الرئيس التونسي قيس سعيد ووزيرتا العدل والمالية في حكومته
الرئيس التونسي قيس سعيد ووزيرتا العدل والمالية في حكومتهإرم نيوز

من الذي يعطل البت بقضايا الفساد في تونس؟

يشهد النظر بقضايا الفساد في تونس بطءا كبيرا في المعالجة، إضافة إلى استمرار سياسة الإفلات من العقاب، ما أثار تساؤلات عن مكامن الخلل وأسباب تأخر البت فيها.

وبدأ القضاء التونسي النظر في آلاف ملفات الفساد التي تم الإبلاغ عنها أو كشفها، ويأتي على رأس القائمة ملف الأموال المنهوبة، بينما لم يتم استكمال التحقيقات ولا الإجراءات القانونية اللازمة ولا استعادة نسبة مهمة من تلك الأموال.

أخبار ذات صلة
تونس.. مذكرة إيداع جديدة في السجن بحق مروان المبروك صهر بن علي

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أثار هذه المسألة خلال استقباله، مساء أمس الخميس، وزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام بوغديري، وقال إنه "لا بدّ من ثورة تشريعية في عديد المجالات"، و"البلاد تخوض حربا بلا هوادة ضد الفاسدين الذين تسللوا إلى مؤسسات الدولة في كل القطاعات، وأقرّ بأن هناك بطئا في البتّ بملفاتهم والتعامل معها وفق القانون".

وأضاف سعيد أنّه "في حالة حرب ضد الفاسدين" ومن سماهم "أسراب الجراد" التي تستولي على خيرات البلاد، داعيا الوزيرتين إلى التسريع في إجراءات حسم عدة ملفات وصفها بالخطيرة، معتبرا أنه لا يمكن أن تبقى هذه القضايا في أروقة المحاكم لسنوات، بحسب تعبيره.

ويقول مختصون في القانون إنّ الملفات التي تتم متابعتها معقّدة، لدرجة أنّه وجب تتبع كلّ منها على حدة ووضعه في سياقه العام، ودراسة أوجه الخلل ومظاهر التجاوزات حتى يتم تحديد المسؤوليات وضبط العقوبات الملائمة.

قضايا كثيرة وعدد قضاة محدود

وعلّق الناشط الحقوقي بشير القطيطي بأنّ مسألة عدم تسديد القروض التي تحصل عليها بعض رجال الأعمال من مصارف تابعة للدولة تُحسم مدنيا لا قضائيا؛ لأنّ القوانين الدولية تجرّم التتبع الجزائي في تلك القضايا، ويتم التسديد برهن الممتلكات أو بيعها لسداد قيمة الدين من دون أن يكون هناك عقاب جزائي إلّا في حال ثبوت تحايل.

وأكّد القطيطي، في تصريحات نقلتها اليوم وسائل إعلام محلية، أنّ البطء يشمل أيضا القضايا المستعجلة التي يستغرق النظر في بعضها مدة تصل إلى سنة أو أكثر، موضحا أنّ ذلك يعود إلى عدّة أسباب، منها أنّ الملفّات كثيرة وعدد القضاة المكلفين بالنظر فيها محدود، إضافة إلى أنّ هناك عديد الملفات الفارغة والقضايا الوهمية، وفق تأكيده.

واعتبر القطيطي أنّ النيابة العامة تتحمل مسؤولية عدم إثارة تتبعات قضائية بشأن بعض المشتبه بهم في عدد من الملفات؛ لأنّها هي المطالبة بإثارة الدعوى ومتابعتها، لا سيما إذا تعلق الأمر بمؤسسات عامة.

مرسوم رئاسي غير مطبق

وفي أواخر عام 2022 أصدر سعيد مرسوما ينظم "الصلح الجزائي" مع رجال أعمال ملاحقين في جرائم مالية؛ من أجل تسويات تسمح بضخ تعويضات للدولة توجه للاستثمار، لا سيما في المناطق المحرومة والمهمّشة، لكن المرسوم واجه عدة صعوبات حالت دون تطبيقه بالكامل.

وتوقع سعيد أن تجمع الدولة نحو 15 مليار دينار (حوالي 4,8 مليار دولار)، لكن مع اكتمال عام من عملها لم تعلن لجنة المصالحة عن أي مبالغ كبيرة تمت استعادتها.

واعتبر المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أنّ معالجة القضايا ذات العلاقة بشبهات الفساد المالي والإداري تتطلب عادة كثيرا من الوقت؛ اعتبارا لتشعّبها وكثرة تفاصيلها وعدد الضالعين فيها.

وأوضح العبيدي، في تصريحات لـ "إرم نيوز"، أنّ ذلك لا يبرّر هذا البطء الذي يكاد يُفرغ هذه القضايا من محتواها، ويُضعف آمال التونسيين في التوصّل إلى نتائج ملموسة تُدين كلّ من ارتكب تجاوزات، مشيرا إلى أنّ طول فترة التوقيف من دون إصدار أحكام واضحة بحق المتهمين يُضعف مصداقية هذه القضايا.

ورجّح العبيدي وجود أطراف لا تزال تحافظ على نفوذها داخل الإدارات التونسية تحول دون استكمال هذه الملفات حتى النهاية، وتعرقل الوصول إلى ما يثبت إدانة الأطراف التي يشير إليها رئيس الجمهورية في كلّ مرة تلميحا.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com