سعد الحريري.. صعود من "اغتيال الوالد" إلى استقالة على وقع "الانتفاضة"
سعد الحريري.. صعود من "اغتيال الوالد" إلى استقالة على وقع "الانتفاضة"سعد الحريري.. صعود من "اغتيال الوالد" إلى استقالة على وقع "الانتفاضة"

سعد الحريري.. صعود من "اغتيال الوالد" إلى استقالة على وقع "الانتفاضة"

اختارته عائلته؛ ليكون الوريث السياسي لوالده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ليشع نجمه منذ ذلك الحين، ويصبح أحد أهم الأقطاب السياسية ببلاده.

هو رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري، الرجل الذي حمله اغتيال والده في 2005 إلى أعلى منصب بالسلطة التنفيذية ببلاده، قبل أن تطيح به احتجاجات شعبية اندلعت تنديدًا بزيادة الضرائب، وتحولت لاحقًا للمطالبة برحيل الطبقة الحاكمة.

وفي كلمة توجه بها الحريري، الثلاثاء، إلى اللبنانيين، أعلن وضع استقالة حكومته تحت تصرف الرئيس ميشال عون، بعد "الوصول إلى طريق مسدود من محاولات عدة لحل الأزمة".

المسار السياسي

تزعّم الحريري الابن تيار المستقبل بعد اغتيال والده، وشكل تكتل "قوى 14 آذار" الذي ضم قوى سياسية لبنانية أبرزها تياره، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب، والقوات اللبنانية.

انتخب الحريري البالغ من العمر 49 عامًا، العام 2005، نائبًا في البرلمان اللبناني، ثم أعيد انتخابه لدورة البرلمان لعام 2009، وتمكنت "قوى 14 آذار" من الحصول على الأكثرية النيابية في الدورتين، فيما انتخب نائبًا للمرة الثالثة في 2018، حيث تراجعت كتلته البرلمانية من 35 نائبًا إلى 21.

اتهم "التكتل" النظام السوري وحلفاء الأخير في لبنان (قوى 8 آذار) بالضلوع في اغتيال الحريري الأب، وقام بسلسلة مسيرات ومظاهرات فيما عرف- في أدبياته - بـ"ثورة الأرز"، وطالب بخروج القوات السورية من لبنان، وتشكيل محكمة دولية لمحاكمة كل المتورطين في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق.

وفي الـ 27 من يونيو/ حزيران 2009، كلفه الرئيس اللبناني ميشال سليمان بتشكيل الحكومة الجديدة التي تلت الانتخابات، وذلك بعد الاستشارات النيابية وتسميته من قبل 86 نائبًا (من أصل 128) يمثلون نواب تحالف 14 آذار الـ71 ونواب حركة أمل (التي يتزعمها نبيه بري) وحزب الطاشناق (حزب أرمني).

وفي السابع من سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، وبعد شهرين ونصف الشهر من تكليفه بتشكيل الحكومة، قدم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان تصورًا لتشكيل الحكومة، إلا أن المعارضة رفضت تلك التشكيلة.

وفي العاشر من الشهر نفسه، أعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية اعتذاره عن تشكيل الحكومة، إلا أنه في الـ 16 من الشهر نفسه أعاد الرئيس تكليفه لتشكيل الحكومة، بعد أن أعاد أكثرية نواب مجلس النواب تسميته لرئاسة الحكومة بالاستشارات النيابية، وبعد حوارات ومناقشات ومفاوضات شاقة استطاع أن يعلن عن تشكيل حكومته الأولى بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.

واجهت حكومته صعوبات عديدة، خصوصًا بعدما بدأ يقترب صدور القرار الظني بجريمة اغتيال والده رفيق الحريري، وإصرار وزراء حزب الله وحركة أمل، والتيار الوطني الحر (بزعامة ميشال عون) على طرح موضوع شهود الزور بالقضية وطلب إحالتهم للمجلس العدلي.

وأدى كل ذلك إلى إعلان وزراء تكتل "الإصلاح والتغيير" (التابع للتيار الوطني الحر) وحركة أمل وحزب الله، في 12 يناير/ كانون الثاني 2011، استقالتهم من الحكومة، وذلك بعد وصول محاولات تسوية مشكلة المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الحريري إلى طريق مسدود.

وأدت استقالة الوزراء الأحد عشر، إلى فقدان الحكومة (30 وزيرًا) لنصابها الدستوري (أي ثلث +واحد) وبالتالي اعتبارها مستقيلة.

وبعد سقوط الحكومة، غادر لبنان العام 2011 ليعيش متنقلًا بين فرنسا والسعودية، ثم عاد إلى البلاد في أغسطس/ آب من العام 2014.

ظل الحريري واحدًا من أهم أقطاب السياسة اللبنانية، وأنهى مسيرة البحث عن رئيس للبنان بقبول مرشح قوى "8 آذار" ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016  ودعمه لذلك الترشيح.

