مدينة جنين.. بؤرة ساخنة مُستهدفة بالاقتحامات والتنكيل

مدفوعاً بعاطفة الأبوة، حمل محمد سمارة من بلدة اليامون في جنين، شمال الضفة الغربية، نجله أحمد 13 عاماً بين يديه، متحدياً الحصار الإسرائيلي لمستشفى جنين الحكومي، ومشياً على الأقدام وصل محمد للمستشفى ولكن بعد فوات الأوان حيث رحل صغيره أحمد.

 يروي سمارة والد الطفل المتوفى أحمد سمارة  لـ"إرم نيوز" تفاصيل وفاة طفلة بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي لمخيم جنين؛ مضيفاً "تدهورت حالة أحمد الصحية ولم نستطع الخروج به إلى المستشفى بسبب اقتحام الجيش الاسرائيلي للمخيم وللمدينة وإغلاق الطرق، فلجأنا للاتصال بسيارة الإسعاف، ولكن الجيش كان قد منع سيارات الإسعاف من التحرك بعد محاصرته لجميع المستشفيات".

وأضاف "مع سوء حالته لم استطع الانتظار وخرجت به بسيارتي الخاصة للمستشفى، الذي يستغرق الوصول إليه 10 دقائق من المنزل، ولكن بسبب حالة الطرق والإغلاقات وصلت بعد ساعة".

وتابع "عند الوصول وجدت الجيش الاسرائيلي قد أغلق مداخل المستشفى وتم منعنا من الدخول بسيارة إليها، فحملت طفلي بين يدي ونزلت مشياً على الأقدام لإدخاله إلى المستشفى، وعند وصولي إلى مبنى الطوارئ كان الطفل قد فارق الحياة".

 الطفل أحمد، كان يعاني من وضع صحي خاص، وعدم استقرار في صحته، الأمر الذي يستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً في حال طرأ أي تدهور في وضعه الصحي.

 اقتحامات مستمرة

تتعرض مدينة جنين ومخيمها لاعتداءات مستمرة من الجيش الإسرائيلي، كان أطولها في شهر تموز/يوليو الماضي والذي استمر لأيام بعد اقتحام عام 2002 والذي يعد الأطول بينها، وتفاقمت شدة هذه الاعتداءات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول حيث وصلت إلى 15 اقتحاماً.

ويقول كمال أبو الرب القائم بأعمال محافظ مخيم جنين لـ"إرم نيوز" إن الجيش الاسرائيلي يشن عدة اقتحامات على المخيم زادت وتيرتها عنفًا بعد أحداث السابع من أكتوبر.

وأضاف "الجيش الاسرائيلي ينتقم من البشر والحجر والشجر في جنين ومخيمها، الجنود لم يبقوا على ميدان في المدينة إلا وتم إزالته، ودمر كل الطرق المؤدية إلى مدينة جنين، والبنية التحتية للمدينة وقطع جميع خطوط الاتصالات في كل اقتحام، بالإضافة إلى خلع الشجر وتدمير كل ما يقابلهم بطريقهم من سيارات وممتلكات المواطنين".

 وتابع "مع كل اقتحام أول ما يتم عمله هو اقتحام المستشفيات في المدينة، ومنع سيارات الإسعاف من التحرك وتفتيش أي سيارة تأتي، واعتقال المصابين بداخلها أو منع دخولهم للمستشفى".

 وأضاف "إسرائيل نغصت العيش في جنين ومخيمها وحولتهما إلى منطقتين غير صالحتين للعيش، عن طريق تعطيل الخدمات فيهما وحصارهما المتكرر والمستمر في حالة من العقاب والانتقام الجماعي".

حصار المستشفيات

بدوره، يقول الدكتور وسام بكر، مدير مستشفى جنين الحكومي إن "قوات الجيش الاسرائيلي تتعمد مع كل اجتياح في الفترة الأخيرة حصار المستشفيات، وتعيق وصول الإسعافات حتى يتم تفتيشها، والتأكد من هويات المصابين بداخلها مما يرفع الشكوك بأنها تحاول اعتقال المصابين أو تأخير وصولهم لتلقي الخدمة الطبية وبالتالي إيقاع أكبر عدد من القتلى".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه "خلال الاقتحام لمدينة جنين أعاقت قوات الجيش الإسرائيلي عمل سيارات الإسعاف من الحركة واستهدفتها".

 تدمير ممنهج

من جانبه، يقول محمد الصباغ، رئيس اللجنة الشعبية لمخيم جنين لـ"إرم نيوز"، إنه "منذ أكثر من عامين وحالة الاستهداف والاقتحامات للمدينة ومخيمها مستمرة ولكن بتفاوت، وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك تضخيماً لحالة المقاومة المتواضعة داخل المخيم".

 وأضاف: "الجيش الإسرائيلي يستخدم التحريض على المخيم كمبرر لحالة الهجوم الوحشي والتخريب الكبير لكل مكونات الحياة داخل المخيم، بالإضافة إلى القتل والدمار بشكل واسع وكبير وبالأخص بعد الدخول في حالة الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول".

ينوه الصباغ إلى أن الجيش الاسرائيلي يحاول أن يخلق من المخيم مكاناً غير صالح للسكن وغير آمن، لتحقيق سياسة التهجير منذ شهر تموز/يوليو الماضي مستخدماً القصف المفاجئ للمباني ضد الأفراد العزل والمواطنين، وملحقاَ حالة كبيرة من الخوف والدمار وعدداً من القتلى.

 وتابع "بالفعل خلق الاحتلال بيئة غير صالحة للسكن للمواطنين داخل المخيم بقطع الماء والكهرباء وتدمير البنية التحتية، وبعد محاولة ترميم أكبر قدر مما تم تدميره عاد الجيش الإسرائيلي في هذا الاجتياح ودمر بشكل أكبر كل ما بداخل المخيم".