إيمانويل ماكرون وبنيامين نتنياهو
إيمانويل ماكرون وبنيامين نتنياهوأ ف ب

لماذا تغيّر موقف فرنسا من الحرب الإسرائيلية في غزة؟

يواكب الإعلام الفرنسي مستجدات موقف فرنسا من حرب غزة، ويطرح أسئلة عديدة عن تحول الرئيس ماكرون من مقدّم الدعم اللامشروط لتل أبيب إلى أحد القادة المزعجين لها.

ويتحدث الإعلام الفرنسي، بما فيه الحكومي، عن موقف فرنسي جديد تنعكس ملامحه بوضوح في نقاشات الإعلام الفرنسي وأسئلته، ومن بين هذه الأسئلة: "هل تغير موقف فرنسا من الحرب الإسرائيلية في غزة.. ولماذا؟".

السؤال طُرح، مؤخرًا، في التلفزيون الفرنسي الحكومي "فرانس 24"، حيث عدّد محرر الشؤون الدولية بالقناة خالد غرابلي أسباب تحول الموقف الفرنسي. فبعد أن كانت فرنسا من أكثر الداعمة لحكومة نتنياهو، هي اليوم تنتقدها، وتدعوها للكف عن "قتل المدنيين".

واستندت "فرانس 24" في تحليل أسباب التغير الحاصل في الموقف الفرنسي على نقاط مهمة، أولها التشكيك الذي طال الرواية الإسرائيلية بخصوص استغلال حماس لمستشفى "الشفاء" في غزة لإدارة الحرب.

وثانيًا اتهام إسرائيل لحماس بقصف المستشفى أحيانًا، بينما يشكك خبراء عسكريون غربيون في هذه الاتهامات.

والسبب الأخير هو تواصل قتل المدنيين على مرأى العالم، ما قلّل من تدافع القادة الغربيين في الدفاع عن إسرائيل.

أخبار ذات صلة
فرنسا: عنف المستوطنين في الضفة الغربية "سياسة إرهاب"
شرح التحليل كيف أن ضعف الرواية الإسرائيلية التي تبدو يومًا بعد يوم أكثر افتقارًا للمصداقية، جعل فرنسا تطلق تصريحات غير مسبوقة ضد إسرائيل.
"فرانس 24"

لغة دبلوماسية قاسية تجاه إسرائيل

شرح تحليل "فرانس 24" كيف أن ضعف الرواية الإسرائيلية التي تبدو، يومًا بعد يوم، أكثر افتقارًا للمصداقية، جعل فرنسا تطلق تصريحات غير مسبوقة ضد إسرائيل.

فتنديد المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية باستهداف المستشفيات وقولها إنه "ليس من حق إسرائيل أن تقرر من سيحكم غزة في المستقبل"، يمثل لغة قاسية في قاموس الدبلوماسية، وفقًا لتحليل فرانس 24"، مضيفًا: "لم نسمع أبدًا مثل هذه التصريحات من الخارجية الفرنسية منذ بداية الحرب".

أما بخصوص عملية اقتحام الجيش الإسرائيلي وكشف إسرائيل عما عثرت عليه من "حواسيب، سترات، هواتف وأسلحة خفيفة "، فيقول التلفزيون الفرنسي الحكومي إن كل هذا "لا يرقى أبدًا ليكون مقرًا لقيادة حماس".

وهو برأيها يدحض ما ادّعته إسرائيل طيلة أسابيع، حيث "رددت  قبل الاقتحام أن حماس تستغل المستشفيات، خاصة "الشفاء" في إدارة عملياتها العسكرية، من خلال أنفاق تحت مقر المستشفى الذي قالت إنه يوجد تحته رهائن وأسلحة. وأضاف: "لم نر أنفاقًا ولا رهائن مثلما كانت تقول إسرائيل منذ أسابيع".

تحقيق نيويورك تايمز الأمريكية

النقطة الثانية التي ارتكز عليها تحليل "فرانس 24" كدافع يرى أنه ساهم في تغير الموقف الرسمي الفرنسي من حرب غزة، تمثل في تلك الفيديوهات التي عالجتها صحيفة "نيويورك تايمز" وتظهر قذائف تستهدف مستشفى الشفاء مؤخرًا.

