القيادي في حركة حماس صالح العاروري
القيادي في حركة حماس صالح العاروريرويترز

"الغارديان": اغتيال العاروري مخاطرة إسرائيلية وتصعيد "مثير للقلق"

وصف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية اغتيال القيادي بحركة حماس صالح العاروري بأنه تحول مثير للقلق في الأحداث الجارية في المنطقة، على الرغم من أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عن استهدافه في قلب العاصمة اللبنانية بيروت.

ورأت الصحيفة في تقريرها، أن الحادث يشكل "تصعيدا كبيرا" لأنه يمثل أعمق توغل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، وأهم هجوم لها منذ تموز/ يوليو 2006.

أخبار ذات صلة
اغتيال العاروري يضع نصرالله في موقف محرج

وأشارت الصحيفة إلى أن حادثة الاغتيال تعتبر خرقا للخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك الراسخة وذلك من خلال توسيع مسرح الحرب ليمتد إلى بيروت، في تجاهل لتحذيرات زعيم مليشيا "حزب الله" حسن نصر الله في آب/أغسطس، عندما حذر إسرائيل من التورط في اغتيالات على الأراضي اللبنانية.

وأضافت الصحيفة أن حزب الله فضّل تاريخيا "بناء قدراته العسكرية بشكل تدريجي على المدى الطويل بدلاً من الرد الفوري على أي هجمات عينية.

لكن في المقابل رأت الصحيفة، أنه وفي ضوء الحرب الدائرة حاليا وفي ظل هذا التصعيد فإن ذلك سيجبر مليشيا "حزب الله" على التحرك بسرعة لردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية.

وأردفت أن "الرد الصريح" على هذا الاغتيال سيكون السبيل الوحيد لاستعادة التوازن من وجهة نظر "حزب الله".

وأشارت الصحيفة إلى أن العاروري كان هدفا "ذو قيمة عالية" حيث يعتبر مقتله بمثابة "ضربة قوية" لحماس نظرا لدوره الكبير كمفاوض، بما في ذلك مشاركته في محادثات تبادل الأسرى الحالية مع إسرائيل، وكذلك في الجهود الجارية للتعاون بين حماس وحركة فتح المنافسة.

اغتيال العاروري خسارة كبيرة لحزب الله

وأضافت الصحيفة أن العاروري كان أحد مهندسي التقارب بين حماس من جهة، وإيران و"حزب الله" وسوريا من جهة أخرى، وذلك بعد تدهور العلاقات في أعقاب الحرب الأهلية السورية، مؤكدة أنه وبالنظر إلى ذلك فإن اغتيال العاروري شكل خسارة كبيرة لحزب الله أيضاً.

وأردفت الصحيفة أنه ومن خلال قضائها "على هذا الهدف ذو القيمة العالية" فإن إسرائيل تريد تقديم ذلك على أنه "انتصار رمزي" لشعبها بعد فشلها في القبض على أي من كبار قادة حركة حماس في غزة أو قتلهم.

ويعتبر أحد المخاوف الأساسية لمليشيا حزب الله هو مواصلة إسرائيل استهداف المسؤولين الفلسطينيين في لبنان وخصوصا في ظل تحول إسرائيل في إستراتيجيتها إلى "المرحلة الثالثة" الأقل حدة؛ وذلك بدافع من الضغوط الأمريكية وهو ما يعني إعادة توجيه بعض جهودها نحو العمليات التي تعمل على تحييد كبار الناشطين في حماس والجهاد الإسلامي في الخارج.

مكان تنفيذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية بلبنان
مكان تنفيذ عملية الاغتيال في الضاحية الجنوبية بلبنانأ ف ب

وأعلن رئيس الشاباك "وكالة الأمن الإسرائيلية" وبحسب تسجيلات مسربة نية إسرائيل قتل قادة حماس "في كل مكان"، بغض النظر عن ما سيستغرقه ذلك من سنوات.

وقالت الصحيفة إن المسؤولين الأمريكيين أبدوا دعمهم لهذه السياسة، كما أعطى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي هذه الإستراتيجية الشرعية من خلال مقارنتها بحرب الولايات المتحدة على الإرهاب وحملة فرض القانون خارج حدودها.  

ورأت الصحيفة أن ميليشيا حزب الله تخشى من أن الفشل في الرد بشكل حاسم على اغتيال العاروري سيدفع إسرائيل إلى ارتكاب موجة "قتل خارج نطاق القانون" في بيروت مستهدفة قياديي حماس وأيضاً مسؤولي "حزب الله" في نهاية المطاف.

