موقع هجوم صاروخي شمال إسرائيل
موقع هجوم صاروخي شمال إسرائيلأ ف ب

لبنان على مفترق طرق.. هل ينجح مبعوث واشنطن بتبريد الجبهات؟

وصل المبعوث الأمريكي، عاموس هوشستين، إلى لبنان في مهمة محددة هي التهدئة، ووقف التدهور الأمني على الجبهة الجنوبية.

ودعا "هوشستين" بعد وصوله بساعات، إلى العمل على "تهدئة الوضع" في جنوب لبنان طالما لا قدرة، حاليًا، للتوصل إلى حل نهائي.

وجاءت تصريحات "هوشستاين" بعد لقائه رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، في بيروت، في إطار زيارته لإيجاد حل دبلوماسي للمواجهات المستمرة بين ميليشيات حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان، علمًا بأن هذه الزيارة هي الثانية له منذ بدء الحرب على غزة، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

هوشستين خلال لقائه ميقاتي
هوشستين خلال لقائه ميقاتيأ ف ب

صفقة مرتقبة

الباحث في الأمن الدولي والإرهاب، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد، يقول إن "زيارة المبعوث الأمريكي إلى بيروت، تهدف إلى تجنب تصاعد حدة التوتر بين لبنان وإسرائيل".

أما ما يثار بشأن احتمال إبرام صفقة بين البلدين، فلا معلومات مؤكدة حولها حتى الآن لكن احتمال حدوثها غير مستبعد، وفق تصريحات جاسم محمد لـ"إرم نيوز".

ويتوقع الباحث أن تتضمن الصفقة المرتقبة منعًا لتوسع الحرب في لبنان، وعدم خرق إسرائيل الأجواء اللبنانية، مع الالتزام بقواعد الاشتباك، وفق القرار الأممي 1701 للعام 2006.

من المتوقع أن تتضمن الصفقة المرتقبة منعًا لتوسع الحرب
جاسم محمد، باحث أمني

وقد تتضمن الصفقة أيضًا ضمانًا بعدم اغتيال قياديين ومقاتلين من حركة حماس في لبنان، وتخفيف العقوبات الأمريكية المفروضة على ميليشيات حزب الله.

وأشار الباحث إلى أنه يعتقد أن صفقة من هذا النوع وفي هذا التوقيت من الوارد جدًا أن تتم، لأن طرفي النزاع يتكبدان خسائر بشرية ومالية باهظة، موضحًا أن الاستنزاف البشري والعسكري الذي يقع يوميًا بشكل تصاعدي بين الطرفين على الجبهة الجنوبية لا بد أن يتوقف، لأنه يعرض المنطقة للانزلاق، وهذا ما تخشاه الولايات المتحدة.

ويعتزم مسؤولون إسرائيليون إبلاغ هوشستين بأنه "دون التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لإبعاد ميليشيات حزب الله عن الحدود، فإنه لن يتمكن من إعادة السكان إلى البلدات الشمالية"، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة الإسرائيلية "كان".

وبشأن احتمال قبول ميليشيات حزب الله بالصفقة الأمريكية، قال جاسم محمد إن القبول يعتمد على ضمانات عدم توسع الحرب في غزة، ووقف الخروقات والاغتيالات، وحصول إيران على ضمانات بتخفيف العقوبات الاقتصادية، مضيفًا أن "الالتزام بقواعد الاشتباك بين إسرائيل ولبنان يصب في مصلحة الطرفين لوقف نزيف الخسائر".

وأشار إلى أن "العمليات الإسرائيلية الأخيرة في لبنان هزّت ثقة اللبنانيين بميليشيات حزب الله، وكشفت أن الضاحية الجنوبية مخترقة أمنيًّا"، مضيفًا في الوقت ذاته أن استهداف صواريخ ميليشيا حزب الله للداخل الإسرائيلي عرّض تل أبيب لخسائر كبيرة عسكريًّا ومدنيًّا واقتصاديًّا".

حرب إقليمية

منذ بداية الحرب على غزة، تسعى واشنطن إلى عدم امتدادها منعًا لاندلاع حرب إقليمية، لذلك أرسلت مبعوثها إلى بيروت. واستعانت بفرنسا، ذات النفوذ الكبير في بيروت، للتفاعل مع القوى السياسية، في محاولة لضبط إيقاع الجبهة الشمالية لإسرائيل مع ميليشيا حزب الله، وذلك وفق تقديرات الباحث في الفلسفة السياسية في جامعة باريس، الدكتور رامي الخليفة العلي.