وعرضت الصحيفة الأمريكية الفيديوهات وما تضمنته من قذائف على خبراء عسكريين بريطانيين وأمريكيين، أكدوا أولاً أن الأمر يتعلق بقذائف ضوئية وقديفة لدبّابة من فئة 120 ملم، وأن الفلسطينيين لا يملكون الإثنين، خاصة الدبّابات، ورجحت الصحيفة اعتمادًا على تحليل الخبراء أن تكون هذه الأسلحة للجيش الإسرائيلي.

وحلل ذات الخبراء مكان انطلاق الغارات فاكتشفوا أن الجيش الإسرائيلي يتمركز بها، وذلك "بعد مراجعة الصور عبر الأقمار الصناعية".

وقال تحليل القناة الفرنسية وهو يستعرض هذا العمل الاستقصائي لصحيفة "نيويورك تايمز"، إن الأخيرة طلبت تعليقًا من الجيش الإسرائيلي لكنها لم تحصل عليه. معتبرة أن هذه مجرد أمثلة عن أسباب التشكيك في الرواية الإسرائيلية للحرب، التي كان لها تأثير على تغير المواقف.

أخبار ذات صلة
تمرد ضد ماكرون بسبب حرب غزة.. أيام سوداء تنتظر الدبلوماسية الفرنسية  

وواصلت القناة التلفزيونية الفرنسية تحليلها لأسباب تغير الموقف الفرنسي بالإشارة إلى قتل المدنيين، فإسرائيل كانت تقول إن حماس تتخذهم دروعًا بشرية لذلك هم يسقطون في الحرب "كخسائر جانبية". ولأن الغرب كان يصدق ما يصدر عن إسرائيل فقد "كان يرفع عنها المسؤولية في مقتلهم، ويعطيها الضوء الأخضر لتستمر في القصف على نفس المنوال".

لكن مع تزايد أعداد القتلى المدنيين وتزايد الشكوك بالرواية الإسرائيلية قلّ عدد القادة الغربيين المدافعين عن إسرائيل، فالرئيس الفرنسي "لم يعد يكرر ما كان يقوله في البداية بأن حماس تتخذ المدنيين دروعًا بشرية، وبدأنا نسمع هذه الانتقادات".

وتزامن التزايد الكبير لأعداد القتلى المدنيين في غزة، مع عدم عثور الجيش الإسرائيلي على شيء مقنع في مستشفى "الشفاء" يعزز روايته، وهو ما دفع - وفق فرانس 24- بالحلفاء ومنهم أمريكا للضغط على إسرائيل، ليقولوا لها "عليك التوقف عن إطلاق النار".

وخلصت القناة إلى أنه مع سقوط المدنيين على مرأى العالم، "بدأت النغمة تتغير وبدأ الضغط على إسرائيل يزيد".

تصريحات ماكرون

وظهر تغير الموقف الفرنسي جليًا في تصريحات الرئيس ماكرون خلال لقاء مع "بي بي سي"، حيث قال إن النساء وكبار السن والأطفال يتعرضون للقصف والقتل، "وهنا لم يتحدث ماكرون عن خسائر جانبية أو دروع بشرية"، بحسب "فرانس 24". وتقصد أن ماكرون لم يعد يؤمن بخطاب إسرائيل وروايتها للحرب، خاصة حين أكد أنه لا مبرّر ولا شرعية لقتل المدنيين وطلب منها "التوقف".

ووفق تحليل "فرانس 24"، فإن فشل جولة ماكرون في إسرائيل جعله يتلقى انتقادات واسعة داخليًا، فهو اقترح توسيع التحالف الدولي لمحاربة داعش ليقاتل حماس، وهدنة إنسانية مع حل سياسي.. إسرائيل لم توافق على شيء من كل هذا.

أعقب هذا الفشل تمرد في الدبلوماسية الفرنسية، من سفراء فرنسا لدى بعض البلدان العربية والإسلامية، تحدثوا عن تهديد مصالح بلادهم بهذه الدول، بسبب موقف ماكرون من حرب غزة ودعمه القوي لإسرائيل.

ولكل هذه الأسباب، جاء تغيّرالموقف الفرنسي، وتغيرت تصريحات ماكرون وأصبحت تزعج إسرائيل، وحتى وإن حاول توضيح تصريحاته التي أدلى بها لـ "بي بي سي"، إلا أنّ "الرسالة وصلت، ومن الواضح أن فرنسا بدأت تغير من لهجتها"، وفقًا للتلفزيون الحكومي "فرانس 24".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com