بعد احتجاجات غير مسبوقة شلّت لبنان.. الحريري يحدث فراغًا ويضع البلاد أمام مستقبل مجهول
بعد احتجاجات غير مسبوقة شلّت لبنان.. الحريري يحدث فراغًا ويضع البلاد أمام مستقبل مجهولبعد احتجاجات غير مسبوقة شلّت لبنان.. الحريري يحدث فراغًا ويضع البلاد أمام مستقبل مجهول

بعد احتجاجات غير مسبوقة شلّت لبنان.. الحريري يحدث فراغًا ويضع البلاد أمام مستقبل مجهول

بإعلان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالته تحت ضغط احتجاجات غير مسبوقة عمت أرجاء البلاد، يدخل لبنان نفقًا مجهولًا يصعب التكهن بما ستؤول إليه التطورات خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

وأعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الثلاثاء، تقديم استقالة حكومته، مشددًا على أنه وصل "لطريق مسدود وأصبح من الضروري أن نقوم بصدمة كبيرة لمواجهة الأزمة".

وستؤدي خطوة الحريري إلى فراغ دستوري في البلاد، كان قد حذر منه زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي عارض هذا السيناريو مرتين، محذرًا من حدوث فراغ قد يقود البلاد إلى حرب أهلية.

ورأى خبراء أن أحد الأسباب التي حركت غضب الشارع اللبناني، أصلًا، هو أن الحكومة التي كان يقودها الحريري كانت مجرد غطاء سياسي لحزب الله اللبناني الذي رهن القرار اللبناني بجهات إقليمية على رأسها إيران.

وفي مؤشر على خطورة الأوضاع في لبنان، سارعت باريس إلى التحذير من الفوضى، ودعت على لسان وزير خارجيتها جان إيف لو دريان السلطات اللبنانية إلى ضمان وحدة البلاد واستقرارها في خضم أزمة سياسية واقتصادية.

وقال لو دريان أمام البرلمان الفرنسي: "رئيس الوزراء الحريري استقال للتو وهو ما يجعل الأزمة أكثر خطورة".

وحذر خبراء من أن لبنان سيعيش مرحلة فوضى شاملة، في ظل تعذر التوصل إلى حلول سريعة؛ ذلك أن نظام المحاصصة الطائفي يعيق أي إصلاح وشيك.

وكان وزير لبناني سابق قد قال قبل استقالة الحريري إن المشكلة الحقيقية أنك لا يمكنك أن تأتي برئيس وزراء غير سعد الحريري؛ لأنه لا يوجد سني آخر يهبط بالمظلة الآن، وهو الوحيد الذي يحظى بالدعم الدولي".

ووفقًا لنظام المحاصصة الطائفي لا بد أن ينتمي رئيس الوزراء إلى السنة في لبنان، على أن يكون رئيس الجمهورية مارونيًا، في حين لا بد أن يكون رئيس مجلس النواب شيعيًا.

وتزامن إعلان الاستقالة مع حدوث تحول حاد في مسار التظاهرات السلمية، إذ اعتدى مهاجمون بالعصي والحجارة على موقع التجمّع الرئيسي للمتظاهرين في وسط بيروت، في إشارة إلى التوترات المتزايدة في البلاد.

وعمد عشرات المعتدين المناصرين لحزب الله وحركة أمل الشيعيتين إلى تكسير وإحراق الخيم التي نصبها المحتجّون في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، وهاجموا متظاهرين كانوا لا يزالون في المكان.

وعلق الكاتب اللبناني حازم صاغية على قرار الاستقالة بالقول: "أغلب الظنّ أنّ الحريري لم يستقل بل اضمحلّ. إنجاز أوّل للحركة الشعبيّة وثورتها. لكنّ هذا التلخيص للقوى السياسيّة سيجعل الأمور كلّها أكثر جدّيّة وأشدّ امتحانًا للجميع، وربّما أشدّ خطرًا".

وشهد لبنان شللًا كاملًا بعد 13 يومًا من احتجاجات عابرة للطوائف اتّسمت بقطع طرقات رئيسية وتسببت بإغلاق المصارف والمدارس والجامعات؛ للمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية "الفاسدة" برمّتها، دون استثناء، فأحد الشعارات التي رفعها المتظاهرون هو "كلن، يعني كلن".

ورغم أن الحريري أعلن مطلع الأسبوع الماضي ورقة إصلاحات اقتصادية في محاولة لامتصاص غضب الشارع، ودعا الرئيس اللبناني ميشال عون إلى إعادة النظر بالواقع الحكومي، لكن المتظاهرين اعتبروا أن كل هذه الطروحات جاءت متأخرة ولا تلبي طموحاتهم.

وتضمنت الإصلاحات إجراء دراسة لخصخصة جزئية أو كلية للعديد من المؤسسات والقطاعات العامة، ضمنها قطاع الهاتف المحمول، ومرفأ بيروت، وكازينو لبنان وخطوط طيران الشرق الأوسط، كما نصت القرارات الجديدة أيضًا على خفض رواتب الرؤساء والنواب والوزراء الحاليين والسابقين بنسبة 50 %، وخفض العجز في مؤسسة كهرباء لبنان، القطاع الذي تقدّر قيمة العجز السنوي فيه بنحو ملياري دولار. ويشكل إصلاح هذا القطاع أولوية بالنسبة للجهات المانحة.

ومن الملاحظ أن هذه الحلول الإسعافية لم تلقَ رضى المتظاهرين الذين يرون أن الطبقة السياسية الحاكمة قد غرقت في الفساد، وأغرقت معها لبنان، وتحولت إلى رموز جامدة تعيق أي محاولة للإصلاح أو التغيير.

وسلّطت التظاهرات الضوء على الانقسام السياسي وتباين وجهات النظر بين مكونات الحكومة حول آلية توزيع الحصص والتعيينات الإدارية وكيفية خفض العجز من جهة، وملف العلاقة مع سوريا المجاورة من جهة ثانية.

وشكلت العلاقة مع سوريا بندًا خلافيًا داخل الحكومة، مع إصرار التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل وحليفه حزب الله على الانفتاح على دمشق، ومعارضة الحريري وأفرقاء آخرين لذلك.

ويحمل خصوم باسيل عليه رغبته بالتفرّد في الحكم، مستفيدًا من علاقته مع حزب الله وبحصة وزارية وازنة.

واستبق باسيل كلمة الحريري بإعلان رفضه استقالة الحكومة، معتبرًا أن هذا الأمر قد يؤدي إلى وضع "أسوأ بكثير من الحالي".

لكن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الممثلان في الحكومة، رحبا باستقالة الحريري.

ويعاني لبنان من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 20 في المئة.

وتعهدت الحكومة العام الماضي إجراء إصلاحات هيكلية وخفض العجز في الموازنة العامة، مقابل هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار، لكنها لم تتمكن من الوفاء بتعهداتها.

وفي 2015، شهدت بيروت تظاهرات كبيرة ضد أزمة نفايات، لكنها لم تكن بهذا الحجم واقتصرت بشكل أساسي على العاصمة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com