فلسطينيون ينتظرون الحصول على الطعام
فلسطينيون ينتظرون الحصول على الطعامرويترز

بخلاف الجوع القاتل.. أطفال غزة سيعانون من الأذى مدى الحياة

أبرزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير لها عن حرب غزة وتأثيراتها، المشاكل الصحية والأضرار بعيدة المدى التي ستؤثر على أجيال قادمة من أطفال القطاع.

وكشف أطباء وخبراء تغذية أن أطفال غزة الذين ينجون من نقص التغذية والقصف المستمر والأمراض المعدية والصدمات النفسية، محكوم عليهم بمواجهة مشاكل صحية مدى الحياة.

وذكروا أن سوء التغذية سيحرم أطفال غزة من القدرة على تطوير أدمغتهم وأجسادهم بشكل كامل، ونتيجة لذلك، سيكون العديد منهم أقصر وأضعف جسديًا، وفق الصحيفة الأمريكية.

وأشارت تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 25 شخصًا لقوا حتفهم في قطاع غزة، بسبب مضاعفات مرتبطة بسوء التغذية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية المستمرة.

أطفال على أسرة العلاج في غزة وسط نقص الغذاء والدواء
أطفال على أسرة العلاج في غزة وسط نقص الغذاء والدواءرويترز

ضعف التغذية يوقف نمو الدماغ

وقال رئيس قسم صحة الطفل العالمية بمستشفى الأطفال في تورونتو، الطبيب ذو الفقار بوتا: "على أبسط المستويات، إذا كنت تعاني من ضعف التغذية والنمو، فإن دماغك يتوقف عن النمو".

وأضاف أنه "على المدى القصير، سيكون هناك قدر أقل من الغذاء المتاح لأطفال غزة، ففي هذا الأسبوع، أدت غارة جوية إسرائيلية قتلت 7 من عمال الإغاثة، إلى إعلان العديد من منظمات المساعدة أنها ستعلق عملياتها".

ودق المسؤولون في المجال الإنساني ناقوس الخطر بشأن مجاعة "وشيكة" في غزة، وحثوا الحكومة الإسرائيلية، التي توافق على ما يأتي عبر نقاط التفتيش الحدودية في غزة، على السماح بدخول المزيد من الغذاء.

وتقول الصحيفة إن آثار الجوع على جسم الإنسان واضحة من البالغين إلى الأطفال، فكلما كان الشخص أصغر سنًا، كلما كان التأثير أكبر.

ويحصل الإنسان على الطاقة في المقام الأول عن طريق تحويل الكربوهيدرات إلى جلوكوز، والذي تتم معالجته في الكبد وتوزيعه في الجسم، وخاصة إلى الدماغ، وبعد استنفاد مخزون الجلوكوز، يبدأ الجسم في الحصول على الطاقة من الدهون.

ولكن إذا لم يحصل الجسم على القوت الكافي، فإنه يحرق البروتين من العضلات للحصول على الطاقة، ويصبح في النهاية غير قادر على توصيل العناصر الغذائية الأساسية إلى الأعضاء والأنسجة الحيوية.

وبحسب الصحيفة، فإنه بالنسبة للأطفال، يحدث هذا بسرعة أكبر لأن لديهم احتياطيات أقل، ويحتاجون إلى المزيد من الطاقة للنمو.

ونتيجة لذلك، تبدأ العضلات في الانكماش وتتوقف الأعضاء عن العمل بشكل صحيح، ولا يتمكن الجسم من تنظيم درجة الحرارة، ويصبح الجلد شاحبًا وقد تبدأ اللثة بالنزيف.

ويفقد الجهاز المناعي قدرته على إصلاح الجروح ومكافحة العدوى، مثل تلك التي تسبب الإسهال، الأمر الذي يمكن أن يخلق حلقة مفرغة تزيد من حرمان الجسم من العناصر الغذائية.

ويعد الجهاز الهضمي من أوائل الأجهزة التي تتوقف عن العمل، ما يؤدي لانخفاض إنتاج حمض المعدة، والالتهاب المزمن، وتقلص المعدة، وفقدان الشهية، وإذا أصبح الطعام متاحًا مرة أخرى يجب تقديمه ببطء والأفضل أن يتم تقديمه في المستشفى.

وينكمش القلب، مما يقلل من تدفق الدم، ويبطئ معدل ضربات القلب ويخفض ضغط الدم، وفي نهاية المطاف، يمكن أن يفشل القلب، ويتباطأ التنفس وتتضاءل قدرة الرئة، ويمكن أن تفشل وظيفة الجهاز التنفسي.

ومع حرمان الدماغ من الطاقة والمواد الغذائية الأساسية، يترتب على ذلك اللامبالاة والإرهاق والتهيج.

فلسطينيون يحاولون الحصول على الطعام
فلسطينيون يحاولون الحصول على الطعامرويترز

إعاقة القدرة على التعلم

ويحتاج الأطفال إلى طاقة أكبر من البالغين لتطوير أدمغتهم، مما يجعلهم أكثر عرضة لنقص العناصر الغذائية، فضلًا عن إعاقة قدرتهم على التعلم لاحقًا في الحياة.

نور، التي جاءت إلى مستشفى كمال عدوان في شمال غزة لتلقي العلاج في منتصف شهر مارس/آذار، تعاني من التليف الكيسي، مما يجعلها أكثر عرضة لأهوال سوء التغذية، وفق الصحيفة.

تقول والدتها للصحيفة: بدأت بشرة نور تتقشر "تمامًا مثل قشور السمك"، وهو أحد الآثار الجانبية للجفاف.

وبدوره، قال رئيس مستشفى كمال عدوان، حسام أبو صفية، إن المستشفى يعالج نحو 50 طفلًا أسبوعيًا من حالات الجفاف الشديد وسوء التغذية.

وأضاف أن الأمهات غالبًا ما يأتين ويقولن إن طفلهن لم يتناول وجبة كاملة منذ أيام.

ولا يحصل سكان غزة على ما يكفي من التغذية، إذ يعيش أكثر من 90% من الأطفال الصغار والنساء الحوامل والمرضعات في غزة على مجموعتين غذائيتين أو أقل، مثل الخبز، يوميًا.

ولم تتمكن اليونيسيف من ايصال ما يكفي من الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام إلى شمال غزة، وهي عجينة زبدة الفول السوداني المليئة بالفيتامينات والمعادن اللازمة لعلاج سوء التغذية الحاد، كما أن محدودية النظام الطبي لعلاجه وتوزيعه يزيد من عرقلة الجهود المبذولة لعلاج الأطفال.

أخبار ذات صلة
أطفال في ارتقاب الموت بمستشفيات غزة مع تفاقم أزمة الجوع (صور)

وحذر المتخصصون الطبيون على الأرض من أن الأطفال حديثي الولادة قد يموتون بسبب انخفاض الوزن عند الولادة، فيما يواجه الأطفال الذين يبقون على قيد الحياة مخاطر شديدة مرتبطة بسوء التغذية.

والأطفال الذين لا يستهلكون المغذيات الدقيقة سيطورون جهاز مناعة أضعف، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى التي يمكن أن تسبب الإسهال والالتهاب الرئوي والحمى.

كما يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى إعاقة النمو البدني على المدى الطويل.

وتختم الصحيفة تقريرها بالتأكيد على أنه "حتى بعد الحرب، يترك الجوع خسائر اجتماعية، وسوف يحمل أطفال غزة علامات المجاعة عندما يكبرون، مما يحد من فرص التعليم والتوظيف".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com