إنقاذ طفل من تحت ركام منزله الذي انهار جراء الزلزال في بلدة جنديرس الحدودية مع تركيا (رويترز)
إنقاذ طفل من تحت ركام منزله الذي انهار جراء الزلزال في بلدة جنديرس الحدودية مع تركيا (رويترز)

سوريون مفجوعون بصغارهم وآباء يسمعون استغاثات أفراد عائلاتهم تحت الركام

في بلدة جنديرس الحدودية مع تركيا، يحضن أب مفجوع رضيعه المتوفى بينما يصرخ "يا الله، يا الله". يقبّله على جبينه وينوح فوقه قائلاً: "قم يا ابني، قُم يا حبيبي"، غير مصدّق أن طفله من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا.

بينما يواصل البكاء، يعانقه صديقه مهدئًا إياه، ليجيبه بحزن شديد: "لقد حرق قلبي".

أمام مبنى مدمر بالكامل في البلدة ذاتها، يتكرّر المشهد نفسه: يعانق سامر ابن شقيقه أحمد (سبع سنوات) الذي قُتل والده ووالدته وثلاثة من أشقائه جراء انهيار منزلهم. يبكي بحرارة، ينقطع نفسه مكرراً: "الحمد الله على كل شيء".

ثم يسير كأنه فقد تركيزه تحت وطأة الصدمة.

ويقول سامر السراقبي الذي فقد 12 فرداً من عائلته، بينهم والدته وشقيقته وعائلتها: "قُصم ظهرنا، باتوا بلا أب أو أم"، ويضيف مجهشاً بالبكاء: "لا أصدق ما حصل، أخي كان يدير أمور العائلة".

منذ فجر الاثنين، ينهمك سكان ومسعفون في محافظات سورية عدة بالبحث عن ناجين تحت أنقاض مبان سقطت على وقع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد

وفي البلدة الواقعة في أقصى محافظة حلب (شمال)، لم تسلم عشرات الأبنية من تداعيات الزلزال، فيما وجد سكان أنفسهم مكبلين في غياب وجود لوازم ومعدات ضرورية لانتشال الضحايا من قتلى وجرحى.

وتعدّ جنديرس التابعة لمنطقة عفرين في ريف محافظة حلب من البلدات النائية التي تفتقر إلى خدمات أساسية مقارنة مع مناطق أخرى تحت سيطرة الفصائل السورية الموالية لأنقرة.

وفي مبنى قريب، ينتشل سكان ومسلحون من الفصائل المعارضة شخصاً من تحت سقف منهار ظناً منهم أنه قد توفي على غرار مئات غيره، وإذ به يأخذ نفساً، فيصرخ منقذوه: "إنه حي حي". 

ومنذ فجر الاثنين، ينهمك سكان ومسعفون في محافظات سورية عدة بالبحث عن ناجين تحت أنقاض مبان سقطت على وقع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، ومصدره تركيا المجاورة، فيما لم تتوقف الأمطار لتعقّد مهمتهم الصعبة في ظل إمكانات محدودة.

أخبار ذات صلة
مشاهد مؤلمة في سوريا جراء الزلزال المدمر
تم توثيق انهيار 160 مبنى بشكل كامل حتى الآن و330 بشكل جزئي إضافة إلى آلاف المباني المتصدعة في مناطق سيطرة المعارضة السورية

"نسمع أصواتهم"

أمام منزل مدمر، يقول علي بطال (56 عاماً)، وقد لف رأسه بوشاح يقيه برد العاصفة التي تضرب المنطقة منذ أيام: "عائلتي، أولادي، ابنتي وصهري، جميعهم لا يزالون تحت الأنقاض، وليس هناك من يساعدهم، لا آلات ولا إمكانات".

ويضيف الرجل الذي سالت بقع دماء على وجهه المتعب: "نسمع أصواتًا، لا يزالون أحياء لكن ليس هناك من يخرجهم".

ويعمل عمال إنقاذ وسكان بأيديهم أو عبر استخدام معاول لاستحداث فتحات، على أمل الوصول إلى أحياء، بينما يقف آخرون وهم يتفرّجون غير قادرين على القيام بشيء، في ظل انقطاع تام للتيار الكهربائي.

وأغلقت كافة متاجر المواد الغذائية أبوابها، في وقت وقف عشرات في طوابير طويلة أمام الفرن الوحيد قيد الخدمة.

وعمد البعض إلى إسعاف الجرحى في سياراتهم أو في الشارع لعدم إمكانية نقلهم إلى مستشفيات المنطقة.

وأفاد مصور لوكالة فرانس برس عن رؤيته أربعين مبنى غالبيتها مدمرة تماماً في جنديرس، فيما لم يتجرأ غالبية السكان على العودة إلى بيوتهم، مفضلين البقاء في الشارع خشية من هزات ارتدادية تتكرر منذ الصباح.

أخبار ذات صلة
دمشق تناشد المجتمع الدولي "مدّ يد العون" لدعمها بعد الزلزال
عدد القتلى في كافة المناطق السورية المتضررة تخطى حوالي 900 شخص، كما أصيب نحو 2500 بجروح
أخبار ذات صلة
أحدث حصيلة لضحايا الزلزال المدمر في تركيا وسوريا

وحذّرت ما تسمى بـ"منظمة الخوذ البيضاء"، أو "الدفاع المدني" في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، كما تقدم نفسها، من نقص الإمكانات، متحدثة عن "صعوبات كبيرة". وأوضحت أن معداتها وإمداداتها "ليست كافية حاليًا لتلبية الاحتياجات العاجلة".

وبسبب اتّساع رقعة الدمار وارتفاع عدد الضحايا، تعمل فرق الدفاع المدني في مناطق جغرافية متباعدة، ما يحدّ من قدرتها على الاستجابة السريعة.

ووثّقت المنظمة انهيار 160 مبنى بشكل كامل حتى الآن و330 بشكل جزئي إضافة إلى آلاف المباني المتصدعة.

وتخطى عدد القتلى في كافة المناطق السورية المتضررة حوالي 900 شخص، كما أصيب نحو 2500 بجروح.

ويلطم ماجد نصاري على رأسه بينما يحاول عبثاً حبس دموعه، مناشدًا أصحاب "الضمير" التحرك لمساعدة أهالي جنديرس.

ويقول: "أطفالنا، نساؤنا وشيبنا تحت الأنقاض. إنها كارثة، طوابق كاملة هوت على الأرض"، مضيفًا: "شهر أو حتى ثلاثة أشهر غير كافية لننتشل الموتى".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com