وبعدَ انتخاب عون رئيسًا للبلاد، قامَ الأخيرُ بتكليفِ الحريري رسميًا لرئاسَةِ الحكومة، وذلكَ في 11 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2016، ونال الحريري 110 أصوات من نواب البرلمان البالغ عددهم 126 بعد استقالة أحدِ النواب، وشكّل حكومته الثانية بعد 40 يومًا من التكليف.

استقالة وأزمة

في  الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2017، توجه الحريري في زيارةٍ مُفاجئة إلى السعودية، ليعلن في اليوم التالي استقالة حكومته - أثناء زيارته السعودية - في كلمةٍ مُتلفزةٍ مفاجئة بثتها قناة العربية، مما سبب صدمة في لبنان على المستويين الشعبي والسياسي.

وهاجم الحريري في كلمته إيران وحزب الله مباشرة، معتبرًا أن الأجواء في لبنان تشبه الأجواء التي سبقت اغتيال والده، واعتبر أن إيران لم تضع يدها في أي مكان في الوطن العربي إلا وحل فيه الخراب والدمار، وأن حزب الله أصبح يوجه سلاحه باتجاه اللبنانيين والسوريين واليمنيين بدل إسرائيل، وأنه لمس محاولة لاغتياله وإنهائه.

وإقليميًا، عرفت علاقاته مع النظام السوري توترًا شديدًا في بداية حياته السياسية على خلفية اتهام قوى "14 آذار" لسوريا بالوقوف وراء اغتيال والده، لكن هذه العلاقة عرفت بعض التحسن بعد الزيارة التي قام بها لدمشق بصفته رئيسًا لوزراء لبنان في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2009، إلا أن الحريري اتخذ منذ بداية الثورة ضد النظام السوري موقفًا داعمًا لها.

وكان الحريري قد التقى قبل ذلك بيوم واحد، علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، الذي أعلن من السراي الحكومي أن إيران تحمي استقرار لبنان، الأمر الذي دفع بعض المحللين إلى القول إن تصريحات ولايتي أثارت قلق الحريري بشأن تنامي نفوذ إيران وحليفها حزب الله في لبنان.

 وفي الـ18 من الشهر نفسه، وصل الحريري إلى العاصمة الفرنسية باريس رفقة زوجته.

عاد الحريري إلى بيروت الأربعاء في الـ 22 من نوفمبر/تشرين الثاني 2017 للمشاركة باحتفال عيد الاستقلال كما سبق وأعلن، وبعد أن قابل رئيس الجمهورية ميشال عون، أعلن أنه سيتريث في تقديم استقالته وذلك بناءً على تمني رئيس الجمهورية عليه.

تراجع بانتخابات 2018

وفي السادس من مايو/ أيار 2018، أعلن الحريري أن الانتخابات التي شهدتها لبنان أعطت تيار المستقبل كتلة من 21 نائبًا، ما يعني أنه خسر ثلث المقاعد التي فاز بها في آخر انتخابات، وكان التيار فاز بـ35 مقعدًا في انتخابات العام 2009.

يشار إلى أن النتائج غير الرسمية، قد أشارت إلى فوز جماعة حزب الله الشيعية وحلفائها السياسيين بأكثر من نصف المقاعد في الانتخابات البرلمانية اللبنانية.

وبعد انتظار استمرّ تسعة أشهر، من تكليف عون للحريري تشكيل حكومة الثالثة له، أعلن الحريري حكومته الثالثة من 30 وزيرًا في الـ 31 من  يناير/ كانون الأول 2019.

نشأته

ولد الحريري في الـ 18 من أبريل/ نيسان 1970، في السعودية حيث كان والده رفيق الحريري يعمل، وقد حصل والده والعائلة على الجنسية السعودية العام 1978، ويحمل إلى جانب جنسيته اللبنانية، الجنسيتين السعودية والفرنسية.

في العام 2007، منح رئيس الجمهورية الفرنسي، جاك شيراك، الحريري وسام جوقة الشرف.

وفي العام 2014 منح رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد ميشال سليمان، الحريري وسام الاستحقاق اللبناني من رتبة الوشاح الأكبر.

ويترأس الحريري مجلس إدارة شركة "سعودي أوجيه"، إحدى أهم شركات الأشغال العامة في العالم، وشركة "أوجيه الدولية للأعمال الدولية"، وهي شركة استشارات وأعمال مقرّها في فرنسا.

وهو أيضًا مؤسس ورئيس شركة "أوجيه تيليكوم"، ولديه استثمارات في عدة مشاريع متعلقة بالاتصالات والعقارات في كل أنحاء العالم.

تخرّج سعد الحريري من جامعة جورج تاون بالعاصمة الأمريكية واشنطن، وحاز على إجازة في إدارة الأعمال الدولية في العام 1992.

وهو متزوج من السورية لارا العظم، ابنة بشير العظم أحد أهم المقاولين السوريين في السعودية، ولديهما من الأبناء: حسام الدين، لولوة، عبد العزيز.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com