فورين بوليسي: القومية تعود في العراق وتهدد النفوذ الإيراني
فورين بوليسي: القومية تعود في العراق وتهدد النفوذ الإيرانيفورين بوليسي: القومية تعود في العراق وتهدد النفوذ الإيراني

فورين بوليسي: القومية تعود في العراق وتهدد النفوذ الإيراني

يبدو أن رواية "الأخبار السارة" تتطور مع تزايد الاحتجاجات في العراق، إذ أصبح المعتقد الشائع أن الاحتجاجات شكلت ضربة كبيرة للنفوذ الإيراني، مما يشير إلى أن الشعب العراقي سئم من تدخل طهران في شؤون بلاده، وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في تغريدة حديثة.

ويستشهد البعض بتورط الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في أعمال عنف ضد المتظاهرين، وأن شعارات المتظاهرين تشمل "أخرجي يا إيران"، مما يشير إلى أن إيران قد تعاني من خسائر مع نجاح المظاهرات.

ووفقًا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، فعلى الرغم من جاذبية هذه الرواية للأمريكيين الذين يودون رؤية النفوذ الإيراني في العراق يتراجع بعد زيادته على مدى عقد ونصف من الحرب، إلا أنها خاطئة، فهي نتاج مشاهدة الأحداث من خلال منظور واحد وهو المنافسة الأمريكية الإيرانية في الشرق الأوسط.

فعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وإيران قد دخلتا مرحلة تنافس جديدة في العراق، بعد التحالف الضمني لمحاربة داعش خلال السنوات الـ 5 الماضية، إلا أن القصة الأكبر لا تتعلق بتفوق أحد الطرفين في النزاع بين واشنطن وطهران؛ بل إن شعب دولة عربية أخرى خرج إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير.

وهزت الاحتجاجات الجماهيرية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 10 مرات أخرى منذ أواخر عام 2010، في تونس وليبيا والبحرين وسوريا واليمن والجزائر والسودان، ومرتين في مصر والعراق ولبنان، وقبل وقت قصير من تلك الموجة من الانتفاضات، ضربت احتجاجات الحركة الخضراء إيران نفسها، والتي طورت فيها طهران واختبرت العديد من التكتيكات التي استخدمتها منذ ذلك الحين لسحق المعارضة.

ولا تزال نتيجة بعض هذه الانتفاضات غير واضحة، ولكن باستثناء تونس، كانت معظم النتائج سلبية، والآن ينتظر العالم رؤية نتيجة أخذ العراق نفس المسار.

أخبار سارة

يميل الأمريكيون الذين يتابعون الأحداث في العراق للتركيز على ما يبدو كأخبار سارة من بلد غالبًا ما يرتبط بذكريات سيئة لديهم.

وبالنسبة لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التي صممت الكثير من سياستها الإقليمية حول هدف تقويض إيران، يبدو أن الاحتجاجات تعزز من حملتها للضغط الأقصى لتقليص النفوذ الإيراني، إلا أن واشنطن تحتاج للتركيز أكثر على نقاط ضعفها بدلًا من إيران.

فعندما أوضح رجل الدين الشيعي البارز آية الله علي السيستاني موقفه من الاضطرابات، حذر العراقيين من أن تتحول الاحتجاجات إلى ساحة لتصفية الحسابات بين بعض الدول في العالم والإقليم.

وبينما تتسرع التقارير إلى تصوير الاحتجاجات المعادية للطائفية بطريقة إيجابية، إلا أنه يجدر بالذكر أن هذه الاحتجاجات مدفوعة بالقومية العراقية، والتي حاول استغلالها مقتدى الصدر.

 ولا ترتبط القومية العراقية عمومًا بالأخبار السارة في الشرق الأوسط، فقد سبق وكانت الدافع الرئيسي وراء الحرب مع إيران المجاورة عام 1980 وقمع الأكراد العراقيين طوال ذلك العقد وحتى استخدام الأسلحة الكيميائية.

وأصبح التخفيف من تداعيات القومية العراقية هو الشاغل الرئيسي للولايات المتحدة في التسعينيات، وتمثل القومية العراقية نفس الخطر على قدرة الولايات المتحدة على العمل في ذلك البلد مثل الوجود الإيراني.

وإذا تمت إقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي من منصبه، كما يطالب أولئك المحتجين، سيحدث أحد السيناريوهين التاليين؛ الأول وصول الوضع إلى طريق مسدود، لأن أكبر كتلتين برلمانيتين وهما "سائرون" و"فتح"، يختلفان حول مصير رئيس الوزراء، من بين أشياء أخرى كثيرة.

وسيجعل ذلك من تشكيل حكومة جديدة مهمة صعبة للغاية، ولأن عبدالمهدي يدرك ذلك، اشترط أن تكون استقالته مبنية على تعاون الجانبين في ترشيح حكومة جديدة أولًا، وهو أمر يراهن على أنهما سيعجزان على فعله.

وإذا تم إجبار عبدالمهدي على الاستقالة، سواء كان ذلك في ظل وجود حكومة جديدة أم لا، فلا يوجد ما يشير إلى أن الحكومة المقبلة ستكون أقرب إلى الولايات المتحدة من إيران.

خليفة عبدالمهدي

فعلى سبيل المثال، قد يكون خليفة عبدالمهدي الطبيعي هو مقتدى الصدر الذي كان الفائز الأول في انتخابات 2018، ولطالما طالب بخروج القوات الأمريكية من العراق.

وأما المرشح الرئيسي الثاني في التصويت فكان كتلة تدعمها إيران، ومن بين أعضائها أشخاص شنوا هجمات على القوات الأمريكية في أواخر العقد الأول من القرن الـ 20 في محاولة لطردهم من العراق، وهناك بعض الأطراف التي تقدر التدريب والتجهيز الذي توفره القوات الأمريكية، ولكن من المستبعد أن يجتمعوا لإنتاج نتيجة لصالح الولايات المتحدة.

وأشارت المجلة إلى أن إبراز مخاطر ما يحدث في العراق، لا يعني إنكار المطالب المشروعة للمتظاهرين أو تجاهل أوجه القصور في الطبقة السياسية الحالية في العراق، فالمتظاهرون يكافحون مشاكل حقيقية بسبب النخب الحاكمة، بما في ذلك الفساد والطائفية وضعف الاقتصاد.

كما أنهم أدركوا بدقة دور إيران في تفاقم العديد من هذه التحديات، بما في ذلك العبث بالسيادة العراقية وتشجيع الطائفية، ولكن من السذاجة أن تعتقد الولايات المتحدة أن طرد المتظاهرين لعبدالمهدي من السلطة، سيقضي على النفوذ الإيراني، ويحقق الأهداف الأمريكية، فهذا محض خيال.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com