إسرائيل دمرت ميناء غزة خلال الحرب
إسرائيل دمرت ميناء غزة خلال الحربرويترز

مخاوف فلسطينية تغلف ملف إنشاء الممر البحري من قبرص إلى غزة

تثير فكرة الممر المائي التي طرحتها قبرص الشهر الماضي، والتي تهدف لإنشاء ممر بحري من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، تساؤلات فلسطينية حول إمكانية أن يساهم الممر في تهجير سكان القطاع.

وناقش رئيس قبرص نيكوس خريستودوليدس، مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مبادرة بلاده في إنشاء الممر، إذ أُعلن عن المبادرة خلال قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت نهاية أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وينظر الفلسطينيون بقلق للفكرة التي لقيت ترحيباً إسرائيليًّا، ويخشون أن يتحول الممر لمعبر لخروج سكان القطاع، وأن يتسبب بفرض حالة من الانفصال الاقتصادي الكامل لغزة عن الضفة الغربية، وإفراغ القطاع من سكانه.

أخبار ذات صلة
حرب غزة تخلق مناخًا متوترًا لباحثي الشرق الأوسط

ترحيب إسرائيلي ورفض فلسطيني

وأبلغت وزارة الخارجية الإسرائيلية، قبرص موافقتها المبدئية على تشغيل ممر بحري مع قطاع غزة، إذ سلم وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، قبل عدة أيام، رسالة إيجابية بهذا الشأن إلى نظيره في قبرص.

وأكد الوزير الإسرائيلي، في حينه، أن "الغرض من إنشاء ممر بحري هو الانفصال الاقتصادي التام عن غزة، وعدم العودة إلى الواقع الذي سبق هجوم السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي"، على حد تعبيره.

من ناحيته، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، رفض حكومته الكامل للمر المائي الذي تتحدث عنه قبرص تحت شعار نقل المساعدات إلى قطاع غزة، خوفاً من أن تكون البواخر لتهجير الفلسطينيين خارج القطاع".

وشدد اشتية، خلال لقائه بالقنصل اليوناني العام لدى دولة فلسطين ديمتريوس أنجيلوسوبولوس، على أهمية وجود ضغط دولي لفتح كافة المعابر مع قطاع غزة لإدخال المساعدات بشكل أكبر وتوفير العلاج للجرحى، وفق وكالة الأنباء الرسمية "وفا".

وسبق ذلك تأكيد حكومة اشتية، في بيان رسمي، أن "إدخال المساعدات يجب أن يكون عبر معابر القطاع وليس عبر ممرات تحمل يافطة إنسانية للتغطية على تمرير مخططات تتوافق مع أهداف حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد سكان القطاع".

طلال عوكل
طلال عوكلمواقع التواصل

ثلاثة أهداف

ويرى المختص في الشأن الفلسطيني، طلال عوكل، أن "فكرة الممر المائي لها ثلاثة أهداف رئيسة، سياسي واقتصادي وديمغرافي"، مشيراً إلى أن مخاوف الفلسطينيين من الممر المائي القبرصي مشروعة ومنطقية للغاية.

وأوضح عوكل، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الهدف الأول يتمثل في سعي قبرص لأن يكون لها دور فعال ومؤثر في المنطقة والعالم، كما أنها ترغب بتقارب أكثر مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين، وكسب مزيد من التأييد لها بقضاياها الخلافية مع تركيا".

وبيّن أن "الهدف الثاني يتمثل في سعي إسرائيل لفصل قطاع غزة اقتصاديًّا عنها، وبالتالي رفع عبء القطاع عنها كدولة احتلال"، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية لا ترغب باستمرار مسؤولياتها الإنسانية والاقتصادية عن غزة.

وأضاف: "هذا الأمر خطير للغاية ويؤسس للمخطط الإسرائيلي المتعلق بفصل غزة عن الضفة الغربية بشكل كامل، ولدولة غزة أيضاً، التي ترغب إسرائيل في خلق واقع يسمح بوجودها كحل بديل عن حل الدولتين".

وأشار المحلل السياسي، إلى أن "الهدف الثالث وهو الأخطر يتمثل في السعي الإسرائيلي للتغيير الديمغرافي لقطاع غزة، وذلك من خلال تهجير آلاف السكان عبر الممر المائي إلى قبرص ومنها إلى دولة أوروبية وأجنبية".

وتابع: "هذا الأمر يثير مخاوف المؤسسة الفلسطينية الرسمية، خاصة وأن إسرائيل تبحث مع دول عدة إمكانية نقل سكان القطاع إليها"، مشيراً إلى أن وجود مثل هذا الممر سيسهل على الحكومة الإسرائيلية تنفيذ مخططات التهجير لسكان غزة.

عمر جعارة
عمر جعارةمواقع التواصل

عوائق قانونية

بدوره، يؤكد المختص في الشأن الإسرائيلي، عمر جعارة، أنه "من المستبعد أن يصبح مخطط الممر المائي حقيقة على أرض الواقع"، لافتاً إلى أن الرفض الفلسطيني يحول دون إمكانية البدء بشكل فعلي بتنفيذ المخطط.

وأوضح جعارة، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "قبرص وإسرائيل بحاجة إلى جهة رسمية للتعامل معها بهذا الممر، إذ إن الجهة الرسمية الوحيدة المخولة بذلك هي السلطة الفلسطينية"، مبيناً أن الفكرة تواجه عوائق قانونية.

وأضاف: "قبرص واليونان بحاجة لاتفاق دولي تكون السلطة الفلسطينية طرفاً فيه من أجل إنشاء الممر، وهذا الأمر مستحيل، خاصة وأن السلطة تدرك جيداً أن الممر سيؤدي لتسهيل عمليات الهجرة لسكان غزة إلى الخارج".

وأكد جعارة، أنه "بالرغم من أن هذا الممر في حال تنفيذ فكرته سيربط قبرص بغزة؛ إلا أنه سيكون بالأساس تحت السيطرة الإسرائيلية بشكل أو بآخر وسيخضع كل ما سيدخل لغزة للتفتيش"، مستدركاً: "لكن في حال استُخدم للهجرة فإن إسرائيل لن تتدخل في ذلك".

وأضاف: "بتقديري هذه الفكرة لا يمكن أن تنجح في الوقت الحالي، وأن الولايات المتحدة ودول المنطقة ستكون من أبرز المعارضين لها، خاصة وأن تهجير سكان غزة لخارج القطاع يلقى رفضاً فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليّا".

ووفق جعارة، فإن "إسرائيل تسعى لفرض الهجرة الطوعية على الفلسطينيين من غزة؛ إلا أنها تدرك جيداً أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح في الوقت الحالي"، مؤكداً أنه بالرغم من الدعم الإسرائيلي للممر إلا أن لتل أبيب مخاوف أمنية منه.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com