وأردفت الصحيفة "والأمر الأكثر إثارة للقلق هنا هو أن إسرائيل تسعى إلى استفزاز حزب الله ودفعه إلى الدخول في حرب واسعة النطاق الأمر الذي سيشمل الولايات المتحدة باعتبارها دولة شريكة في الحرب".

جانب من مراسم تشييع العاروري في رام الله
جانب من مراسم تشييع العاروري في رام اللهرويترز

ورأت الصحيفة أنه بات واضحا الآن أن أحد أهداف الهجوم الإسرائيلي على بيروت واغتيال العاروري كان رسالة إسرائيلية إلى حزب الله مفادها أن لبنان لن يظل ملاذاً آمناً لحماس.

وتابعت "سيكون رد حزب الله في جميع الاحتمالات هادفا إلى ضمان إعادة توازن الردع من دون استفزاز إسرائيل أو إحراجها، وهذا يتطلب انتقاماً مدروساً بعناية، ويعني في الوقت نفسه تصعيداً من حيث النطاق والشدة، لكنه لا يرقى إلى مستوى الحرب الشاملة".

وقبل الإعلان مباشرة عن أن مقتل العاروري لن يمر دون عقاب، هدد نصر الله إسرائيل بأن "الحرب معنا ستكون مكلفة للغاية".

ورأى التقرير إلى أن ذلك يشير بوضوح إلى أن ميليشيا حزب الله تستعد لانتقام كبير قد يدفع إسرائيل إلى التصعيد أكثر إذا أخطأت في قراءة نوايا الحزب.

القيادي في حركة حماس صالح العاروري
القيادي في حركة حماس صالح العاروريرويترز

وحذرت الصحيفة من أن إسرائيل قد تسيء تفسير رد مليشيا حزب الله على أنه "دون الحد الفاصل"، أو أنه إشارة إلى تجنب المليشيا الدخول في الحرب بأي ثمن.

ورأت الصحيفة أن "حزب الله" لم يكن ليأخذ زمام المبادرة في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر ويشرع في حملته العسكرية "تضامنا مع فلسطين" لو لم يكن مستعدًّا لاحتمال أن يتحول صراعه المعتدل مع إسرائيل إلى صراع تقليدي عالي الشدة.

وعلى نحو مماثل، استهزأت المليشيا بالتهديدات الإسرائيلية بمهاجمة لبنان إذا لم يسحب حزب الله قواته من المنطقة الحدودية ويوقف ضرباته عبر الحدود.

وتقول الصحيفة إن "حزب الله" واثق ليس فقط من قدرته على الصمود في وجه العدوان الإسرائيلي، بغض النظر عن التكاليف من حيث الخسائر البشرية والبنية التحتية التي يتحملها لبنان، بل أيضًا من قدرتها على إحداث دمار مماثل لإسرائيل".

وبالنظر إلى أن ميليشيا حزب الله أقرب إلى الجيش التقليدي منه إلى مليشيا حرب عصابات فهي تمتلك القدرات اللازمة لإلحاق ضرر غير مسبوق بإسرائيل.

وأشارت الصحيفة إلى أنه وخلافاً لحماس، فإن ترسانة حزب الله الهائلة من الأسلحة المتطورة، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والصواريخ الموجهة، من الممكن أن تشل الحياة المدنية في مختلف أنحاء إسرائيل وأن تسبب قدراً كبيراً من الدمار في الحرب المقبلة.

السيناريو الأفضل بالنسبة لميليشيا "حزب الله"

وأشارت الصحيفة إلى أن فتح جبهة جديدة في لبنان سيجر مقاتلين من المليشيات التابعة لإيران في سوريا والعراق واليمن إلى التصعيد في هذه الحرب.

ورأى تقرير الغارديان، أن السيناريو المثالي بالنسبة لميلشيا حزب الله حاليا يتمثل في العودة إلى قواعد الاشتباك لما بعد الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر.

ويعني ذلك الإبقاء على مناوشات متبادلة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية؛ الأمر الذي يتطلب من إسرائيل استيعاب ردها ووقف التصعيد، فيما سيكون الهدف النهائي تثبيت وقف إطلاق النار.

لكن في المقابل يعتمد كل ذلك على ما إذا كانت إسرائيل "العاجزة عن مواجهة حزب الله بمفردها" تسعى إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب إقليمية شاملة.

وفي حال حدوث ذلك فإن الولايات المتحدة ستكون وحدها من سيحدد ما إذا كانت هذه الحرب سوف تتصاعد وكيف.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com