هل تقترب واشنطن من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
هل تقترب واشنطن من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟هل تقترب واشنطن من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

هل تقترب واشنطن من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

يتطلع السودانيون بعد نجاح ثورة كانون الأول/ ديسمبر الماضي، إلى الخروج من العزلة الطويلة والاندماج في المجتمع الدولي من جديد، بالخروج من لائحة الدول الراعية للإرهاب.

وأدرجت الحكومة الأمريكية السودان على قائمتها للدول الراعية للإرهاب في 1993؛ بسبب مزاعم بأن حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير آنذاك كانت ترعى الإرهاب.

اختبارات أداء

وقال الأكاديمي والمحلل السياسي بروفيسور عبد مختار، العائد قبل أيام من واشنطن، إن الخارجية الأمريكية باتت مقتنعة برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.

وأضاف مختار لـ "إرم نيوز" أنه أجرى مقابلة مع مدير مكتب المبعوث الأمريكي الخاص لدولتي السودان وجنوب السودان، بريان هنت، بشأن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان. وقال إن هنت أبلغه بأن الحكومة الأمريكية ستختبر أداء الحكومة الانتقالية في السودان لـ 6 أشهر من أجل الاطمئنان.

وأوضح أن المسؤول الأمريكي أكد له رفع العقوبات بعد مدة الاختبار لانتفاء الأسباب الداعية لفرضها إبان حكم نظام الإنقاذ ودعمه للإرهاب وإيواء الإرهابيين، على حد وصفه، مشيرًا إلى أن فترة الستة أشهر ضرورية لجهة وجود إجراءات قانونية تتم بالشأن مع الكونغرس الأمريكي.

شروط مهمة

ونقل مختار عن هنت أن بعض المنظمات أيضًا سترفع تقارير إلى وزارة الخارجية بشأن ملف السودان وأداء الحكومة الجديدة في الشروط الخاصة بالسلام والإرهاب، والوضع الخاص بحقوق الإنسان.

ويرى أستاذ القانون الدولي بالجامعات السودانية، بروفيسور صلاح الدومة، أن إزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب سيتحقق بالشروط الثلاثة التي ذكرها وكيل الشؤون السياسية في وزارة الخارجية الأمريكية ديفيد هيل، بالخرطوم الشهر الماضي.

وقال الدومة لـ "إرم نيوز": إن اشنطن سترفع العقوبات كاملة عن السودان بعد تحقق السلام بالاتفاق بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية.

تقارب الأطراف

وأضاف أن الحكومة سعت للسلام بتشكيل مفوضية للسلام، وتحدثت بشكل إيجابي وبجدية للوصول إلى السلام، مشيرًا إلى أن الطرف الآخر "الجبهة الثورية" بعد خطاب عدائي وموقف متشدد موجه لقوى الحرية والتغيير؛ عادت وأصبحت أقرب للسلام.

وتوقع الدومة الوصول إلى سلام قريب يفضي إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد تحقيق السلام مع الجبهة الثورية وحاملي السلاح.

صفحة جديدة

يدفع أمل السودانيين في الخروج من القوائم السوداء الدولية تصريحات واشنطن الإيجابية للتعاطي مع الوضع الجديد في السودان.

ويقول القائم بالأعمال الأمريكي في الخرطوم، استيفن كوتسيس، إن واشنطن مستعدة لتطوير الشراكة مع الحكومة الانتقالية.

وذكرت سفارة واشنطن بالخرطوم أيضًا أنها تعلن بكل فخر أن العديد من الوزراء الذين أدوا اليمين الدستورية، الخميس الماضي، هم من خريجي برامج التبادل، ما يعزز فرص التقارب حد التطبيع بين الخرطوم وواشنطن.

وأكدت في تغريدة لها بـ "تويتر" عقب إعلان الحكومة: "لم يتوقف تعاونهم مع ‎السودان من خلال هذه البرامج مطلقًا وسيقفز هذا التعاون للمضي قدمًا".

تطورات إيجابية

وفي وقت تقود فيه دول غربية وشخصيات مؤثرة محاولات لإخراج السودان من نفق العزلة الدولية؛ تؤكد مفوضية حقوق الإنسان الدولية أن التطورات الإيجابية في السودان مدعاة للاحتفاء، وتبدي استعدادها لمساعدة الحكومة الجديدة حسب المفوض السامي ميشيل باشليت.

وشكلت دول غربية صديقة للعهد الجديد في السودان أفصح عنها وزير الخارجية الألماني خلال زيارته للخرطوم الأسبوع قبل الماضي بما سماها "أصدقاء السودان"، وقال إنها ستقود حملة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن السودان أواخر الشهر الحالي.

