كيف تتطابق كارثة مرفأ بيروت مع الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة للتعاطي مع حزب الله؟
كيف تتطابق كارثة مرفأ بيروت مع الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة للتعاطي مع حزب الله؟كيف تتطابق كارثة مرفأ بيروت مع الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة للتعاطي مع حزب الله؟

كيف تتطابق كارثة مرفأ بيروت مع الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة للتعاطي مع حزب الله؟

تروج إسرائيل لرواية ثابتة بشأن الانفجار الأعنف، الذي ضرب مرفأ بيروت في الرابع من الشهر الجاري، تقول إن منظمة "حزب الله" الشيعية تتحمل المسؤولية عن تلك الكارثة.

وتتلخص تلك الرواية، التي جاءت على لسان مسؤولين وكُتاب إسرائليين بينهم يعقوب عميدرور الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، بأن الحزب دأب منذ سنوات على تخزين أسلحة ومواد متفجرة تستخدم ضمن منظومة تصنيع الصواريخ في هذا الموقع، وتقول إن لديها معلومات استخبارية منذ سنوات في هذا الصدد.

وقال يعقوب عميدرور الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في حديث لإذاعة الجيش الإسرائيلي، قبل أيام قليلة: "علينا إلقاء نظرة على الكيان غير المسؤول الذي يضع أشياء كهذه في ميناء مدني. وهذا ليس أسوأ ما يفعله للبنان".

وشدد ياكوف كاتز في مقال نشر في صحيفة "جيروزاليم بوست" قبل يومين: "لو لم يكن هذا الانفجار على وجه التحديد سببه حزب الله، فليس سرا أن المجموعة تخزن الأسلحة والصواريخ في جميع أنحاء البلاد".



وبدأ الترويج الإسرائيلي لمسألة وجود مخازن الصواريخ والمواد المتفجرة الخاصة بـ"حزب الله" داخل الكتل السكنية والمناطق الحيوية، عندما قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أيلول/ سبتمبر 2018، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن لدي الاستخبارات الإسرائيلية أدلة على هذا الوضع.

ويقول الصحفي والمحلل الإسرائيلي يوني بن مناحم، في تقرير بموقع "مركز القدس للشؤون العامة والدولة"، أمس الأحد، إن "حزب الله يسيطر فعليا على مرفأ بيروت من النواحي الأمنية، ويستخدمه كمخزن للسلاح وكجزء من شبكة تهريب السلاح القادم من إيران".

ويرجح بن مناحم أن تنتهي التحقيقات بتحميل موظفين صغار في الميناء المسؤولية، وأن يتردد مصطلح "الإهمال" كثيرا.

ويضيف أن "التحقيقات لن تطال الشق الخاص بتحويل الميناء إلى مخزن للسلاح من قبل حزب الله"، مؤكدا أن "المنظمة هي التي كانت تسيطر على مخزون نترات الأمونيوم الذي انفجر، وتستخدمه في صناعة العبوات المتفجرة، منذ سنوات".

ويزعم الصحفي الإسرائيلي أن "الانفجار شمل مخزنا للأسلحة على مقربة من مخزن نترات الأمونيوم، وأحدث انفجارا صغيرا".

ويرى أن "حزب الله يحتفظ بمواد مماثلة وصواريخ وقذائف وذخائر في جميع أنحاء لبنان، ولا سيما داخل الكتل السكنية المكتظة، لكي يضع صعوبات أمام إسرائيل بشأن توجيه ضربات إليها، وبذلك أصبح مواطنو لبنان درعا بشرية تحمي ترسانة صواريخ حزب الله وليس العكس".



ولفت التقرير إلى "العديد من الحالات التي تثبت تورط حزب الله في محاولة تهريب نترات الأمونيوم، ففي عام 2012، ضُبطت شحنة في قبرص تخص شخصا ينتمي للمنظمة، يدعى حسن عبد الله، تحوي 2.2 طن من نترات الأمونيوم".

كما تم اعتقال 3 عناصر من المنظمة في الكويت عام 2015، ومعهم كمية كبيرة منها، وكذلك عام 2017 في بوليفيا، حين تم ضبط مخزن كبير هناك يخص المنظمة، بحسب التقرير.

معلومات استخبارية

ويشير بن مناحم إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية لديهما تقديرات بأن "حزب الله" هو المسيطر على الميناء.

واقتبس جزءا من تقرير شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية الأمريكية، بعد الكارثة بيوم واحد، ورد فيه أن الاستخبارات الأمريكية "ترى أن غالبية الأنشطة والعمليات في مرفأ بيروت تتم تحت علم حزب الله، وأن أول من توجه إلى الموقع عقب الانفجار كان شخصيات من المنظمة".

