ليبرمان: علينا توجيه ضربة قوية لإيران تشمل مصادر الطاقة والمنشآت النووية
تشهد إسرائيل في كل أسبوع، وتحديدا مساء كل يوم سبت، تظاهرات لآلاف الإسرائيليين في شوارع تل أبيب، للأسبوع السادس عشر على التوالي؛ احتجاجاً على الإصلاح القضائي الذي تريد تنفيذه حكومة بنيامين نتنياهو، ويعتبره المحتجون مناهضا للديمقراطية.
ولكن من اللافت للنظر، أن عرب 48 لم يشاركوا في هذه المظاهرات، عدا أفراد قليلة منهم بشكل فردي وليس على أساس حزبي، لإدراكهم بأن التعديلات القضائية الجديدة ستزيد من العنصرية الموجودة أصلا تجاههم، وتسلب الطابع الديمقراطي لإسرائيل.
المجتمع العربي يدرك جيدا وبشكل كبير القوانين العنصرية الإسرائيلية تجاهه، ويرى في التعديلات القضائية ستزيد من العنصرية الموجودة أصلا تجاهه.الدكتورة ردينة فريج
كما يعتبر عرب 48 في إسرائيل، الخلاف حول التعديلات القضائية، خلافا يهوديا داخليا "لا جمل لهم فيه ولا ناقة"، ففي بداية الأمر كان هناك تيار لدى العرب يدعو إلى الانضمام إلى الاحتجاجات، مثل رئيس القائمة العربية الموحدة، منصور عباس، الذي شارك في التظاهرات، كما حضر رئيس القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة التظاهرات في بداية الأمر، ولكنه عزف عنها فيما بعد.
ويعارض منظمو الاحتجاجات رفع الأعلام الفلسطينية في التظاهرات، لإثارته غضب شرائح واسعة من المجتمع اليهودي.
ويقول العديد من العرب إن المحكمة الإسرائيلية العليا لم تجدهم نفعا في الماضي، وإنها أيدت في معظم الحالات الموقف الحكومي، وعليه فلا جدوى في التوجه إليها، كما أنهم يرون أن النظام في إسرائيل ليس ديمقراطيا بالأساس بالنسبة لهم، فلا فرق بين النظام الحالي والنظام المعدل.
وتقول المختصة في شؤون المجتمع العربي داخل إسرائيل، الدكتورة ردينة فريج، إن المجتمع العربي يدرك جيدا وبشكل كبير القوانين العنصرية الإسرائيلية تجاهه، ويرى في التعديلات القضائية الجديدة التي تروج لها حكومة بنيامين نتنياهو، بأنها سوف تزيد من العنصرية الموجودة أصلا تجاهه، وتسلب الطابع الديمقراطي لإسرائيل.
وأضافت أن خطة "إضعاف القضاء" قللت من نسبة الاستثمار في إسرائيل، وخفضت من نسبة المؤشر الاقتصادي الآمن بل ثبتته دون ارتفاع.
وأشارت إلى أن عدم مشاركة عرب 48 في المظاهرات ضد التعديلات القضائية، يضمن نجاحها بعدم تحول الحكم في إسرائيل إلى حكم ديكتاتوري، لأن عرب 48 إذا ما خرجوا بالمظاهرات، فإن الإسرائيليين سوف يفهمون وجود تهديد عربي ضدهم، وهذا يعني أن التغيير سوف يصب لصالح العرب، والعرب يريدون أن يأتي التغيير من اليهود أنفسهم، لذلك نجحت المظاهرات الأسبوعية وازدادت حدتها، مؤكدة أن عرب 48 غير معنيين بتعديل القوانين الإسرائيلية، لأن جميعها عنصرية ضدهم، إلا أنها أشارت إلى أنهم يدعمونها من خلف الكواليس.
واعتبرت الدكتورة ردينة فريج، أن عرب 48 هم من يوحدون المجتمع الإسرائيلي، مستشهدة بقانون "كامينتس" الذي أقره القضاء الإسرائيلي عام 2017، وينص على منع البناء وهدم المباني السكنية المخالفة في الأراضي الفلسطينية عام 48.
كما أرجعت الدكتورة ردينة فريج، عدم مشاركة عرب 48 في المظاهرات ضد التعديلات القضائية، إلى عدم وجود قيادة سياسية تقود المجتمع العربي الآن، بسبب تفكك الأحزاب العربية، حيث لا يوجد احترام لها الآن في أوساط المجتمع العربي، بسبب سعيها جميعها وراء مصالحها المادية والشخصية، على حد قولها.
