العراق.. جماعة "القربان" بين الانحراف الديني والتوظيف السياسي

أثار ظهور جماعة شيعية تطلق على نفسها "القربان" في محافظة ذي قار جنوبي العراق تؤمن بألوهية الإمام علي بن أبي طالب وتدعو أفرادها إلى الانتحار، حالة من الجدل داخل الأوساط الشعبية والدينية في البلاد.

وفي 21 مايو/ أيار الماضي، أعلنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في بيان، القبض على 4 أفراد ينتمون لجماعة القربان في محافظة ذي قار دون إعطاء تفاصيل عن الجماعة وأهدافها.

ورغم شح المعلومات المتوافرة عن جماعة القربان، فإن وسائل إعلام محلية ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي ذكروا أن الجماعة تقوم على فكرة قيام أفرادها بالانتحار عن طريق القرعة وتقديم أنفسهم كقرابين للإمام علي بن أبي طالب.

نشأة الجماعة

تعود بدايات ظهور الجماعة إلى زيارات متكررة لبعض أعضائها سيرًا على الأقدام إلى مرقد الإمام علي بن موسى الرضا في مدينة مشهد الإيرانية، بحسب مراقبين.

وبحكم أن الزيارات تتطلب عدة أسابيع فقد نشأت علاقة بين أفراد جماعة "القربان" وجماعة إيرانية تعتنق الأفكار نفسها، حيث ارتفع عدد أفراد الجماعة داخل العراق إلى أكثر من 500 فرد يرتبطون بزعيم يقيم في إيران لم يكشف عن هويته.

وسائل إعلام محلية نقلت عن مصادر في محافظة ذي قار، أن تسمية الجماعة بهذا الاسم تعود إلى شخصية معروفة بالأوساط الدينية في ذي قار يدعى حمدان الشاكري، لقي مصرعه بحادث سير خلال زيارته مرقد الإمام علي الرضا في إيران، في حزيران/ يونيو العام 2018.

وبعد مصرع الشاكري، أطلقت الجماعة لقب "القربان" على كل من يموت من أفرادها.

طقوس غريبة

وأثارت جماعة "القربان" التي تتبنى طقوسا غريبة قلق الأوساط الدينية والشعبية في العراق، إذ ترتكز الجماعة على مبدأ التضحية بالنفس واختيار الشخص المنتحر أو المضحي بنفسه عن طريق القرعة في مجلس عزاء لإحياء ذكرى الإمام علي أو أحد أبنائه وأحفاده.

ويشارك أعضاء الجماعة وأغلبهم من ذوي التعليم المنخفض في موكب "الشور" للعزاء، ويقومون بلطم وجوههم وصدورهم بعنف على إيقاع "اللطميات" الشيعية.

وكانت الجماعة تقيم تجمعاتها في أماكن محددة بقضاء سوق الشيوخ جنوب ذي قار وتنضوي تحت لواء أكبر "المواكب الحسينية"، إلا أن طقوس الجماعة الغريبة تسببت في نبذهم من قبل المجتمع المحلي وحدوث انشقاقات بين صفوف أعضائها.

أسباب الظهور

ويعزو مراقبون ونشطاء أسباب ظهور جماعة "القربان" إلى حالة الفوضى التي يمر بها العراق والأزمات التي عصفت بالمجتمع منذ العام 2003، كارتفاع نسبة الأمية والجهل وسوء الأوضاع الاقتصادية وبعض الفتاوى الدينية المتطرفة.

ولا يستبعد مراقبون أن يكون وراء ظهور الجماعة دوافع سياسية تحت غطاء ديني كما حصل مع جماعات أخرى كـ "جند السماء" و"أصحاب الحق" لاستخدامهم في تحريف بعض الفتاوى الدينية وتوظيفها في صراعات القوى السياسية على النفوذ.

ويحظر الدستور العراقي إنشاء كيانات تتبنى "العنصرية" أو "الإرهاب" أو "التكفير" أو "التطهير العرقي"، وكل من يحرض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر لها، وتصل عقوبة كل من يؤسس أو ينتمي لتلك الكيانات إلى السجن المؤبد أو الإعدام، وفقًا لقانون العقوبات العراقي.