وورد ضمن قائمة المدعوين والذين سيقدمون خطابات أمام الجمعية العامة بنيويورك رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك، الذي يقود وفد بلاده كثاني أكبر مسؤول سوداني يخاطب الأمم المتحدة، بعد النائب الأول للرئيس المخلوع عمر البشير علي عثمان محمد طه طوال 30 عامًا الماضية من حكم النظام البائد.

رأي فني

لكن الخبير الدبلوماسي الرشيد أبو شامة يرى أن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ليس بالأمر السهل، وأوضح أن القرار ليس في يد السلطة التنفيذية الأمريكية، وأنه لا بد من عبوره عبر السلطة التشريعية في واشنطن "الكونغرس".

وأشار أبو شامة الذي شغل سفير السودان لدى واشنطن سابقًا، في حديثه لـ "إرم نيوز"، إلى أن زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للخرطوم الأسبوع قبل الماضي كشفت عن الشروط الجديدة لبلاده من أجل رفع العقوبات بعد استيفائها.

شرط صعب

وقال إن مسألة رفع السودان من لائحة العقوبات يحتاج لوقت ولن يحدث إلا بعد حلول السلام مع الحركات المسلحة واستيفاء شروط أمريكا التي اعتبرت موقف السودان فيها بالجيد عدا السلام.

وأوضح أن أكبر عقبة أمام السودان الآن هي السلام، وتوقع أن ترفع الجبهة الثورية والحركات الحاملة للسلاح سقف مطالبها خاصة بعد أن ارتبط القرار الأمريكي بوقف الحرب وإحلال السلام.

وأضاف: "الحركات المسلحة تريد توظيف كل ثمار الثورة السودانية لصالحها"، وتوقع أبو شامة أن يكون التفاوض مع "الثورية" أمرًا صعبًا، ودعا لمنحهم حقوقهم دون التفريط في الحق العام للسودانيين.

ليالٍ طويلة

يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي مجاهد بشير أن مفاوضات رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب مع الولايات المتحدة الأمريكية بدأت منذ سنوات عديدة خلال عهد نظام الإنقاذ، خاصة بعد تراجع غلواء التوجهات الأيديولوجية المتطرفة والسياسات غير المحسوبة في بداية ذلك العهد.

وأوضح أن المفاوضات بين الخرطوم وواشنطن ركزت حينها على التعاون في مجال الإرهاب، كما تضمنت الشروط الأمريكية قضايا أخرى منها السلام والممرات الإنسانية لإغاثة اللاجئين، والحريات الدينية، وحقوق الإنسان.

وأسفرت، بحسب بشير، تلك العملية المستمرة عن رفع بعض العقوبات الأمريكية عن السودان في وقت سابق خلال عهد نظام الإنقاذ 1997، ومن الواضح أن ثورة ديسمبر والحكومة الحالية التي نشأت عن هذه التطورات تشكل تغييرًا كبيرًا في الوضع الداخلي في السودان، ما يعطي دفعة قوية لمسار رفع البلاد من قائمة الإرهاب الأمريكية.

تطورات ومفاجآت

ويرى الكاتب في حديثه لـ "إرم نيوز" أنه بناءً على كل ذلك فإن رفع اسم السودان من القائمة خلال الأشهر المقبلة لن يكون مفاجئًا، وربما تكون المفاجأة هي عدم حدوث ذلك، خاصة أن التطورات في الداخل حاليًا تمضي باتجاه إبرام صفقات بين مختلف الأطراف في المشهد لإعادة الاندماج في المجتمع الدولي وإحداث نوع من الاستقرار لمعالجة المشكلات الاقتصادية، والحفاظ على مكاسب هذه الأطراف أو حصول بعضها على مكاسب ضمن هذه العملية الناشئة.

خطوة جوهرية ولكن

وأن الأهم في هذا الأمر كله، فيما يرى بشير، أن لا يتم التعويل على رفع العقوبات باعتباره حلًا سحريًا للمشكلات الاقتصادية في البلاد.

وقال: "صحيح أنه يمثل خطوة جوهرية إلى الأمام، ومطلب لا غنى عنه لمعالجة الأزمة الاقتصادية، لكنه ليس كافيًا، وفي الشرق الأوسط على سبيل المثال، دول لم تفرض عليها عقوبات أمريكية ذات بال ولم يوضع اسمها في قائمة الإرهاب، وليست محرومة من المساعدات والقروض الدولية، لكنها تعاني مشكلات اقتصادية وتعثرًا وضغوطًا تتعلق بالعجز وخلل الميزان التجاري، ومنها تونس ومصر على سبيل المثال".

وأضاف: "لذلك يجب أن لا يتم بيع الأحلام للناس، ويجب توضيح أنها خطوة أساسية لحل الأزمة، لكنها وحدها غير كافية ما لم تتبعها جملة متغيرات سياسية وتخطيطية وإدارية وتحديد الخيارات الاقتصادية والتنموية والمالية الصحيحة.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com