هزيمة جديدة.. الانتخابات الجزئية تطفئ مصباح "إخوان المغرب"

تلقى حزب "العدالة والتنمية" المغربي (معارض)، هزيمة جديدة في الانتخابات التشريعية الجزئية التي جرت، الثلاثاء، بعدد من الدوائر، فيما تواصل أحزاب الأغلبية التربع على المشهد السياسي بالبلاد.

وأعادت هذه الانتكاسة إلى الأذهان ما يُسمى في المشهد السياسي المغربي بـ"زلزال 8 سبتمبر 2021" (نتائج الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية الأخيرة) والذي عصف بـ"إخوان" المغرب.

وفازت أحزاب الأغلبية الحكومية، ممثلة بحزبي "التجمع الوطني للأحرار" و"الاستقلال" بالانتخابات الجزئية في دائرتي: "فاس" الجنوبية، و"بنسليمان"، بينما لم يستطع الحزب الإسلامي الذي قاد الحكومتين السابقتين، الفوز بأي مقعد.

وبلُغة الأرقام، حصل حزب "التجمع الوطني للأحرار" قائد الائتلاف الحكومي على 9767 صوتاً في دائرة "فاس"، بنسبة 52% من مجموع الأصوات المعبر عنها، متقدماً على حزب "العدالة والتنمية" (معارض) الذي حصل على 3854 صوتاً، بينما حلّ حزب "الاتحاد الاشتراكي" (معارض) ثالثاً بحصوله على 2642 صوتاً.

وفي السياق ذاته، حصل حزب "الاستقلال" المشارك في الائتلاف الحكومي على 14800 صوت في دائرة "بنسليمان"، فيما حل حزب "الاتحاد الاشتراكي" (معارض) ثانياً بـ7438 صوتاً، ثم "العدالة والتنمية" (معارض) والذي حصل على 4306 أصوات.

وعقب ظهور النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الجزئية، ندّد الحزب الإسلامي بما وصفه بـ"الممارسات المشينة وغير الديمقراطية التي قامت بها بعض الأحزاب بشكل مكشوف ومفضوح، من شراء للذمم وتسخير الوسطاء والسماسرة لإفساد العملية الانتخابية والسطو على إرادة المواطنين والمواطنات مستغلين في ذلك ظروفهم الصعبة". على حد تعبيره.

تعليق بنكيران

وفي أول تعليق له على هذا السقوط الجديد، قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن حزب "المصباح" (رمز حزب العدالة والتنمية) لم يواجه في هذه الاستحقاقات أحزابًا عادية منفردة، بل واجه التحالف الحكومي المكون من 3 أحزاب.

وأبرز بنكيران في كلمة تفاعلية مع نتائج الانتخابات، مساء الأربعاء، أن العدالة والتنمية "لم يعد يواجه خصومًا بتوجهات أيديولوجية، بل يواجه التحكم، والأعيان، والأموال". وفق تعبيره.

ورغم هذه الهزيمة، رأى قائد "إخوان المغرب"، أن وضعية الحزب تحسّنت كثيرًا. مستدركًا "الانتخابات المقبلة ستكون لحزب (المصباح).. إذ سيكون في إحدى المراتب الثلاث الأولى".

وطرح سقوط حزب "العدالة والتنمية" المغربي في الانتخابات التشريعية الجزئية بـ"فاس" و"بنسليمان" تساؤلات عديدة في الأوساط السياسية بالبلاد.

وفي الوقت الذي يشتكي فيه الحزب الإسلامي من "الفساد الانتخابي" يرى مراقبون أن "مصباح" العدالة والتنمية أطفأته صناديق الاقتراع بسبب عدم تجديد خطابه السياسي.

تراجع الشعبية

ورأى الدكتور حسن بلوان، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، أن الهزيمة المدوية التي تعرّض لها حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات التشريعية الجزئية "تأتي لتؤكد مرة أخرى أن الحزب الإسلامي تراجعت شعبيته بشكل كبير في الأوساط السياسية المغربية". مشيرًا إلى أن نتائج هذه الاستحقاقات "تؤكد بالملموس أن ما وقع سنة 2021 (سقوط العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية) يتكرر في أكثر من جهة ومنطقة بالمملكة".

ورأى بلوان لـ"إرم نيوز"، أن هذه الهزيمة "تؤكد أيضًا تراجع الإسلام السياسي بالمنطقة العربية"، مشيرًا إلى أن أسباب تراجع شعبية "إخوان بنكيران" طبيعية، إذ يمكن قراءتها من خلال محددين أساسيين.

وأوضح: "المحدد الأول، يتمثل بمفهوم الزعامة، إذ إن بنكيران هو المسؤول عن تراجع الحزب من خلال بعض القرارات والتجارب سواءً عندما كان في الحكومة أو خلال تواجده حاليًّا بالمعارضة".

أما المحدد الثاني – يستطرد بلوان – فيتمثل في "مستوى النقاش العمومي، فبنكيران دائمًا ما يسبح ضد التيار في مجموعة من القضايا الحساسة، سواء تعلق الأمر بمدونة الأسرة أو ما يتعلق بالحداثة وغيرها من المواضيع المثيرة للجدل".

وأشار بلوان إلى أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية "له مجموعة من التصريحات السلبية بحق مجموعة من الفئات، وهذا الأمر يضرب في صميم الحزب".

قوة الأغلبية

وباتت صناديق الاقتراع تترجم تراجع الخطاب السياسي لحزب "العدالة والتنمية" المغربي، إذ بات جل مرشحيه غير قادرين على الظفر بأصوات كافية، بينما تبرز أحزاب الأغلبية خلال هذه المحطات الانتخابية كقوة سياسية متجانسة.

وحيال ذلك، رأى بلوان، أن أحزاب الأغلبية قامت بمجهودات كبيرة، خاصة حزب "التجمع الوطني للأحرار"، الذي عرف كيف يلملم صفوفه بجل المحطات الانتخابية.

ويعتقد المحلل السياسي، أن حزب العدالة والتنمية، "لم يقدم جديدًا على مستوى الولايتين الحكوميتين، ونتيجة لذلك ما زال هناك تصويت عقابي يطاله من خلال الانتخابات الجزئية".