائمًا؛ بما يعني ايقاف محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية وذلك في انتظار وضع مجلة جديدة للعدالة العسكرية.

11 نائبًا يتمسكون برأيهم

ويقول النائب عن الكتلة الديمقراطية، إبراهيم بن سعيد، إن هذا المقترح لم يخرج إلى اليوم من رفوف مكتب مجلس النواب ولم يتم إيلاؤه أهمية.

وجدد النائب إبراهيم بن سعيد في تصريح لـ "إرم نيوز"، تمسك الكتلة الديمقراطية التي تضم 11 نائبًا، والطبقة السياسية في تونس، بضرورة إيقاف محاكمة المدنيين أمام قاضي التحقيق العسكري.

وللإشارة، فقد نص الدستور التونسي في فصله 110 إلى استصدار قانون يمنح المحكمة العسكرية حق البت في القضايا العسكرية وألا تحاكم المدنيين، لكن هذا القانون لم يصدر بعد، ويؤكد كثيرون إمكانية عدم إصداره.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com