وتشير إلى وجود عتب كبير على رئيسي القائمة العربية المشتركة أحمد الطيبي وأيمن عودة، بسبب انخفاض شعبيتهما، لعدم اهتمامهما بمصالح المجتمع العربي وقضاياه بالدرجة الأولى، بعكس رئيس حزب القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، الذي يولي أولوية قصوى لشؤون المجتمع العربي في إسرائيل، وهو ما طبقه عضو الكنيست السابق عن حزب ميرتس، عيساوي فريج، مرجحة أن يقود عضو الكنيست العربي السابق محمد بركة، القائمة العربية المشتركة مستقبلا.
الأحزاب العربية تخالف الأحزاب اليمينية المتطرفة في دعمها للتعديلات القضائية العنصرية، والصورة الحقيقية لخطة الحكومة ليست قضائية.نظير مجلي
وبدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي العربي، نظير مجلي، أن عدم مشاركة عرب 48 في المظاهرات الإسرائيلية ضد التعديلات العربية، يعتبر أحد عيوبهم السياسية بالمقارنة مع الإسرائيليين.
وقال إن "غالبية الأحزاب العربية تؤيد التعديلات القضائية، حيث شارك بها أيمن عودة في البداية، ودعمها أحمد الطيبي، وشارك بها أيضا منصور عباس في الأسبوع الثاني، ولكنهم انقطعوا عنها جميعا، وعادوا وشاركوا بها في حيفا، ثم توقفوا، بعد توصلهم إلى نتيجة مفادها بأن اليهود مختلفون حولها، وأن لا دخل لهم بذلك".
وأضاف أنه "جرت بعض المحاولات الإسرائيلية لتجنيد عرب 48 في المظاهرات، وبالفعل ألقى بعض منهم الخطابات في المظاهرات، لكنها كانت بشكل فردي وليس حزبي".
وأرجع مجلي عدم مشاركة عرب 48 بالمظاهرات، إلى مخالفة الأحزاب العربية للأحزاب اليمينية المتطرفة في دعمها للتعديلات القضائية العنصرية، قائلا إن "الصورة الحقيقية لخطة الحكومة ليست قضائية، وإنما جاءت نتيجة الأيديولوجيا العميقة المستمرة في إسرائيل الشريكة مع التيار اليميني- الصهيوني المسيحي في أمريكا، الذي يتزعمه مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
هذا التيار الذي يعمل بشكل حثيث على منع وجود حكومة إسرائيلية تتنازل عن أراض في الضفة الغربية، فالمسألة ليست مسألة الدفاع عن نتنياهو ومنع تقديمه للمحاكمة بسبب تورطه بقضايا فساد فحسب، وإنما لأن وراء هذه الخطة التيار اليميني- الصهيوني المسيحي، الذي يمول منذ عشرات السنين خطة عدم التنازل عن أراض فلسطينية، بحسب نظير مجلي.
ولفت مجلي إلى أن من يقوم بالمظاهرات الآن، عناصر شاذة، من بينهم رؤساء أحزاب إسرائيلية معارضة، وقادة عسكريون سابقون، وضباط وجنود احتياط وطيارون، ورؤساء سابقون لبنك إسرائيل المركزي، ورجال أعمال، ورؤساء شركات التكنولوجيا المتقدمة "الهايتك" وغيرهم، وهم يمثلون الدولة العميقة في إسرائيل، والذين لن يكتفوا بإلغاء خطة "إضعاف القضاء" فحسب، وإنما إسقاط حكومة نتنياهو اليمينية، وكتابة دستور جديد في إسرائيل، والانتهاء بتشكيل قيادة جديدة.
ودعا مجلي إلى ضرورة مشاركة عرب 48 في المظاهرات، وأن لا يكونوا خارجها، موضحا أن هناك قسما كبيرا من المسؤولين العرب الذين يعملون في المؤسسات الحكومية الإسرائيلية، وأصبحوا يتفهمون ضرورة المشاركة في المظاهرات، لوضع أسس قانونية متينة تمنع التغول الإسرائيلي على المجتمع العربي، وبالتالي تسوية حقوقهم.