ونوه إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية "ترجح أن تستغل إيران الكارثة وتحاول التغلغل داخل منظومة المساعدات الإنسانية التي ستمنحها للبلد المنكوب انطلاقا من طهران، من أجل تهريب شحنات سلاح ونظم تسهم في تحسين دقة صواريخ حزب الله، سواء كانت هذه المساعدات عبر البحر أو الجو".

وأكد أن إسرائيل "ستضطر للعمل ضد هذه الشحنات من إيران إلى لبنان، بمجرد أن تصلها معلومات استخبارية بطبيعة هذه الشحنات، وإذا تأكد أن لها علاقة بمنظومة صواريخ حزب الله".



اتهام إسرائيل 

تجد الرواية الإسرائيلية آذانا صاغية في العديد من وسائل الإعلام والمنتديات والمحافل الدولية، كما لا ينفيها الشارع اللبناني الذي أعلن غضبه إزاء سلوك المنظمة، وحملها البعض المسؤولية عن الكارثة بالفعل، فيما لم يتم اتهام إسرائيل بشكل رسمي من أي جهة، بل إن متحدثا باسم "حزب الله" نفى بمجرد وقوع الكارثة أن تكون ناجمة عن عملية عسكرية.

وكان بن مناحم قد أشار في تحليل آخر عقب الانفجار إلى أن هناك مخاوف من اتهام بعض الأطراف لإسرائيل، ومن ثم التسبب في إشعال الجبهة الشمالية.

لكن حتى الآن لم توجه أصابع الاتهام إلى إسرائيل رسميا، مع أن الاتهامات الموجهة لـ"حزب الله" داخل لبنان لم تتطرق لأسباب الحريق الأول الذي سبق الانفجار الكبير، وتركز على تحميل المنظمة مسؤوليات محددة تتعلق بما أشير إليه آنفا.



مصلحة إسرائيلية

وخلال كلمته أمام الأمم المتحدة قبل عامين، دعا نتنياهو المجتمع الدولي للتدخل ضد مخازن صواريخ "حزب الله" المنتشرة في لبنان بين الكتل السكنية.

وهدد نتنياهو بالتدخل الإسرائيلي العسكري حال لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا، فيما حققت كارثة المرفأ هذا الهدف، إذ جذبت أنظار المجتمع الدولي إلى هذا الملف.

وفي المجمل، حققت كارثة مرفأ بيروت مصلحة إسرائيلية بشكل لافت للنظر، وبعد تهديدات استمرت سنوات من جانب الأمين العام لـ"حزب الله" بشأن ميناء حيفا، تلقى ميناء بيروت الضربة، بصرف النظر عن الملابسات.

ومن المرجح أن وقع هذه الصفعة هو الذي دفع نصر الله إلى الإشارة إلى خليج حيفا مجددا في خطابه الجمعة الماضي، رغم أن خزان نترات الأمونيوم هناك أصبح فارغا عمليا منذ عام 2017.

وترك الانفجار انطباعا بأن تهديدات إسرائيل بإعادة لبنان إلى العصر الحجري، قد تترجم على أرض الواقع، وأنها لن تسمح باستغلال المواقع المدنية كمخازن للمنظمة.

وهنا يطرح سؤال بشأن باقي المواقع التي حددها نتنياهو على الخارطة التي عرضها أمام الأمم المتحدة قبل عامين.

وشملت الخرائط إشارة إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وملعب فريق العهد اللبناني الذي أشار إليه نتنياهو بـ "Site 2"، فيما أشار إلى مرفأ بيروت بوصفه "1 Site "، فضلا عن مواقع أخرى كثيرة تزعم إسرائيل أن بها مخازن للمنظمة الموالية لإيران.



عمليات سرية؟

وتصب رواية إسرائيل بشأن تحويل لبنان إلى درع بشرية وتخزين أسلحة وصواريخ ومواد قابلة للاشتعال بين المدنيين في صالح استراتيجيتها الجديدة، كما يخدمها ميل قطاع عريض من اللبنانيين الذين يعانون اقتصاديا منذ سنوات بصورة تفوق التحمل، للتسليم بصحة الرواية التي لا يخفى أنها معروفة في لبنان أيضا.

ويمنح هذا الوضع إسرائيل ارتياحا كبيرا لاستغلال الرواية ذاتها مجددا، ضمن أي عملية مستقبلية قد تنفذها ضد هذه المواقع، حيث يمكنها تحقيق أهدافها والإفلات من الانتقادات الدولية في آن واحد، ومن ثم التغلب على معضلة تؤرقها منذ سنوات، تتعلق بتبرير تدميرها لمنشآت مدنية بزعم استغلالها من قبل "حزب الله" لأغراض عسكرية تهدد أمنها.

ويختم تقرير بموقع "مركز القدس للشؤون العامة والدولة"، بالإشارة إلى أنه "لا يمكن النظر إلى عرض إسرائيل تقديم مساعدات إنسانية أو إنارة مبنى بلدية تل أبيب بعلم لبنان، على أنه يتناقض مع هذه الفرضية، على الإطلاق".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com