الانهيار الاقتصادي يدفع شبانًا إلى مغادرة لبنان "بلا عودة"
الانهيار الاقتصادي يدفع شبانًا إلى مغادرة لبنان "بلا عودة"الانهيار الاقتصادي يدفع شبانًا إلى مغادرة لبنان "بلا عودة"

الانهيار الاقتصادي يدفع شبانًا إلى مغادرة لبنان "بلا عودة"

 مع بدء الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية قبل أشهر، ظن شبان لبنانيون كثر كانوا يحلمون يومًا بالهجرة بإمكانية بناء مستقبلهم في بلدهم، لكن الحلم لم يدم طويلًا بعدما أطاح به تسارع الانهيار الاقتصادي.

وبعدما شاركوا في التظاهرات التي عمت جميع الأراضي اللبنانية منذ 17 تشرين الثاني/أكتوبر رافعين الصوت ضد طبقة حاكمة يتهمونها بالفساد، يملأ طلاب وشبان اليوم طلبات الهجرة للعمل أو إكمال تعليمهم في الخارج.

والأمهات اللواتي هتفن يومًا متهمات الطبقة السياسية بدفع أولادهن إلى الهجرة، بتن يحضرن أنفسهن لوداعهم، في بلد يشهد انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا يعد الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، ولا حلول واضحة تلوح في الأفق، سوى وعود حكومة جديدة وضعت الأزمة على سلم "أولوياتها".

ويقول المصور السينمائي يوسف نصار(29 عامًا):"سأذهب من دون رجعة"، بعدما حجز تذكرة سفره إلى كندا.

ويضيف:"لا شيء يجري بشكل جيد في هذا البلد لكي أبقى فيه".

ومنذ أشهر، يواجه لبنان شحًا في السيولة مع ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار.

وتضاعفت نسبة التضخم بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وفق تقرير بنك بلوم للاستثمار، بالتزامن مع خسارة الليرة اللبنانية نحو ثلث قيمتها أمام الدولار في السوق الموازية.

وتهدد الأزمة اللبنانيين في وظائفهم ولقمة عيشهم، وقد أغلقت العديد من المتاجر والشركات أبوابها، وتلقت وزارة العمل عشرات الطلبات بالصرف الجماعي، ما يؤدي حكمًا إلى ارتفاع نسبة البطالة.

ويعيش ثلث اللبنانيين أساسًا تحت خط الفقر، بينما يبلغ معدل البطالة 30% في صفوف الشباب. ويحذر البنك الدولي من ارتفاع هذين المعدلين نتيجة الانهيار الحالي.

ويقول نصار:"بت أكره هذا البلد بسبب الطبقة السياسية التي ترفض مغادرة السلطة ولا تجد مخرجًا للأزمة في الوقت ذاته".

أريد مستقبلي

اعتاد نصار على كسب ما يكفيه من المال لتصويره حملات لشركات أزياء أو إعلانات أو غيرها. لكنه ومنذ أشهر لم يعمل سوى مرة واحدة. ولا يزال ينتظر الحصول على أتعاب بقيمة 25 ألف دولار من 7 زبائن، بينهم نائب في البرلمان، إلا أنهم لا يتمكنون من سدادها.

ويقول نصار، الذي يحمل أيضًا الجنسية الكندية:"أريد أن أعمل على تطوير مهنتي من أجل مستقبلي".

ويضيف:"لست مستعدًا لأن أنتظر طوال حياتي أن يتحسن حال البلد".

وتقدر مؤسسة "الدولة للمعلومات" للأبحاث والإحصاءات أن عدد اللبنانيين الذين غادروا البلاد من دون عودة في العام 2019 وصل إلى 61,924 مقارنة بـ41,766 في العام السابق، أية بنسبة زيادة 42 %.

وعلى معرفات البحث في غوغل، بلغ معدل البحث عن كلمة "هجرة" في لبنان بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر وكانون الأول/ديسمبر حده الأقسى خلال 5 سنوات.

ولم يعد محامون يعملون في ملفات الهجرة يمتلكون أوقات فراغ، إذ تنهال عليهم طلبات الراغبين بالذهاب إلى كندا أو أستراليا أو غيرهما.

ويقول أحد المحامين، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن"الطلب على الهجرة ارتفع بنسبة 75%"، مشيرًا إلى أنه يعمل حاليًا على 25 طلبًا، غالبيتها إلى كندا.

وغالبية زبائن المحامي هم من الشبان المتعلمين وأصحاب الاختصاص، ومنهم من يعمل في الصيدلة أو في تكنولوجيا المعلومات أو الشؤون المالية.

ويضيف المحامي:"جميعهم يغادرون بسبب الوضعين الاقتصادي والسياسي".

لا قوة لي

وعلى وقع اقتصاد متهالك وأزمات سياسية متتالية، تحول لبنان على مر السنوات إلى بلد مورد للمهاجرين. وبرغم عدم توافر إحصاءات رسمية، تشير تقديرات إلى أن عددهم يساوي أكثر من ضعف عدد سكان البلاد الذي يقدر بأكثر من 4 ملايين نسمة.

وتشارك المهندسة فاطمة (28 عامًا)، في التظاهرات ضد الطبقة الحاكمة منذ انطلاقها.

وتقول، الشابة التي حلمت بالهجرة منذ كان عمرها 16 عامًا:"حين بدأت الثورة شعرت للمرة الأولى في حياتي بالانتماء، وشعرت للمرة الأولى أن العلم اللبناني يعني لي كثيرًا".

لكن هذا الأمل لم يدم طويلًا بعدما فقدت فاطمة الشهر الماضي وظيفتها في منظمة غير حكومية دولية نتيجة تراجع التمويل.

وتضيف:"في هذه اللحظة تحديدًا، تغير كل شيء بالنسبة لي، وبت لا أفكر سوى بالهجرة إلى كندا".

ووجدت فاطمة لنفسها محاميًا، وتجمع حاليًا الوثائق اللازمة لتبدأ معاملة الهجرة.

وتقول:"لا قوة لي على المحاربة أكثر من أجل بلد أفضل.

وتضيف:"لا أعتقد أنني سأخذل وطني بمغادرتي، لكنني سأفشل بالطبع إذا بقيت هنا".

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com