المبعوث الأممي باتيلي
المبعوث الأممي باتيليأ ف ب

تمديد البعثة الأممية برئاسة باتيلي يثير استياءً واسعًا في ليبيا

أثار تصويت مجلس الأمن الدولي بتجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لمدة عام واحد حتى نهاية تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2024، جدلًا وانقسامات في الأوساط الليبية، لا سيما في غياب الحلول العملية للأزمة والتحفظ على أداء رئيس البعثة عبدالله باتيلي.

وصوّت مجلس الأمن، أمس الاثنين، بتمديد مهمة البعثة مع الإبقاء على مهام التفويض الرئيسة على النحو المبين في القرار رقم 2542، الصادر في الخامس عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2020 والفقرة الـ16 من القرار رقم 2570 لعام 2021.

وخلّف قرار تجديد التفويض استياءً داخل الأوساط السياسية الليبية التي اعتبرت أن المبعوث السنغالي لم يقدم شيئًا سوى جولات لا نهاية لها من المشاورات وحلول منقوصة، وفق تقديرهم.

النخبة السياسية في ليبيا تعيش أزمة شرعية حقيقية
صلاح البكوش، سياسي ليبي

تجاوز الصلاحيات

واعتبر إبراهيم صهد، عضو المجلس الأعلى للدولة ولجنة الحوار السياسي، في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن البعثة الأممية تجاوزت مهمتها الرئيسة المتمثلة في دعم العملية السياسية منذ مؤتمر الصخيرات سنة 2015 وتحوّلت إلى عرّاب للماكينة الغربية، وفق تعبيره.

وأكّد أن "الأمم المتحدة لم توفّق في اختيار مندوبيها الذين تعاقبوا على ليبيا إذ بدوا كما لو أنهم يملكون سلطة القرار والتصرّف".

ورأى أن "الجميع غير متفائل إلا إذا عادت البعثة إلى دورها الأصلي أيام طارق متري، أحد المبعوثين الأمميين سنة 2012 الذي كان يمارس، فعلًا، دوره كوسيط وداعم للعملية السياسية عبر المشورة ومحاولة جمع مختلف الأطياف حول طاولة حوار واحدة".

أمر غير مقبول

من جانبه، انتقد النائب في مجلس النواب الليبي جبريل أوحيدة آلية عمل المبعوث الأممي باتيلي ومحاولاته تجاوز صلاحياته التي عُين من أجلها ومحاولته عرقلة إجراء انتخابات، بحسب قوله.

واعتبر أوحيدة، أنّ "استمرار باتيلي في مهامه عامًا جديدًا في ليبيا لن يغيّر شيئًا بقدر ما سيدفعه للتدخل أكثر في التشريعات؛ ما سيُخضع النظام القانوني في ليبيا لتأثيرات خارجية وبالتالي اختراع آليات جديدة للالتفاف على القوانين من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه"، وهو ما اعتبر أنه "أمر غير مقبول".

استمرار أزمة الشرعية

ويشاطر صلاح البكوش المستشار السابق للمجلس الأعلى للدولة الآراء السابقة، معلّلًا ذلك في تصريح لـ "إرم نيوز" بأن "النخبة السياسية في ليبيا تعيش أزمة شرعية حقيقية".

وأضاف: "بعد العزم على تشكيل لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات فوجئنا بترحيب باتيلي بقوانين مجلس النواب وتخلّى عن لجنته التسييرية التي انتظرها غالبية الليبيين".

انتخابات ليبية
انتخابات ليبيةرويترز - أرشيف

وذكر البكوش أن "باتيلي بعد رفضه الشديد تشكيل حكومة جديدة قبل الانتخابات خشية أن يؤدي ذلك إلى تعزيز الوضع الراهن وإفشال الانتخابات، وجدناه يدفع بتشكيل حكومة موحدة، يتفق عليها اللاعبون الرئيسون، على أساس أنها أمر حتمي لقيادة البلاد إلى الانتخابات، وبالتجديد له ستعطي تنازلاته الطابع الرسمي بإضافة صيغة ترحب بمشروع القانون الانتخابي للجنة 6+6، وربما أيضًا الحث على تشكيل حكومة انتقالية جديدة".

واعتبر أن ذلك يعني أن "تستمر أزمة الشرعية في ليبيا وتؤجل الانتخابات من جديد".

وفسّر الأكاديمي والمحلل السياسي الليبي أحمد معيوف، فشل المبعوث الأممي في الظفر بثقة الليبيين بسبب تركيزه على "التعامل مع الشخصيات الجدلية التي تحاول السيطرة على السلطة والمشهد السياسي وتجاهل الدور الفعال الذي يمكن أنه تُحدثه مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات السياسية الوازنة في البلد، وفق قوله.

 وأضاف معيوف في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "الحلول والآليات لإنقاذ ليبيا من عتمة الانسداد السياسي موجودة حتمًا، شرط أن تكون بعيدة عن الأجسام المتصارعة حاليًّا التي ترفض قطعيًّا القبول بأي عملية تفاوضية مخافة التنازل وتسليم السلطة"، ورأى أنه "ليس من مصلحة الأمم المتحدة أن يُحل الخلاف الليبي".

في المقابل، اعتبر المحلل السياسي التونسي محمد صالح العبيدي أنّ التمديد لمهام البعثة الأممية يمثّل الخيار الأقرب إلى الواقعية والأضمن لاستكمال مسار الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سياسي والتعجيل بإجراء الانتخابات.

أخبار ذات صلة
هل عمّقت إحاطة المبعوث الأممي إلى ليبيا الأزمة أم قرّبت الحل؟

وأوضح العبيدي في تصريح لـ "إرم نيوز" أنّه رغم التحفظات التي يبديها كثير من الليبيين على أداء باتيلي فإنّ الدبلوماسي السنغالي نجح خلال العام الأول من تعيينه في جمع الفرقاء الليبيين على خريطة طريق واضحة، ربما تحتاج وقتًا لتنفيذها، من أجل التوصل إلى إجراء الانتخابات وإنهاء حالة اللاشرعية الحالية.

وأكد العبيدي أنّ "باتيلي كان حذرًا في تعامله مع مكونات المشهد السياسي، ولم يتدخل بشكل فظ في الصراع على السلطة التنفيذية وركز جهوده على الجانب القانوني الذي ستجري وفقه الانتخابات". واعتبر العبيدي أن هذا يمثل "خطوة وجب البناء عليها واستكمالها في العام الثاني لمهمة البعثة الأممية".

يُذكر أن عبد الله باتيلي يعدّ ثامن مبعوث أممي توافد على ليبيا منذ إسقاط نظام العقيد معمر القذافي سنة 2011، في محاولات لإيجاد سبيل يخرج البلاد من حالة الاقتتال والانقسام إلى تسوية عادلة تسهم في إعادة الاستقرار إلى البلد الغني بالنفط.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com