وفي الوقت نفسه يستبعد العلي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إبرام صفقة أمريكية لبنانية في بيروت، على أساس أن العلاقات بين لبنان وإسرائيل متوترة، لافتًا إلى أن "الولايات المتحدة تدرك أن الطرف الذي يمسك بأوراق الوضع الأمني والعسكري في لبنان هو ميليشيات حزب الله، وبالتالي ستتفاوض مباشرةً مع المسؤولين عنها".

ويبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وضع مستقبله السياسي في إطار حرب غزة، لذلك ليست هناك نهاية قريبة لهذا الصراع، ومن المتوقع أن تستمر العمليات العسكرية الفترة المقبلة، بنحو يُعرّض المنطقة لتصعيد واسع النطاق، وفق تقدير العلي.

ترسيم الحدود

من جانبه، يرى الخبير الدولي، أحمد سلطان، أن "واشنطن أرسلت مبعوثها إلى لبنان، لمنع توسع الصراع بين إسرائيل وميليشيات حزب الله في المنطقة الشمالية، ولإدراكها أن ميليشيات حزب الله تمتلك قوة كبيرة، تُمكّنها من دخول الحرب، وتكبيد إسرائيل خسائر كبيرة".

وفيما يتعلق بمسألة ترسيم الحدود وعلاقتها بزيارة المبعوث الأمريكي، أشار سلطان، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إلى أن "ميليشيات حزب الله تعتبر مزارع شبعا أرضًا لبنانية محتلة، وأن الوجود الإسرائيلي فيها غير شرعي"، لكنه يتوقع عدم انخراط الميليشيا في الحرب، حتى لا تضر بمصداقيتها، وحتى لا تفقد جزءًا كبيرًا من حاضنتها الشعبية.

وتأمل إسرائيل أن يؤدي الاتفاق إلى محادثات بشأن تحديد حدود رسمية بين البلدين، اللذين ليس لديهما إلا خط وقف إطلاق النار، ولا يزالان من الناحية الفنية في حالة حرب.

وأوضح الخبير الدولي أن "التطورات في الفترة المقبلة تتوقف على مدى التزام ميليشيات حزب الله وإسرائيل بقواعد الاشتباك في الجبهة الجنوبية اللبنانية، لكن من مصلحة الطرفين عدم توسع الصراع، حتى لا تكون هناك مواجهة شاملة في المنطقة".

من مصلحة الطرفين عدم توسع الصراع لتجنب مواجهة شاملة في المنطقة
أحمد سلطان، خبير دولي

ولفت إلى أن "هناك تيارًا متشددًا في إسرائيل يدعم الحرب أو عملية موسعة ضد ميليشيات حزب الله في لبنان، فيما تستهدف الأخيرة المواقع الإسرائيلية الموجودة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وغيرها من المناطق، لكن الإدارة الأمريكية تعارض هذا الأمر، لإدراكها حجم الخسائر المتوقعة".

وتخشى واشنطن أن تؤدي الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس إلى تصعيد الوضع الأمني في كل أنحاء المنطقة، حيث تشن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، الخصم اللدود لإسرائيل، هجمات تضامنية في: لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن.

"لكن ميليشيات حزب الله ستظل تلتزم بقواعد الاشتباك الضمنية، وقد تُصعّد الأمر من حين لآخر، بحثًا عن أهداف سياسية وإعلامية تتمثل في بثّ رسائل مباشرة توحي بأنها قادرة على ضرب المناطق المختلفة بالداخل الإسرائيلي"، وفق تقدير سلطان.

وتركز ميليشيات حزب الله، حاليًا، على استهداف أجهزة المراقبة والاستشعار الإسرائيلية، بهدف تعمية الجيش الإسرائيلي عن تحركاته، ومنعه من جمع المعلومات الاستخباراتية.

ويتوقع الخبير الدولي أن "تستمر ميليشيات حزب الله في هذا النهج لفترة من الوقت، حتى تتمكن من التحرك بقوة وفاعلية ضد الجيش الإسرائيلي، حال اندلاع مواجهة مباشرة".

أخبار ذات صلة
مبعوث أمريكي يشدد من لبنان على ضرورة تهدئة الوضع في الجنوب

وتأتي رحلة هوشستين عقب غارة ألقي باللوم فيها على إسرائيل، وأدّت إلى مقتل الرجل السياسي الثاني لحركة حماس، صلاح العاروري، في معقل ميليشيات حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية، ما أدّى إلى تفاقم التوترات بين إسرائيل وميليشيات حزب الله وسط تبادلات عسكرية وإعلامية يومية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com