ويرى أن "عدم مشاركة عرب 48 في المظاهرات، ما هو إلا خنوع للاحتلال الإسرائيلي"، مذكرا بخوض عرب 48 معركة طويلة ضد طردهم من أراضيهم عام 1948، وعدم منحهم الجنسية الإسرائيلية، ومعركة تعليم اللغة العربية في المدارس العربية، حيث نجحوا بتثبيت وجودهم رغم هدم إسرائيل العشرات من منازلهم".
وأكد أن عرب 48 عندما يواجهون سياسة بطش من قبل إسرائيل، فإنهم يلجؤون عادة إلى النضال السياسي بالتعاون مع شركاء يهود يساريين، حتى يضمنوا تجنيد قوى عديدة محلية وعالمية إلى جانبهم.
خطة الإصلاح القضائي من وجهة نظر المواطن العربي داخل إسرائيل، هي خلاف يهودي، ولا تعتبر أولوية بالنسبة له، لأنه يعاني من مشاكل عديدة.عفيف أبو مخ
ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي في موقع "واللا" العبري، عفيف أبو مخ، إن خطة الإصلاح القضائي من وجهة نظر المواطن العربي داخل إسرائيل، هي خلاف يهودي، ولا تعتبر أولوية بالنسبة له، لأنه يعاني من مشاكل عديدة، من بينها انتشار العنف واستفحال الجريمة، وأزمة المسكن، والتعليم، والاندماج في العمل داخل إسرائيل وغيرها، ولذلك فإن موضوع إصلاح القضاء لا يعتبر أولوية له في الدرجة الأولى، بعكس اليهودي.
وأضاف أنه منذ بداية العام الجاري، قتل 60 مواطنا عربيا؛ إثر استفحال الجريمة في الوسط العربي.
وأشار أبو مخ، إلى أن من أهم أسباب عدم مشاركة عرب 48 في المظاهرات ضد التعديلات القضائية في إسرائيل، شعورهم بأنهم "خارج اللعبة"، فالحملات الانتخابية دائماً يهودية وليست إسرائيلية، ولا تدعو عادة إلى تشكيل حكومة بالشراكة مع العرب.
ولفت إلى أن محكمة العدل العليا لم تقف دائما إلى جانب عرب 48 وتنصفهم في القرارات التي تخصهم، عندما تظاهروا ضد قانون "كامينتس"، وقانون "القومية" العنصري، وفي مظاهراتهم ضد انتهاكات المسجد الأقصى، واستفحال الجريمة، مبينا أن هذه المظاهرات لم تكن متواصلة ومتكررة، ولم يكتب لها النجاح، بسبب عدم وجود قيادة عربية توحدها، ولهذا يرون في المظاهرات ضد التعديلات القضائية، موضوعا يهوديا بحتا.
وأوضح أبو مخ، أن سبب تمسك اليمين المتطرف بتنفيذ خطة "إضعاف القضاء"، والحد من صلاحيات محكمة العدل العليا الإسرائيلية، يكمن في أن المستوطنين يسعون للسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وهم بحاجة لتأييد المحكمة العليا، وكذلك الأمر بالنسبة للحريديم الذين يرفضون التجنيد في الجيش الإسرائيلي، والعمل، والاكتفاء بدراسة التوراة في المعاهد الدينية، مع تلقيهم رواتب شهرية، وبحاجة لتمرير ذلك عبر المحكمة العليا.
واختتم قائلا إن الجميع من أحزاب الائتلاف الحكومي، وأحزاب المعارضة، يبحثون عن "صورة النصر"، ولا يريد أي أحد التنازل.
يذكر أنه منذ الإعلان عن خطة "إضعاف القضاء" الإسرائيلية، في أوائل كانون الثاني/ يناير، يتظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين أسبوعيا للتنديد بالنصّ وبالحكومة التي شكلها نتنياهو في كانون الأول/ ديسمبر، وهي من بين أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل.
ورفع المتظاهرون في كل مظاهرة لافتات كتب عليها: "أنقذوا الديمقراطية"، ولوحوا بالأعلام الإسرائيلية، بينما أشعل بعضهم قنابل دخان.
كما خرجت تظاهرات أصغر في مدن إسرائيلية أخرى، أبرزها حيفا والقدس، وكذلك في موديعين أمام منزل وزير العدل ياريف ليفين.
وأعلنت الحكومة في 27 آذار/ مارس، تجميد الخطة لإعطاء "فرصة للحوار" في مقر الرئيس يتسحاق هيرتسوغ، بعد اشتداد الاحتجاج وبدء إضراب عام وظهور توترات داخل الائتلاف الحاكم.