بحثًا عن أرزاقهم.. سودانيون في مواجهة مفتوحة مع الموت

بحثًا عن أرزاقهم.. سودانيون في مواجهة مفتوحة مع الموت

في أقل من شهر، تحوَّلت الحرب في السودان إلى عادة يومية سئم معها السودانيون البقاء داخل المنازل خوفًا على حيواتهم، فآثروا الخروج إلى الشوارع ومزاولة أعمالهم ونشاطاتهم تحت القصف وأصوات المدافع، في مواجهة مفتوحة مع الموت.

ومع سماع دوي الانفجارات، يستلقي السودانيون أرضًا، حيثما كانوا، ثم ينفضون عنهم الغبار، ويعودون لما كانوا عليه بانتظار زبون جديد لهم أو غارة جديدة، ليموت فيهم من يموت، ولسان حالهم يقول إنهم لن يتركوا أطفالهم للجوع، ولن يسلموا حيواتهم لحرب لا يعلمون لها نهاية.

المتجول في عدد من أحياء العاصمة الخرطوم القريبة جدًّا من مقر الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع، يشهد منظرًا مخالفًا لأوضاع الحرب الطبيعية، فمعظم المتاجر داخل الأحياء وعلى الطرق الرئيسة تفتح أبوابها لاستقبال الزبائن، وبائعات الشاي يلتف حولهن شباب ورجال من الحي بأعمار مختلفة يرتشفون الشاي والقهوة تحت أزيز الطائرات العسكرية وأصوات القصف.

ثلاثة أسابيع ولا تزال الحرب مستعرة في السودان، بعد أن اندلعت شرارتها في منتصف أبريل/ نيسان الفائت، لتفاقم من أوضاع البلاد الاقتصادية، وتفقد كثيرين مصدر رزقهم، وتوقف المؤسسات الحكومية والخاصة عن العمل، وتغلق المصانع، وتشرد الباعة المتجولين.

لا خيار سوى الخروج

وفي أحد أحياء جنوب الخرطوم، يلفت انتباهك صاحب عربة خشبية ربِطَت بحمار، تُعرف محليًّا بـ"الكارو" وعلى متنها خضار وفاكهة، وينادي صاحبها محمد رزق على زبائنه بالحي عبر مكبر صوت تقليدي، ويعرض بضاعته عليهم، تزامنًا مع تجدد عمليات القصف.

ويؤكد رزق لـ"إرم نيوز"، أن "لا خيار أمامي سوى النزول لعملي تحت وابل الرصاص بحثًا عما أسد به جوع أبنائي".

ويقول: "منذ اليوم الثاني للحرب، خرجتُ للعمل، فمن هم مثلنا لا يمكن أن يبقوا في المنزل خوفًا من الموت جوعًا".

ويضيف: "منذ يومين فقط، فقدت زميلي الذي قُتل غدرًا أمام عيني برصاصة طائشة دون ذنب؛ ما جعلني أتوقع المصير ذاته في أي لحظة، ولكن في النهاية هذا مصدر رزقي وأبنائي، ولا يمكن أن أتقاعس، خوفًا على حياتي والتي لا تساوي شيئًا أمام حياة أطفالي".

الموت جوعًا

أما محمد التوم، صاحب متجر في حي الصحافة جنوب الخرطوم، فيقول لـ"إرم نيوز": "في أيام الحرب الأولى شعرتُ بالخوف والرعب وسافرتُ إلى مسقط رأسي بولاية الجزيرة وسط السودان، ولكن بعد أسبوع اضطررت إلى العودة نحو الخرطوم وفتح متجري ومزاولة عملي، بعد أن تغلبت على خوفي، لأنني كنت أمام أمرين، إما الموت غدرا بقذيفة طائشة، وحينها أكون فقدت حياتي أنا فقط، وإما أن أموت أنا وعائلتي جوعًا ومرضًا".

ويوضّح: "والدتي مريضة وتحتاج لأدوية يومية، ويحتاج تأمينها لمبالغ عالية خاصة في ظروف الحرب وانتشار تجار الأزمات".

أخبار ذات صلة
بينهم غربيون.. سفينة حربية مصرية تجلي المئات من السودان

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com